تحركات سعودية إماراتية مشبوهة
تحركات سعودية إماراتية مشبوهة
يمني برس/
كشف قياديون من أبناء المحافظات الجنوبية عن أجندات خطيرة تنفذها دولتا العدوان والاحتلال السعودية والإمارات بالمحافظات المحتلة لاستهداف وحدة اليمن وسيادته.
وأشار عدد من قيادات ومحافظي المحافظات الجنوبية من خلال مشاركتهم وما قدموه من أوراق عمل في الندوة التي نظمتها السلطات المحلية بالمحافظات الجنوبية بعنوان “الوحدة اليمنية وأهميتها الوطنية والاستراتيجية” إلى صراع النفوذ الذي تخوضه السعودية مع الإمارات في المحافظات المحتلة من خلال إنشاء المزيد من المليشيات المسلحة في إطار استغلال القضية الجنوبية لخدمة أجنداتهما وأطماعهما الخاصة والتي لن تتأتى من وجهة نظرهما إلا بعد القضاء على الوحدة.
ففي هذا السياق أشار القيادي الجنوبي محمد القادري إلى أن أبوظبي والرياض أفرغتا الحراك الجنوبي من سلميته وأنشاتا مليشيات جنوبية تعمل على تنفيذ أجندتهما التي تهدف إلى إعادة التاريخ في الجنوب ليس إلى ما قبل ٢٢ مايو ١٩٩٠م فقط، كما يتوهم المرتزقة الموالون للإمارات، بل إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، وإلى ما قبل ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧، و١٤ أكتوبر ١٩٦٣م.
وأكد أن المؤشرات على الأرض تشير إلى أن المؤامرة التي تحيكها السعودية والإمارات في المحافظات الجنوبية المحتلة أكبر من القضية الجنوبية.. مبينا أنه وبعد قيام ثورة 21 سبتمبر التحررية الرافضة لأية وصاية أو تبعية أو تدخل خارجي في الشأن اليمني، أحست السعودية خصوصاً بعد تساقط عملائها أن الأذرع التي تمكنها من التدخل في اليمن قد قطعت وولى زمن تعيين الحكومات اليمنية من الرياض إلى غير رجعة، فأعلنت عدوانها الغاشم على اليمن، والذي اعتبرته فرصة لن تتكرر للنيل من الوحدة اليمنية وإضعاف المجتمع اليمني والدولة اليمنية بشكل عام.
وقال “سعت الرياض ومعها دويلة الامارات ومن تحالف معهما ودعمهما لوجستياً وفي المقدمة أمريكا واسرائيل ودول الغرب إلى السيطرة على الموانئ والمطارات، كما عملت في المناطق التي احتلتها على تشكيل المليشيات والنخب المتنافرة ودعمها بالمال والسلاح، وإدخالها في حروب مفتوحة”.
ولفت القادري إلى أن السعودية والإمارات عملتا على مدى سنوات العدوان على تغيير المعطيات في اليمن والتي قادت إلى ظهور نوع من التشظي والانقسامات التي باتت تهدد الوحدة اليمنية، وأبرز تلك التدخلات نقل البنك المركزي إلى عدن، وتشكيل مليشيات مدعومة من الإمارات تابعة لما يعرف بـالمجلس الانتقالي، بالإضافة إلى إحكام الأخيرة سيطرتها المباشرة وغير المباشرة على مواقع حيوية واستراتيجية، أغلبها ساحلية، كأرخبيل سقطرى، وجزيرة ميمون، والموانئ الرئيسية في البلاد كموانئ عدن وبلحاف وقشن بالمهرة.
وأضاف “في المقابل دخلت قوات سعودية إلى محافظتي المهرة وحضرموت، بالتزامن مع اقتطاع الرياض مساحات واسعة من الأراضي اليمنية تقدر بـ 45 ألف كيلو متر مربع بصحراء حضرموت، وقيامها بإزالة العلامات الحدودية بهدف الاقتراب من البحر العربي، سعياً منها إلى فصل حضرموت والمهرة عن اليمن”.
