ما بعد وعيد السيد القائد.. محطات الغاز والكهرباء الصهيونية في قائمة الرد اليمني
ما بعد وعيد السيد القائد.. محطات الغاز والكهرباء الصهيونية في قائمة الرد اليمني
يمني برس- تقرير- إبراهيم العنسي*
أين ومتى وكيف سيكون الرد العسكري اليمني على إسرائيل؟
جملة حقائق جديدة تتجسد اليوم في مشهد المواجهة الواسع، حيث المعادلة الجديدة على خط الصراع مع الكيان الإسرائيلي المؤقت.
إن يافا ” تل أبيب” لم تعد آمنة، كما أن بقية المدن المحتلة في فلسطين لم تعد آمنة، وكما أن سفنها وتجارتها لم تعد آمنة، حيث تبدو مدن الاحتلال كلها غير آمنة، في صورة تقدم تفاصيل اتساع الحصار الذي بات كيان العدو يعيشه جوًا وبحرًا وبرًا إلى حد ما، وفي ظل هذه الصورة لتآكل الردع الإسرائيلي، تنتظر مدن ومصالح كيان العدو الرد على عدوان الحديدة، مع تأكيد صنعاء أن ردها المؤلم القاسي آتٍ لا محالةً.
فالقدرات اليمنية، وصلت إلى الجنوب، حيث “إيلات”؛ والى الشمال في “أسدود” و “تل أبيب” و”حيفا”، أي أنها ستطال كل ما يمكن توقعه، وما لا يمكن التكهن به.
هواجس الخوف الإسرائيلي
لأكثر من أسبوع، والإعلام الإسرائيلي يحلل تصريحات اليمن، وردود القيادة اليمنية، فطالما تأكد قدوم الرد اليمني على إسرائيل بعد استهداف خزانات نفط الحديدة، فالسؤال الذي بات يؤرق محللو وقادة إسرائيل هو: أين وكيف ومتى يكون الرد اليمني؟
ومع كل يوم يتأخر فيه الرد اليمني، ستزداد حيرة وقلق كيان العدو أكثر فأكثر، وسيزداد توتر الشارع الإسرائيلي المسكون بهاجس الخوف وهاجس الرحيل، خاصة بعد تأكيد صنعاء أن الرد سيطال مواقع حساسة وليس حساسة فقط، بل حساسة (جدًا جدًا).
لقد تناول الإعلام العبري بقلق ظاهر، احتمالات ما سيطاله رد اليمن على الاعتداء الصهيوني في الداخل الإسرائيلي، وواصل إعلام العدو الصهيوني لأكثر من أسبوع، التأكيد على تعاظم القلق داخل كيان الاحتلال تجاه الرد اليمني المرتقب على استهداف الحديدة، حيث لم يحدد بزمن، أو مكان، أو مدينة، يضاف إلى هذا ارتباط الرد وتشابكه مع إعلان المرحلة الخامسة من التصعيد التي تعني استمرار الهجوم في مستويات واتجاهات متعددة متصاعدة، وارتباط هذه المرحلة بمراحل التصعيد السابقة.
عصب حياة الكيان
تسوق تقارير الداخل الصهيوني وجود مخاوف كبيرة لدى العدو الإسرائيلي من تعرض منشآت، ومراكز حساسة للقصف من اليمن، مع قلق من اتساع التنسيق بين اليمن وجبهات الإسناد في المرحلة القادمة، انسجاماً مع تأكيدات صنعاء المضي بقوة الرد.
عقب الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة، عبرت “هيئة البث الإسرائيلي” وقناة “كان” الاسرائيلية، عن مخاوف الداخل الإسرائيلي من أن اليمنيين يعتزمون مهاجمة احتياطيات الطاقة الإسرائيلية بما في ذلك حقول غاز ليفتان، وتمار ومحطات كهرباء أوروت رابين، وروتنبرغ، واشكول، وحيفا.
وتحدثت القناة العبرية الثانية عشرة في تقرير على موقعها الرسمي أن “المؤسسة الدفاعية لا تستخف بالرد اليمني على استهداف الحديدة، وتستعد بحذر أكبر لرد مضاد محتمل من صنعاء، ربما بالتعاون مع عناصر أخرى في محور المقاومة”.
