المقاومة الفلسطينية تنتصر ولا خيار أمام العدو الصهيوني إلا الانسحاب الفوري
بعد أكثر من تسعة أشهر من الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزة.. كل الشواهد والمعطيات على الميدان تؤكد أن المقاومة الفلسطينية انتصرت بفضل تكتيكاتها العسكرية غير المسبوقة التي سوف تُدرّس غداً في جميع أكاديميات العالم العسكرية، كما تُدرّس اليوم فنون حرب العصابات التي ابتدعتها.
المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية حماس، انتصرت أيضاً بفعل قوة سلاحها الذاتي الذي أكّد أن قوة السلاح لا تكمن في حجمه أو عدّته وعدده أو قوة تدميره، وإنما في طريقة استعماله، وفي إرادة من يحمله وتصميمه وشجاعته.
كما أن المقاومة الفلسطينية انتصرت بصمودها الأسطوري لأكثر من تسعة أشهر أمام جيش مُسلح بأحدث الأسلحة في العالم، ومدعوم من أكبر القوى العسكرية في الغرب وعلى رأسهم أمريكا.
انتصار المقاومة الفلسطينية أصبح حاجة مُلحّة عند شعوب المنطقة التوّاقة للتحرّر من عقدة الخوف التي بثتها فيها الأنظمة القمعية، وليس مجرّد أمنية عاطفية، وإنما استحقاق طبيعي يستحقه الفلسطينيون، جزاء لهم على صمودهم وصبرهم وتضحياتهم الكبيرة، وهو حتمية تمُسّكهم بقضيتهم فهم أصحاب حق شرعي وتاريخي طبيعي طوال العقود السبعة الماضية، تعرّضوا خلالها لكل أنواع الظلم.
وفي هذا السياق سخِر الكاتب الصهيوني جدعون ليفي من التقارير التي أصدرها العدو الصهيوني لوسائل إعلامه حول إعلانه خلال الأيام القادمة أنه تمكّن من القضاء على كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس.
وكشف ليفي في مقال له نشره في صحيفة “هآرتس” الصهيونية عن الخطة التي يهدف العدو إليها خلف ذلك الإعلان والتي تتمثل في إتاحة المجال لانسحاب معظم القوات الصهيونية من غزة ونقلها إلى الحدود الشمالية لشن حملة أخرى “مظفرة ومجيدة” في لبنان.
ولفت الكاتب الصهيوني إلى أن كل يوم يمر على كيان الاحتلال في غزة لن يفضي سوى إلى مزيد من الغرق.. قائلًا: “هب أنك سحقت كل كتائب حماس في رفح، التي كانت تبعدنا شعرة عن تحقيق نصر تام، فعليك أن تُخفي كل ما حدث لـ”إسرائيل” من الداخل والخارج وما يحول دون إعلان النصر، لأن الأهم هو مغادرة غزة”.
وأكد أن “إسرائيل” لم ولن تحقق أي نصر في غزة، وكان عليها أن تتظاهر بالنزول من الشجرة الملطخة بالدماء التي تسلقتها، وهي شجرة لم يكن عليها أن تتسلقها أصلًا.
وتابع مُستهزئًا: “من الأفضل لـ”إسرائيل” أن تتصنع النصر، وعليها الاعتراف أن حماس انتصرت دبلوماسيًا واجتماعيًا وأخلاقيًا واقتصاديًا”.
وأشار ليفي إلى أن وضع “إسرائيل” نهاية الحرب أسوأ بكثير مما كان عليه في بدايتها.. واصفا الحرب بأنها “لا لزوم لها”.. وذكًر أن الحروب تقاس بنتائجها، فنتائج حرب غزة كانت معروفة سلفًا حيث تجلت في تورط لا جدوى منه، وسفك دماء الفلسطينيين وكأنها ماء، وحوّل “إسرائيل” إلى دولة منبوذة و”كل ذلك من أجل لا شيء”.
وختم ليفي مقاله بالقول: “آن الأوان للخروج من غزة عبر اتفاق مع حماس ينهي الحرب ويؤدي إلى إطلاق الجنود الأسرى وآلاف السجناء الفلسطينيين.. والاتفاق غدًا أفضل منه بعد غد “وعلينا كـ”إسرائيليين” أن نتخلى عن كبريائنا، ونتحمل إهانة بقاء حماس بالسلطة، وعلينا أن نسارع لتحقيق ذلك”.
بدوره قال الجنرال المتقاعد بجيش العدو الصهيوني إسحق بريك، في مقال بصحيفة “معاريف” الصهيونية اليوم الاثنين: إن “حماس” ما تزال تسيطر على 80 في المائة من الأنفاق تحت قطاع غزة، وإن “تل أبيب” بعيدة عن هزيمة الحركة “بقدر بعُد الشرق عن الغرب”.
وأضاف: “كل يوم يمر في الحرب، التي فقدت هدفها، يؤدي إلى تآكل قدراتنا ويسحق بلدنا”.
وأردف بالقول: إن “الجيش ينهار واقتصاد “إسرائيل” ينهار ونفقد اتصالاتنا مع العالم وتتضرر قدرتنا الوطنية بشدة”.. مشيراً إلى أنه “بعد أن خرجت قوات الجيش من الأراضي التي احتلها، عادت حماس عبر الأنفاق، التي لا يزال 80 في المائة منها في أيديها، إلى هذه الأراضي”.
