صندوق المعلم!
صندوق المعلم!
يمني برس/علي عباس الاشموري/
من المعروف أن توقيف صرف الرواتب عموماً ومصادرة حكومة المرتزقة لمرتبات الملايين، قد مثلا الانحلال والسقوط الأخلاقي والإنساني.. وتأكيد أن كل من جمعهم النظام السعودي من المرتزقة في الرياض واختارهم ربما يسمى بالمجلس القيادي ومن قبلهم لم يكونوا سوى عصابات تنفذ أجندات ومخططات آل سعود ((الأعداء التقليديين لليمن أرضاً وشعباً منذ القرون الأولى)) وانهم مافيا نهب لثروات وحقوق الشعب اليمني وتأكيد أنهم عبارة عن معاول رخيصة وأدوات بيد العدوان وأذنابه لتدمير الوطن والاستيلاء على حقوق الشعب وتدمير مكتسباته.. فأي رئاسة أو قياده تُشكل لأي شعب من الشعوب خارج أرضه وبنظر الدولة التي تعتدي عليه؟ تُعد بلا شك، حكومة عمالة.. وهذا حقائق وشواهد لا تحتاج إلى اجتهاد…والتاريخ حافل بمثل هذه القصص التي انتهت بالتأكيد بفضح العمالة وانقلاب المحتل على العميل تاريخيا..
فحكومة الارتزاق تأكل وتقتات على مرتبات الشعب، وسياستها الانتقامية والتدميرية في المحافظات المحتلة، الواقعة تحت سيطرتها، أمنيا واقتصاديا، تؤكد المؤكد، أن هؤلاء النفر المستأجرين بعيدون كل البعد عما يروج له إعلامهم وقناة العربية من شعارات الوطنية التي يدعونها .
لأنهم لا يعرفون عن المسؤولية الوطنية وأمانة المسؤولية إلا مصالحهم وشيكات ترفع أرصدتهم، وأموالاً يكنزونها ويستثمرونها في تركيا ومصر وأمريكا وغيرها مقابل أن يقتل أبناء جلدتهم ويدمر وطنهم بقذائف وطائرات وقنابل أسيادهم الذين يدفعون لهم …. فمن سلّموا الوطن، أرضه وبحاره وموانئه وجزره ومقدّراته وقراره، للمعتدين لا يمكن أن يكون فيهم خير..
ولأن مقالي مخصص اليوم لمناقشة أوضاع ورواتب المعلم الذي هو أمل الأمة وصانع الأجيال وموجّه نهج شباب اليوم ليكونوا صمٍام أمان سيادة الوطن وحصنه الحصين حاضرا ومستقبلا…
على مستوى الداخل، إننا نعلم جميعا انه خلال عمر حكومة الإنقاذ، وتحديداً منذ أن عجزت ((حكومة صنعاء)) عن دفع الرواتب بسبب نقل البنوك وتحويل مصادر الإيرادات إلى م/ عدن بإيعاز من تحالف العدوان على اليمن الذي حول كل الإيرادات إلى البنك الأهلي السعودي، لتكون تحت تصرف وإدارة العدو السعودي، منذ ذلك التاريخ والمعلم يعيش حالة العوز والاحتياج الشديد، ومن سيئ إلى أسواء، كل هذه المعاناة مع استمرار الحكومة في استقطاع ما يخص صندوق المعلم من جميع الإيرادات المحددة له وخلال سنوات، والحاصل انه لا استقطاعات توقفت ولا المعلّم استلم شيئاً..
ورغم أن القانون الَّذي أنشئ بموجبه صندوق دعم المعلّم قد منح وزارة التربية والتعليم حق متابعة إيرادات الصندوق وتحديد مجالات الصرف، فكانت الوزارة وقتها تقترح الدعم والمشاركة المجتمعية لدعم المدرسين والمدرسات، وفعلا فقد بادر الأهالي إلى الدعم رغم ظروفهم الصعبة.. وبادر معهم كثير من الأخوة المدرسين والمدرسات لتلبية الدعوة، وخاصة أولئك الشرفاء الثابتين في وطنهم، والبعيدين عن التعبئة الحزبية التي كانت تأتي من قيادات بعض الأحزاب والتي كانت توجه قواعدها –آنذاك- بترك مدارسهم..
ولأن الوضع استمر، دون أن تحرك وزارة التربية ومن ورائها الحكومة أي ساكن، فيما يخص دعم التعليم الحكومي وإيجاد الحلول والمعالجات لدعم استمرار العملية التعليمية أولا.. وكذا الحد من معاناة الأخوة والأخوات في الحقل التربوي.