وكشف تقرير القناة العبرية أن “مؤسسة الدفاع أمرت بنشر جميع أنظمة الكشف على نطاق واسع، بهدف تحسين قدرات الاعتراض الإسرائيلية، بعد تسلل الطائرة اليمنية المسيرة “يافا” إلى تل أبيب”، موضحاً أن “إسرائيل أدركت أنه من الضروري لفت الانتباه إلى طرق اختراق جديدة، بما في ذلك من جهة الغرب، وبالتالي يجب تحسين القدرات الدفاعية”، مشيراً إلى أنه “يتم توجيه معظم الرادارات إلى هذه المواقع (الغربية)، وهو ما يعني أن وصول المسيرة اليمنية “يافا” من البحر المتوسط قد جعل العدو يشعر بأنه مكشوف”.
وعلى المنوال نفسه، تناولت قناة 14 “انتظار إسرائيل الرد اليمني على وجل، بعد أسبوع من الهجوم على ميناء الحديدة، حيث تستعد المؤسسة الأمنية وتتوقع ردًا كبيرًا وسريعاً من اليمن، بينما إسرائيل في حوار مستمر مع حلفائها في “المنطقة” من أجل إحباط الهجوم المحتمل، وهذا بعد يوم من إعلان السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن “الرد اليمني آت لا محالة على العدوان الصهيوني على الحديدة”.
ليست تهديدًا واحدًا
الرد اليمني كما يتوقعه العدو الغاصب لن يكون في جغرافيا واحدة، أو مكان واحد.
صحيفة “يديعوت أحرونوت” ذكرت في تقرير لها بأن من الممكن أن يرد “الحوثيون” بإطلاق النار من اليمن باتجاه “أهداف” حساسة، ويشمل ذلك أهدافاً تتوزع على يافا “تل أبيب”، وحيفا وإيلات وقد يشمل ذلك شن هجمات باستخدام “أسلحة جديدة”، مع وجود احتمال آخر وفق التقديرات الأمنية الإسرائيلية للرد اليمني، وإمكان أن يتم هجوماً مشتركاً مع المقاومة الاسلامية في العراق، ضد حقول الغاز، ومحطات الكهرباء داخل الكيان المحتل، فقد توحد الطرفان في الأسابيع الأخيرة وتحملا بالفعل المسؤولية عن هجمات مشتركة على الأراضي الإسرائيلية.
وقد “يشمل التهديد توسيع المرحلة الخامسة” من التصعيد، بـ”شن هجمات على الأراضي الإسرائيلية، أو استخدام أسلحة جديدة، أو تهديدات إضافية على الساحة البحرية”، كما قالت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية
ونشر معهد أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي أن “الحوثيين” مجهزون في الواقع بصواريخ باليستية متوسطه وبعيدة المدى، وصواريخ كروز وصواريخ بحر بحر، وطائرات مسيرة هجومية وانتحارية وأسطول من الطائرات بدون طيار”.
وفي ظل هذه الترسانة الرادعة، يؤكد إجماع القلق الإسرائيلي أن هناك ضربة غير مسبوقة قادمة من اليمن، بينما تتشعب احتمالات توجيه الضربات اليمنية ضمن بنك أهداف ثري، متنوع جدًا، وعالي القيمة في إسرائيل وما يرتبط بإسرائيل، حيث سيعزز المزيد من الاستهداف، مفهوم تآكل الردع الإسرائيلي أكثر فأكثر، وارتباطه بهجرة رأس المال والمغتصبين طردياً.
الأهداف في الداخل الإسرائيلي
وفي سياق رصد التوقعات والاحتمالات لما يمكن استهدافه بالرد اليمني القادم في إسرائيل، هناك توقع يرتبط بالإسرائيليين أنفسهم وتوقع خارجي تحليلي، حيث تنوع الأهداف الحساسة والحساسة جدًا في الداخل الإسرائيلي.
وفي هذا الجزء نتناول التوقعات الإسرائيلية، بحسب رؤية العدو من الداخل، وماهية وتفاصيل تلك الأهداف.
بحسب توقعات إعلام ومحللي القنوات والصحف الإسرائيلية فقد وضعت مجموعة أهداف للرد العسكري اليمني القادم في العمق الإسرائيلي، ما بين حقول الغاز ومحطات الكهرباء الرئيسية داخل كيان العدو وهي كالتالي:
حقول الغاز
في كيان الاحتلال الإسرائيلي، هناك حقلان رئيسيان، هما حقلا تمار ولفيتان؛ الأهم والأبرز، واللذان شكّل اكتشافهما نقلة نوعية في سدّ احتياجات الكيان الإسرائيلي رغم قرب الأول من لبنان والثاني من مصر، إلى جانب أن هناك حقول أخرى.
