تصاعد العمليات الفلسطينية بالضفة المحتلة
تصاعد العمليات الفلسطينية بالضفة المحتلة
يمني برس/
بالتوازي مع الفشل الفاضح لحكومة الحرب الصهيونية في تحقيق أهدافها في الحرب ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، فإن حالة الردع التي نجحت المقاومة بالضفة الغربية في تحقيقها، تعكس ملامح فشل استراتيجي صهيوني في الحد من ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة المنظمة، خاصة بعد قدرتها على تنفيذ تكتيكات أكثر تطورًا وتطوير قدرات تسليحية أكبر، من شأنها أن تدفع نحو تراجع حالة الردع لدى الكيان الصهيوني.
وأظهرت كل محاولات جيش العدو الصهيوني لاجتثاث المقاومة بالضفة، عبر استمرار الاقتحامات والاغتيالات والاعتقالات حجم الصعوبة التي يواجهها، الأمر الذي يلقي بظلاله على وجه آخر من أوجه فشل جيش العدو من تجزئة وتقسيم الساحات، تحديدا بين الضفة والقطاع، بالإضافة لتجزئة الارتباط مع جبهات الإسناد لقوى محور المقاومة.
والشاهد أن الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها حكومة نتنياهو المتشددة، لم تفعل شيئاً للسيطرة على العمليات المتصاعدة للمقاومة الفلسطينية في مختلف مدن الضفة الغربية، من جنين ومخميها شمالًا، إلى الخليل ونابلس وقلقيلية وطوباس ورام الله وأريحا.
وخلال الأيام الأخيرة وجهت المقاومة الفلسطينية في الضفة للعدو الصهيوني ضربات موجعة لم تكن في حسبانه ولم يكن يوماً يتوقع أن يواجهها والتي أدت إلى سقوط العديد من جنوده وضباطه، جراء إطلاق النار عليهم أو تفجير عبوات ناسفة استهدفت مركباتهم، خاصة في مخيمي جنين ونور الشمس بالقرب من طولكرم.
وفي هذه الأثناء أقرّ جيش العدو الصهيوني رسمياً بمقتل جندي في صفوفه، إضافةً إلى إصابة ضابط، من جراء استهداف المقاومة الفلسطينية ناقلة جنود في أثناء اقتحام قوات الاحتلال مخيم نور شمس في طولكرم شمال الضفة الغربية.
ونقلت وسائل إعلامٍ العدو، تحت بند “سمح بالنشر”، أن الجندي القتيل هو الرقيب في احتياط الجيش الصهيوني يهودا غيتو.. وقد قتل جرّاء عبوة ناسفة استهدفت آلية في مخيم نور شمس، إضافةً إلى أنّ ضابطاً من وحدة قوات الكوماندوز الخاصة “دوفدوفان” أُصيب إصابةً خطيرة.
وكانت سرايا القدس– كتيبة طولكرم قد أعلنت في بيانٍ مقتضب عن تمكّن مجاهديها في وحدة الهندسة من تفجير عبوة “سعيد”، التي سُمّيت بهذا الاسم تيمناً بالشهيد سعيد الجابر، في آلية عسكرية من نوع “نمر” في محور الشارع الرئيسي.. مؤكّدةً قتل وإصابة طاقمها وتدميرها بشكلٍ كامل.. وقد نشرت مشاهد توثّق العملية.
وفي تعليقها على الإعلان، قالت هيئة البث الصهيونية: “خلال خمسة أيام، قتل قائد فرقة قناصة وجندي وأُصيب 17 جندياً في انفجار عبوات ناسفة في طولكرم وجنين”.
ورغم أن العدو الصهيوني لم يعلن عن عدد قتلاه في الضفة بشكل واضح إلا أن التقديرات أن عدد قتلاه بالعشرات بالإضافة الى مئات الجنود الصهاينة الذين أصيبوا بنيرات المقاومة او بعمليات التفجير.
وعلى ضوء تطور عمليات المقاومة الأخيرة، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري: إن ما تشهده الضفة الغربية من عمليات نوعية للمقاومة يمثل تحولا إستراتيجيا في طريقة إدارة المعركة والمواجهة سيكون له انعكاساته ومآلاته المختلفة.