ولفت إلى أن هذا جرى “في مدينتي غزة وجباليا وحي الشجاعية شرق غزة وحي الزيتون جنوب غزة ومدينة خانيونس (جنوب)”.. مبيناً أن مقاتلي حماس “يغادرون فتحات الأنفاق للحظة وجيزة، ويطلقون صواريخ على دبابات جيش الإحتلال وناقلات الجنود المدرعة، ثم يعودون من الفتحات إلى الأنفاق”.
وشدد على أن “”إسرائيل” بعيدة عن هزيمة حماس بقدر بُعد الشرق عن الغرب”.
من جانبها.. نشرت مجلة (فورين أفيرز) الأمريكية تحليلا لروبرت بيب وهو أستاذ العلوم السياسية ومدير مشروع شيكاغو للأمن والتهديدات في جامعة شيكاغو، تحت عنوان (حماس تنتصر.. لماذا استراتيجية “إسرائيل” الفاشلة تجعل عدوتها أقوى؟)، أكد فيه أن الكيان الصهيوني، وبعد تسعة أشهر من حربه الجوية والبرية في غزة، لم يهزم حركة حماس، كما أنه ليس على وشك هزيمتها، بل على العكس من ذلك فقد أصبحت حماس أقوى مما كانت عليه قبل هجوم “طوفان الأقصى.”
وشدد الباحث الأمريكي على أن العيب الرئيسي في إستراتيجية الكيان الصهيوني ليس فشل التكتيكات أو فرض قيود سياسية وأخلاقية على القوة العسكرية، بل هو الفشل الشامل والصارخ في فهم مصادر قوة حماس.
واعتبر أن الكيان الغاصب أخفق، على نحو يضر به كثيراً، في إدراك أن المذبحة والدمار اللذين أطلقهما في غزة لم يؤديا إلا إلى زيادة قوة حركة حماس.
وأكد أن حماس لا يزال بإمكانها أن تضرب “إسرائيل”، ولا يزال أكثر من 80 في المائة من شبكة الأنفاق تحت الأرض التابعة لها قابلة للاستخدام للتخطيط وتخزين الأسلحة، وتجنب المراقبة الصهيونية، وللاستيلاء والهجمات، ولا تزال معظم القيادات العليا لحماس في غزة سليمة.
وشدد على أن قوة حركة مثل حماس لا تأتي من العوامل المادية النموذجية التي يستخدمها المحللون للحكم على قوة الدول، مثل حجم الاقتصاد، والتطور التكنولوجي للجيوش، ومقدار الدعم الخارجي الذي تتمتع به، وقوة الأنظمة التعليمية، بل المصدر الأكثر أهمية لتلك الحركات هو القدرة على التجنيد، وخاصة قدرتها على جذب أجيال جديدة من المقاتلين والعناصر الذين ينفذون الحملات القاتلة وعلى استعداد للموت من أجل القضية.
وخلص الباحث الأمريكي إلى القول: إنه حان الوقت بعد تسعة أشهر من الحرب الشاقة، للاعتراف بالواقع الصارخ: السبيل العسكري وحده لا يهزم حماس، فهي أكثر من مجموع العدد الحالي للمقاتلين، كما أنها أيضا أكثر من مجرد فكرة مثيرة للذكريات.. مشدداً على أن حماس حركة سياسية واجتماعية ليست على وشك الهزيمة، ولن تختفي في أي وقت قريب، وقضيتها أكثر شعبية، وجاذبيتها أقوى مما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر، وسيستمر مقاتلوها في التدفق والمشاركة بالقتال بأعداد أكبر، وسيزداد تهديدها للكيان الصهيوني المُحتل.
أخلاقياً.. أماط ملف الأسرى الصهاينة اللثام عن فوارق أخلاقية وإنسانية بين المقاومة الفلسطينية، التي أثبتت حسن معاملتها لمن بين يديها من الأسرى، مقابل الجرائم التي ترتكبها قوات العدو الصهيوني بحق من تعتقلهم من الفلسطينيين.
وبدأت المقارنة في المعاملة بين الجانبين مبكراً، عندما توصل الطرفان إلى هدنة مؤقتة شملت تبادلا للأسرى، حين ظهر الصهاينة الخارجون من قطاع غزة وهم يتبادلون التحايا والابتسامات وتلويحات الوداع مع مقاتلي المقاومة.
كما اجتاحت مشاهد بعض أولئك الأسرى مواقع التواصل، نظراً لما حملته من شعور بالأمن بل وبألم الفراق في بعض الأحيان، كما حدث مع الأسيرة مايا ريجيف التي ودعت مقاتلا من كتائب القسام بقولها: “شكرا” مصحوبة بنظرة غزت التعليقات عليها مواقع التواصل في غضون ساعات”.
في المقابل، كان الأسرى الفلسطينيون يتعرضون لكل صنوف التنكيل داخل سجون العدو وخارجها، وقد شكلت حالة الأسير الفلسطيني المحرر فاروق الخطيب صورة قاتمة عن سوء معاملة الصهاينة للأسرى حيث استشهد بعد أيام قليلة من تحريره نتيجة إصابته بالسرطان ومنعه من تلقي العلاج لفترة طويلة، وهو السبب نفسه الذي أدّى لاستشهاد الأسير وليد دقة داخل المعتقل.
المصدر/ وكالة سبأ/