ولأننا لا نعلم الحقيقة فلا نستطيع أن نحكم، لماذا هذا الصمت والتجاهل؟ هل هو ناتج عن عدم دراية إذا ؟ فنحن لسنا في موقع القرار لنكشف أو نوضّح .. وانما من أصحاب الرأي نستعرض النتائج بالمشاهدات الملموسة..
الجدير بالذكر أن صندوق دعم المعلم قد أنشئ بقرار جمهوري وتم اعتماد له مخصصات تستقطع ضمن وعاء إيرادي من كثير من الإيرادات، جمارك وسجائر وإسمنت وفواتير الكهرباء والاتصالات وغيرها، وبحسب علمي فإن مجلس النواب ولجنة التربية والتعليم بالمجلس ومعهما وزير الدولة لشؤون مجلسي النوّاب والشورى، قد تقدموا بمشروع قانون يهدفون من خلاله إلى تعديل القانون والى زيادة وعاء الإيرادات، ليتم دعمه من موازنة الدولة إضافة إلى ما ذكر بعاليه.. وكذا من وعاء الصرف ليشمل الإداريين والموجّهين وما شابه ذلك.
وفكرة زيادة وعاء الإيرادات هي فكرة جيدة تضمن ديمومة عمل الصندوق واستمراره، ولكي يُعدّل القانون ليدار بآلية تستوعب ضرورة المرحلة أسوة بالنظام المحاسبي والإداري والرقابي والشفافية المطلقة الذي تم تعميمه وتطبيقه في ((هيئة الزكاة))، أو أن يحال أمر هذا الصندوق لجهة إيرادية كفؤة، وأن يتم تجميع إيراداته وفقا للقانون لكي يتم تخصيصها وصرفها دوريا كرواتب وإعانات وحوافز ومكافآت للمدرسين العاملين في الميدان ومن سيضيفه مشروع القانون المقدَّم، أو أن يوكل صندوق المعلّم لجهة مالية وإيرادية مستقلّة تختص بجمع وتحديد وعاء الصرف، لا أقول بعيدا عن التربيةّ والتعليم انتقاصا من دورها العظيم، لا سمح الله.. لكن لتتاح للوزارة وقيادتها فرصة القيام بالأعمال الجليلة والكبيرة والكثيرة الملقاة على عواتقهم، فوزارة التربية تتحمل وتتولى مسؤولية وهمّ أمة وشعب ومستقبل أجيال، ولديها من المهام والخطط الاستراتيجية المستقبلية والمرحلية ربما مجلدات.. وتحتاج لجهود جبارة على جميع المستويات، تخطيط وبرامج ومشروعات مستقبلية ودراسات ومراكز أبحاث تطوير ومناهج وامتحانات وتوجيه وتقييم، ووظائفها كبيرة ومتعددة، قطاعات وفروع في المحافظات والمديريات، إضافة إلى محو الأمية وتعليم الكبار، وربما لا يتسع المجال للحصر.
ولا ننسى أيضا قطاع التعليم الأهلي ولو انه مازال في هيكل الوزارة عبارة عن ((إدارة عامّة)) وارجو ان يُغير إلى ((قطاع))، لأن التعليم الأهلي أصبح يشكل في مجمله وتزايد إقبال الطلاب عليه حيزا كبيرا، ومهام عظيمة وكبيرة هي جزء من مهام الوزارة عموما، وهو يحتاج بحكم الانتشار الهائل لمدارس التعليم الأهلي، ربما لتكثيف الرقابة أكثر في جوانب التوجيه والتقييم الإداري المتمثل في متابعة المدارس وتحديد معايير قبول المدرسين المتعاقدين مع تلك المدارس ومؤهلاتهم، وكذا معرفة وتقييم مدى التزام المستثمرين وأصحاب أو مدراء المدارس الأهلية بتنفيذ توجيهات وتعاميم الوزارة وفروعها في المحافظات، وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية ربط إدارات التعليم الأهلي بالمحافظات والمديريات بالإدارة العامة للتعليم الأهلي بالوزارة وبقطاع التوجيه أيضا، لتشكيل فرق النزول الميداني وتكثيف نزول فرق التوجيه، والتقييم لمعرفة وتقييم أداء المدرسين ومدى التزامهم بالمناهج المقررة وكذا قياس مستوى التحصيل العلمي للطلاب، ومدى التزام المدارس الأهلية بتنفيذ التعاميم التعليمية المخصصة .