ورأى اللواء الدويري في تحليل لموقع “الجزيرة نت” حول المشهد العسكري في الضفة، أن ما يجري مؤخرا في الضفة الغربية من عمليات يدل على وجود تحول إستراتيجي في طريقة إدارة فصائل المقاومة للمعركة والمواجهة مع الاحتلال.. مشيرا في هذا السياق إلى عملية التفجير التي شهدها مخيم جنين الخميس الماضي.
ويؤكد الدويري أن هذا التحول النوعي والإستراتيجي في إدارة المعركة ستكون له انعكاساته اللاحقة ومآلاته المختلفة خلال الأيام المقبلة.
وأوضح الخبير العسكري، أن هذا التحول يتمثل في انتهاج مقاربة مختلفة عما كانت عليه عمليات المقاومة في الضفة خلال المرحلة السابقة، حيث كانت عمليات اقتحام الاحتلال تواجه بالأسلحة الرشاسة وتفجير عبوات بقوة محدودة وفي أماكن معينة.
وإزاء الأداء المتميز للمقاومة في الضفة الغربية المحتلة، وتنوع هجماتها المسلحة، ازدادت المخاوف الصهيونية من انتشار وتيرتها في مختلف المستوطنات والمواقع العسكرية، رغم العمل المكثف لجيش العدو الصهيوني وأجهزته الأمنية للحد من هذه العمليات.
حيث ذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الصهيونية، عقب عملية نور شمس، أن “قيادة المنطقة الوسطى وفرقة الضفة الغربية تضربان رأسيهما بالحائط بحثاً عن حلول لتهديدات العبوات الناسفة في مخيمات الضفة الغربية.. هذا التحدّي أدى إلى مقتل جنديين بفارق أيام في مخيمَي جنين ونور شمس”.
وأضافت الصحيفة: إن “هذه التفجيرات دفعت قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الصهيوني إلى التفكير في كيفية العمل على مكافحة هذه العمليات في قلب مخيمات الضفة”، وبما لا يؤدي إلى كسر المعادلة، ويصعّب على الجيش العمل في داخلها.
وأشارت إلى أنّ قوات الأمنْ الصهيونية نفذت “عشرات العمليّات كجزءٍ من الحرب على هذه الظاهرة. واليوم، يظهر هؤلاء النشطاء جرأة أكبر لمواجهة القوّات في وضح النهار، على عكس الماضي حيث كانوا يهربون من القوّات التي تدخل المنطقة”.
ووفقا للصحيفة، فإنّ بيانات أجهزة الأمن الصهيونية تشير إلى ارتفاع تهديد العبوات الناسفة، حيث جرى إحباط حوالي 500 هجوم كبير في الضفّة الغربية والقدس منذ بداية عام 2024، منها حوالي 350 عمليّة إطلاق نار وحوالي 140 هجوما بعبوات ناسفة، مقارنة مع إحباط 1032 هجوما منها 121 بعبوات ناسفة في عام 2023 بأكمله.
ومن جهته، قال جيش الاحتلال: إنه يقوم “بحملة شاملة ضدّ المتفجرات، بدءاً من محاولة وضع يده على تهريب المتفجرات والمواد الأولية، وصولاً إلى اعتقال خبراء المعرفة ومشغّلي المتفجرات ومَن يزرعونها في محاور الضفة الغربية”.
وسلطت قناة “كان” الصهيونية، بدورها، بعد عملية نور شمس، الضوء على العبوات الناسفة في الضفة.. مؤكدة أن خطورتها ازدادت في المدة الماضية، وأنها باتت تستخدم في كل اقتحام لجنين أو طولكرم، لافتة إلى أنها “تحوي أحياناً عشرات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة التي يجري تشغيلها عن بعد، بينما يقوم المقاومون بزرعها تحت طبقة الإسفلت في الشوارع”.
وأضافت “كان”: إن جيش الاحتلال يستعين بجرافات مصفحة، كـ”دي 9″، لتجريف الشوارع قبل اقتحام الآليات الأخرى، وذلك حتى تنفجر هذه العبوات بالجرافات، ولكن هذا لا يكفي أحياناً، إذ يستخدم المقاومون طرقاً أكثر تطوّراً لزرع المتفجرات، ما يسبّب صعوبة في اكتشافها وإبطال مفعولها قبل وصول الآليات التي تحمل الجنود.
المصدر/ موقع وكالة سبأ