وأكد القيادي القادري أن الإمارات مثلها مثل السعودية التي تدعم الانفصال للسبب نفسه وهو الحرص بأن لا يكون هناك يمن قوي ظناً منها أنه يشكل خطراً على مصالحها.. ولهذا عملت في العام 2017م على تشكيل ما يسمى “المجلس الانتقالي” التي ترعاه أبو ظبي مالياً وعسكرياً وسياسياً ككيان هدفه الأول المطالبة بالانفصال.
واستدرك بالقول “ولكن لدى الإمارات أكثر من سبب لتقسيم اليمن، ومن تلك الأسباب طموحها في توسيع نفوذها الإقليمي عبر الممرات المائية، وبسط نفوذها على السواحل والموانئ والقنوات المائية الدولية، وبالتالي فإن وجود دولة قوية في اليمن الموحد لن يسمح لها أو لغيرها من الدويلات الطارئة باحتلال موانئه وجزره وممراته المائية”.
وعلى مدى السنوات الماضية عملت السعودية والإمارات بكل الوسائل على تمزيق الوحدة اليمنية، بعد ثلاثة عقود من تحقيقها، غير عابئة بمشاعر الشعب اليمني المتمسك بمنجز الوحدة التي خاض من أجلها نضالات طويلة، وقدم خلالها تضحيات كبيرة.
وبعد تسع سنوات من فشل تحالف العدوان في تحقيق أي من أهدافه العسكرية، ومع تنامي وعي الشارع اليمني وإدراكه لأهداف العدوان الخبيثة، انتقلت دول العدوان إلى مربع شرعنة المليشيات من خلال تشكيل مجلس رئاسي مكون من سبعة أعضاء معظمهم قادة مليشيات موالية للسعودية والإمارات، ورئيس للمجلس معروف بولائه المطلق لأمريكا، بعدما انقلبت بشكل مهين ودون أدنى اعتبار على الرئيس الفار والمنتهية ولايته عبد ربه هادي وانتزعت منه كافة صلاحياته ووضعته تحت الإقامة الجبرية.
وبحسب محافظ حضرموت لقمان باراس، والقيادي الجنوبي القادري فقد حرصت الرياض منذ بدء العدوان على اليمن، على إبقاء حضرموت الوادي والصحراء، بعيدة عن الصراع، لإدراكها أن القوات الموجودة هناك موالية لها، وأن لا صعوبات بالنسبة إليها في نشر أي قوات عسكرية لها هناك، على عكس المهرة التي ترفض ذلك الوجود وتصفه بالاحتلال.
ولفتا إلى أنه ونتيجة لتحركات “المجلس الانتقالي” المدعوم من الامارات، وتوعّده بالسيطرة على الوادي والصحراء، خلال العامين الماضيين، عملت الرياض على إبقاء حضرموت تحت وصايتها إلى جانب قيامها بإحياء عدة مشاريع مناطقية قديمة.
وأوضح باراس والقادري أن المملكة تحاول من خلال تحركاتها في حضرموت العودة إلى تحقيق الأجندات التي تعود إلى مطلع ستينيات القرن الماضي، فقد سبق للسعودية إلحاق منطقة ثمود النفطية بأراضيها، بعد أن أثبتت شركة “بان أميركان” عام 1961م وجود كميات كبيرة من النفط في صحراء ثمود، وهو الأمر الذي أثار رغبة الرياض في ضم المديرية إليها ودفعها إلى اختلاق خلافات مع اليمن حينها، وعلى إثرها توقفت الشركة، إلا أن الرياض لم تتوقف عن محاولات ضم المديرية بهدف الاستحواذ على الثروة النفطية.
وعلى مدى العقود الماضية، وقفت السعودية عبر أياديها المختلفة أمام عدم استخراج الثروة النفطية في ثمود، كما سبق لها أن أوقفت أعمال التنقيب عن النفط في الشريط الحدودي بين شرورة وحضرموت طيلة العقود الماضية، وها هي اليوم تعود إلى حضرموت تحت ذرائع وعناوين مختلفة.