كما أن رسوم وتكاليف إلحاق الأبناء بالمدارس الأهلية تشكل حملا إضافيا، يثقل كاهل كثير من أولياء الأمور، الّذين اضطروا وعلى قاعدة ((مكره أخاك لا بطل)) لإلحاق أبنائهم بها نتيجة الشلل أو الضعف الذي لحق بالتعليم الحكومي وغياب الكتاب وتشرد بعض المدرسين، وتقاعس أو تملص بعضهم عن التدريس، وبحسب علمي فإنه قد تم مؤخرا تعيين مدير عام جديد لهذه الإدارة الهامة.. أدعو الله له بالعون .
وعن وضع المعلم فإنني يعلم الله اكتب هذا عن تجربة ومعايشة للأخوة والأخوات في الحقل التربوي، حيث كنت رئيسا لمجلس آباء في إحدى مدارس الأمانة التي كان قوامها يفوق اكثر من 3900 طالب وطالبة، والله وبالله اني اعرف مدرسين اضطرتهم ظروف المعيشة للعمل كعمال في الحراج، وهنا لا ننسى ما قام به المعلمون الأفاضل والمعلّمات المخلصات وكذلك من بادروا للتدريس التطوعي من الخريجين الّذين لم يتسن لهم التثبيت والذين اثبتوا وجودهم ووطنيتهم من خلال التواجد والإيثار لما يقارب عقداً من الزّمن، حيث انهم صمدوا في مدارسهم، بعزيمة وصبر وجهاد في الجبهة التربوية، التي كانت بالفعل جبهة مواجهة مع العدوان الّذي استهدف بالقصف المباشر مدارس كثيرة أسقطها ودمّرها على رؤوس الطلاب، حيث ان تعطيل التعليم كان بالنسبة للأعداء اهم أهداف ما أسموه بنك الأهداف ليتسنى لهم تجهيل الشعب …
والى كل من ينتسب لهذه المهنة العظيمة كل المحبة والامتنان بحجم ما يحمله المعلم من أمانة وما يقدمه من عطاء، وان الواجب ان نقدر جهودهم ونعمل على رفع معاناتهم وتقديم العون لهم انطلاقا من حبّنا لأولادنا فلذات أكبادنا.
أملنا كبير في إنجاز القانون، وتطبيقه على أرض الواقع، وحين يتحول نشاط الصندوق وإدارته على يد رجال مخلصين بالتجربة، وحين تتوفر الرواتب الكافية ولو في حدها الأدنى للمدرس وكذا الموازنة التشغيلية للمدارس وتوفر الكتاب ولو مرحليا، أنا على ثقة بإذن الله أن التعليم سيتعافى، بل وينافس التعليم الأهلي … والأمل معقود بعد الله على قائد الثورة -يحفظه الله- وعلى الحكومة، وإذا كانت هيئة الزكاة وما وصلت اليه تجربة ناجحة بكل المقاييس، فما المانع ان نخوض تجربة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من وضع تعليمي آيل للسقوط؟
لذا نرجو أن يكون صندوق دعم المعلم وإدارته الرشيدة ضمن أولويات اهم برامج وأساسيات حكومة التغيير الجذري المنشود، كما نتمنى أن يتم الاختيار المناسب للقيادة التي ستكلّف بإدارة الصندوق من ذوي الكفاءة والشفافية والمصداقية مع الله والقيادة، وذلك هو الضمان الحقيقي لنجاحهم، ولكي تتوّج جهودهم وتترجم بإذن اللّه وبدعم القيادة وثقة الشعب إلى خدمات ومنجزات ملموسة تخفف عن المدرسين جزءاً ولو بسيطاً من المعاناة..
وبالتالي فإن قرارات السيّد القائد هي أمل الشعب، لإرساء مداميك بناء الدولة اليمنيّة العادلة والرشيدة في إطار برنامج الرؤية الوطنية الشاملة ومصفوفة السلوك الوظيفي… وقدوتنا في ذلك قائدنا الهمام المجاهد السيّد/عبدالملك بدر الدين الحوثي وكل شهدائنا العظماء الذين قضوا نحبهم جهادا في سبيل الله وابتغاء مرضاته.. ونحن بإذن الله تعالى على دربهم ونهجهم ماضون..
والله من وراء القصد وهو مولانا ونعم النصير…