المقاومة تفرض نفسها على الأرض
المقاومة تفرض نفسها على الأرض
يمني برس/
في قراءة مستفيضة لعمليات المقاومة الفلسطينية الأخيرة، هناك استنتاج من قبل مُحلّلين عسكريين أنّ هذه العمليات لا تتعلّق بمتغيّرات ظرفية فقط، وإنّما هي جزء من مسار واستراتيجية أوسع نطاقاً وأخطر تأثيراً على إلحاق الهزيمة لجيش العدو الصهيوني، الأمر الذي يزيد من ورطة الاحتلال وانغماسه في وحل جبهات القتال بقطاع غزة.
وبحسب هؤلاء المحللين تشير معطيات الأيام الأخيرة للمعارك إلى أن أيّ جولة من جولات القتال التي تفرضها آلة الحرب الصّهيونية مهما بلغت فيها نسبة التدمير بحُكم تفوّق الكيان الصهيوني العسكري، فهي لن تسلب إرادة الشعب الفلسطيني ومقاومته في الردّ والدفاع والردع، كما لن تؤدّي إلى إضعاف قدرات وخزان الشعب الفلسطيني.
فخلال الجولات الأخيرة من المواجهة التصعيدية ضد قوات العدو، يرى المحللون أن هذا الإبداع في أساليب المقاومة الفلسطينية لم يكن مجرد رد فعل للأحداث الجارية، بل كان نتيجة تخطيط وتفكير استراتيجي يعكس مدى نضجها وتطورها.
ووفق المحلّلين فقد حافظت المقاومة على قدراتها القتالية ومنعت جيش العدو من استنزاف قوّتها العسكرية في معارك مفتوحة يستخدم فيها العدو قوّة نارية جوّية كبيرة وغير مسبوقة.
ويشير المحللون في السياق نفسه إلى أن المقاومة الفلسطينية استطاعت استيعاب المجهود الحربي الصهيوني ومواصلة التصدّي وتنفيذ العمليات الخاطفة، وبالتالي فإن إطالة أمد بقاء جيش العدو في غزة يعني بالضرورة مزيدا من الخسائر في صفوفه.
ومن هنا توافقت قراءات المحللين على أن القوة النارية التي تستخدمها المقاومة والقدرات العسكرية والتسليحية التي تمتلكها، والتكتيكات والتقنيات والإعداد والإمكانيات الاستخبارية والاستطلاعية والمراقبة، قد أعادت فيها المعارك إلى الأيام الأولى من معركة “طوفان الأقصى”.
وبهذا المعنى يجُمع المحللون على أن تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية خلال الأيام الأخيرة على نحو لافت، بدءاً من قصف “تل أبيب” بالصواريخ بعد انقطاع لأشهر وصولاً الى تنفيذ عمليات نوعية في شمال القطاع وجنوبه والتي أدت إلى قتل وجرح وأسر عدد من الجنود الصهاينة، ما هي إلا بداية لمرحلة جديدة تفرض فيها المقاومة نفسها على أرض الواقع.
ومؤخراً، نجحت كتائب القسام عبر تنفيذها عملية نوعية جديدة في حي القصائب بمخيم جباليا شمال قطاع غزّة من قتل وجرح وأسر عدد من جنود العدو الذين تم إرسالهم لاستعادة الأسرى.
وقال أبو عبيدة المتحدث العسكري باسم کتائب القسام: إن كتائب القسام تمكنت من قتل وجرح وأسر عدد من جنود العدو، في عملية كمين معقدة في معسكر جباليا شمال قطاع غزة.
وأضاف: “نفّذنا عمليةً معقدةً شمال قطاع غزة من خلال جرّ القوات الصهيونية إلى أحد الأنفاق، وتمكنّا من الاشتباك مع العدو من مسافة قريبة”.
وفي استهداف جديد، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أن مقاتليها نفذوا الثلاثاء عملية “مركبة” باستدراج قوة “صهيونية” لأحد الكمائن شرقي رفح، وتفجير عبوة رعدية فيها، وقتل أربعة من أفرادها وإصابة عدد آخر.
وأضافت القسام: إنه فور وصول قوات النجدة “تمكن مجاهدونا من قنص جنديين من أفراد القوة، وخلال محاولة مجاهدينا أسر أحد الجنود قام العدو بقتله”.
ومع احتدام المعارك في قطاع غزة وفشل العدو في تحقيق أهدافه، فقد بدت إشارات الإقرار بالفشل تخرج من أوساط الاحتلال العسكرية والسياسية ما يعني اعترافاً صهيونياً بصعوبة إخضاع وكسر إرادة المقاومة الفلسطينية.
وللدلالة على أن جيش العدو الصهيوني لم يعد لديه مزيد من طاقة التحمل، بل الانكسار أمام ضربات المقاومة توقع الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي أن تكون هناك عملية تمرد على الأوامر في صفوف جيش العدو نتيجة انخفاض الروح المعنوية وكسر الإرادة على القتال.
وقال العقيد الفلاحي: إن جيش العدو يقع في مأزق كبير جدا، لأنه يتلقى ضربات متواصلة من فصائل المقاومة الفلسطينية في مختلف مناطق قطاع غزة، ويتعرض لكمائن ينصبها له مقاتلو المقاومة.
وأضاف في تحليل لموقع “الجزيرة نت”: إن المقاومة الفلسطينية، ورغم إمكانياتها البسيطة والحصار المفروض عليها برا وبحرا وجوا، تقوم بتنفيذ عمليات نوعية وعلى مستوى عال من الدقة ومن التخطيط والسيطرة.
وعلى ضوء الخسائر والتخبط الذي يلاحق جيش العدو على مستوى التخطيط واستخدام القوات وعلى مستوى الأهداف الإستراتيجية، يتوقع الفلاحي أن فصائل المقاومة سترفع من سقف المفاوضات مع الكيان الصهيوني بشأن صفقة تبادل الأسرى، خاصة أن رئيس وزراء كيان العدو بنيامين نتنياهو كان يهدد برفح وهو الآن دخلها، ولكن قواته تتلقى الضربات والخسائر بسبب العمليات النوعية التي تقوم بها المقاومة.
وفي الوقت الذي تواصل المقاومة عملياتها في مختلف المحاور، أقر جيش العدو الصهيوني اليوم الخميس، بمصرع جندي من الكتيبة “101” في لواء “المظليين” وإصابة ثلاثة آخرين إصابات خطرة خلال المعارك مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة.
وبمصرع هذا الجندي، ارتفعت حصيلة قتلى جيش العدو منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر إلى 642، من بينهم 291 سقطوا منذ بداية العملية العسكرية البرية في قطاع غزة.. إضافة إلى ذلك، أُصيب 3620 جندياً، وفقاً لما سمح بنشره جيش العدو الصهيوني.
أخيراً وبالنظر إلى قدرات المقاومة الفلسطينية فإن معظم المحللين العسكريين يؤكدون أن وقائع الميدان في قطاع غزة تتجه لمسار مهم ربما غير مسبوق في تاريخ المقاومة بعد أن استطاعت احتواء المد أو التفوق العسكري لجيش العدو ومن ثم نجحت في استدراجه إلى ملعبها وقواعد الاشتباك التي تناسبها، في دلالة على أنها تمكنت من امتلاك المبادرة مجدداً.