ويرى باراس والقادري أن السعودية قد تمكّن حكومة المرتزقة وما يسمى “الانتقالي” من ممارسة دور شكلي في إدارة محافظات عدن وأبين والضالع ولحج، ولكنها ستنفرد بالملفات في حضرموت والمهرة وشبوة.
واعتبرا إعلان السعودية العام الماضي وتحديدا عشية الذكرى الـ 56 لعيد الاستقلال الـ 30 نوفمبر 1967م، عن استكمال تأسيس هيئة عليا لدولة حضرموت، رسالة واضحة بأن الرياض تسعى لتنفيذ مشروع تقسيم اليمن إلى دويلات، حيث أُعلن في العاصمة الرياض عن تشكيل قوام وهيئات مجلس حضرموت.
وأشارا إلى أن خطورة هذا التحرك تتمثل بأنه يأتي في إطار تحركات سياسية تهدف لاستقلال القرار الحضرمي بعد استكمال تشكيل هيئات سياسية بدعم سعودي وأمريكي واضح.
بدأت السعودية تشكيل ما يسمى “مجلس حضرموت الوطني” قبل عامين عقب مشاورات استمرت لأشهر في العاصمة الرياض، تحت ذريعة مواجهة مطالب المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات في عدن، وتحت هذا الإيقاع سعت لإنشاء كيانات جديدة تحاول من خلالها انتزاع حضرموت من اليمن مستغلة الانقسام والعدوان الذي يتعرض له البلد.
وتحت أكثر من مبرر تعمل السعودية والإمارات على ضرب الوحدة اليمنية وتفتيت البلد، ليتسنى للرياض قضم أجزاء من أهم المحافظات اليمنية وأغناها وأكبرها مساحة، بينما تستحوذ أبوظبي على الجزر والموانئ اليمنية.
وبهذا الصدد أوضح محافظ عدن طارق سلام أن تحركات دولتا العدوان والاحتلال في المحافظات الجنوبية هي امتداد لما كان سائد خلال العقود الماضية عندما سهلت الأنظمة السابقة للسعودية والإمارات وأمريكا التحكم بمجريات الأحداث في اليمن.
وأشار إلى أن تحقيق الوحدة جاء كضرورة حتمية ووفق إرادة شعبية من أجل استعادة السيادة الوطنية واستقلال القرار اليمني بعيدا عن التجاذبات والأطماع الخارجية، إلا أن القوى الخارجية عاودت تدخلاتها في اليمن عبر الأنظمة العميلة التي جعلت من اليمن دولة تابعة للسعودية وقوى الاستكبار وغير قادرة على الدفاع عن مصالحها ووحدتها.
وتطرق سلام إلى ما تقدمه الإمارات من دعم مالي وعسكري لمليشياتها المسلحة في المحافظات المحتلة والساحل الغربي بهدف تنفيذ أجنداتها الخطيرة في زعزعة استقرار اليمن وإضعافه وصولا إلى محاولة تفتيت وتمزيق البلد والسيطرة على أجزاء كبيرة من أراضيه ومياهه.
وقال “وإلى جانب ذلك تشن السعودية والإمارات حملات إعلامية منهجية لتشويه الوحدة اليمنية وإثارة الصراعات المناطقية، والتي كان لها انعكاسات خطيرة على أبناء المحافظات الشمالية نتيجة الممارسات الإجرامية التي تقوم به المليشيات المسلحة المدعومة من الإمارات لإثارة العداء بين أبناء الوطن الواحد”.
وأكد المحافظ سلام أن ما يتم تشكيله من مجالس وكيانات وتكتلات مناطقية في أكثر من محافظة جنوبية ودعمها من قبل السعودية والإمارات يهدف إلى تنفيذ أعمال تخريبية تستهدف الوحدة اليمنية وتعمل على فرض هذه المليشيات على أبناء المحافظات الجنوبية بالقوة وبالترهيب.
بدوره أشار عضو المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي الدكتور محمد النعماني إلى أن السعودية والإمارات استقطبتا منذ بداية العدوان القوى العميلة التي ناصبت الوحدة العداء وعملت فيما بعد على استغلالها لمصالحها الشخصية حتى أوصلت البلد إلى مرحلة صعبة أتاحت لهذه الدول الفرصة للتدخل المباشر في البلد والشروع في تنفيذ أجنداتها وأطماعها القديمة الجديدة.
وذكر أن من أخطر تحركات السعودية والإمارات في المحافظات إنشاء أكثر من 150 مركزا سلفيا في عدن وغيرها الكثير في المهرة وحضرموت والتي تسعى من خلالها لإيجاد صراعات مذهبية لم تكن موجودة في اليمن.
وكشف النعماني عن ما تقوم به دولتا العدوان من استقطاب للعائدين من القتال في سوريا والعراق وإنشاء معسكرات خاصة بهم في الساحل الغربي.. مؤكدا على المسؤولية الوطنية والأخلاقية التي تقع على عاتق كل أبناء الشعب اليمني سواء في المحافظات المحتلة أو الحرة في مواجهة المؤامرات التي تنطلق من الساحل الغربي.
ولفت إلى أهمية تعزيز الوعي الثوري الذي بدأ يتشكل في المحافظات المحتلة بعد أن بات الجميع هناك يدركون استحالة تحقيق أي تنمية أو استقرار في ظل استمرار الاحتلال، والذي لا يمكن مقارنته مع ما تنعم به المحافظات الحرة من عزة وحرية وما تسطره القيادة في صنعاء من مواقف صادقة وشجاعة في مواجهة قوى الهيمنة ونصرة قضايا الأمة.
وقال “مالم يتحقق في 1967م و1990م على مستوى التحرر ومواجهة قوى الهيمنة أصبح يتحقق اليوم بفضل ثورة 21 سبتمبر التصحيحية والتي جاءت بقيادة وطنية حرة استطاعت أن تفرض قواعد اشتباك جديدة وتحكم السيطرة على المياه الإقليمية والممرات البحرية وتقف في مواجهة مباشرة مع العدو الصهيوني الأمريكي نصرة لفلسطين وقضايا الأمة”.
وأكد الدكتور النعماني أن اليمن الذي لم يستخدم موقعه الاستراتيجي طيلة سنوات العدوان عليه، استخدم أخيرا هذا الموقع في مواجهة العدو الصهيوني وقوى الاستكبار أمريكا وبريطانيا، ليتحول بذلك إلى دولة ذات ثقل تعلق عليها شعوب العالم الآمال في نصرة القضايا الإنسانية والقومية، ويساهم في صنع السلام في الشرق الأوسط.
وأجمع محافظو وقيادات المحافظات الجنوبية على أن الحديث عن الانفصال حالياً، يأتي في سياق مشروع إقليمي تتبنى أجندته أبو ظبي الحليف الاستراتيجي للسعودية، فكل المؤشرات تؤكد أن السعودية والإمارات، هما من تدفعان من خلال ممارساتهما في اليمن باتجاه تمزيق وتفكك البلد في إطار مشروع فصل جنوب الجنوب عن الشمال.
وأكدوا أن حل المشاكل اليمنية ومنها القضية الجنوبية يكمن في حوار يمني يمني ينهي كافة مخلفات الماضي ويعزز الوحدة الوطنية ويحميها بإنصاف كل المظلومين والمتضررين خلال الفترات الماضية وإصلاح مسار الوحدة اليمنية.
كما أكدوا أن المشاريع الاستعمارية التي انكشفت خلال السنوات الماضية تتطلب من كل اليمنيين الأحرار المحبين لوطنهم الوقوف صفاً واحداً ضد كل مشاريع التفرقة والتمزيق، والالتفاف حول القيادة الثورية ممثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي أكد في العديد من خطاباته التمسك بخيار الوحدة اليمنية وحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً، وتحرير كل المحافظات والمناطق وخروج القوات الاجنبية من كل شبر من أراضي اليمن ومياهه البحرية.