حقل تمار
يُعدّ حقل غاز تمار مصدراً رئيسياً للغاز اللازم لمولّدات الكهرباء والصناعة في إسرائيل، ويصدَّر جزءاً منه للخارج.
تصل قدرة الإنتاج السنوية لحقل تمار، والذي يُعتبَر الحقل الأول حاليًّا في الإنتاج، والمزوّد الرئيس لسوق الاستهلاك الإسرائيلي، ما بين 9-12 مليار متر مكعب بحسب (وزارة البنى التحتية القومية، 2016).
واستأنف حقل غاز “تمار” البحري في إسرائيل جزءاً من عملياته التشغيلية، بعد توقف دام نحو 5 أسابيع، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث يزود العملاء في إسرائيل والمنطقة بالغاز الطبيعي.
والملفت هنا أن لشركة إماراتية حصة فيه “شركة «مبادلة» للطاقة الإماراتية 11 %، وهي مملوكة لإمارة أبو ظبي ؛ إمارة محمد بن زايد.
كانت وزارة الطاقة الإسرائيلية قد أصدرت تعليمات لشركة «شيفرون» بإغلاق الحقل، خشية تطور الصراع مع قطاع غزة.
والأهم في هذا الحقل انه يُنتج نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز، يُستخدم نحو 85 % منها لـ “السوق المحلية الاسرائيلية”، ويصدّر نحو 15 في المائة المتبقية إلى الأردن؛ بهدف توليد الكهرباء، ومصر؛ بهدف الإسالة والتصدير لأوروبا.
ويقع على بُعد 25 كيلومتراً، قبالة مدينة أسدود على ساحل البحر المتوسط.
حقل لفيتان
حقل لفيتان هو أحد أكبر حقول الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، يقدر احتياطي الغاز فيه بين 16 و22 تريليون قدم مربع. ورغم قرب هذا الحقل من مصر إلا إن إسرائيل تسيطر عليه وتعقد آمالاً اقتصادية كبيرة على استغلاله وتصدير غازه إلى دول الجوار، وفي مقدمتها مصر والأردن ثم تركيا.
ويقع غاز لفيتان البحري على مسافة تقدر بحوالي 190 كيلومتر شمال مدينة دمياط شمال شرق مصر، في السفح الجنوبي لـ”جبل إراتوستينس” البحري بشرق البحر المتوسط، بين قبرص ومصر في منطقة يفترض أنها اقتصادية خالصة لمصر، بينما يبعد الحقل بـ233 كيلومتراً غرب حيفا على عمق 1500 متر، وتعد هذه المنطقة من أغنى مناطق الغاز الطبيعي في العالم.
وتسيطر شركة يوبال إنرجي الأمريكية على الحصة الأكبر في كلا الحقلين، حيث تبلغ حصتها في حقل تمار 36%، وفي حقل لفيتان 39.7% (لهاب وشومفلبي، 2015).
محطات الكهرباء
نقطة الضعف الكبرى لدى كيان العدو الإسرائيلي، أن إسرائيل تعتمد في إنتاج الكهرباء على الغاز الطبيعي بنسبة 75%، ولا تستخدم الفيول أويل أو الديزل إلا في أوقات الطوارئ.
قدرة الكهرباء المركبة في اسرائيل تبلغ 22 ألف ميغاوات في بلاد تعتمد بشدة على الكهرباء في كل جوانب الحياة اليومية تقريباً، بداية من التحلية والنقل والتزود بالمياه إلى الاتصالات والأعمال المصرفية والتجارة وتبريد الأغذية، لذا فإن انقطاع الكهرباء يعني شللاً يجعل “اسرائيل” غير قابلة للحياة كما صرح مسؤول الكهرباء الاسرائيلي شاؤول غولدشتاين”، حيث أزعجت تصريحاته المسؤولين الصهاينة.
وفي حال انقطعت امدادات الغاز من حقول ليفاثيان وتمار وكاريش المهددة بالفعل، ستقف محطات الكهرباء بعد ساعة ونصف، ويعتمد استمرار هذه المحطات على العمل على توافر مخزونات كافية من الديزل، أو الفحم المنخفضة حالياً.
وهذا يجعل محطات توليد الكهرباء للكيان الاسرائيلي على رأس الأهداف.
أما محطات الكهرباء التي وضعها الاعلام الإسرائيلي ضمن أهداف الرد اليمني على إسرائيل فهي المحطات الأهم التي تزود كيان العدو بالكهرباء بالنسبة الأكبر، وهي:
1)محطة أوروت رابين: وهي أكبر محطة في كيان الاحتلال في مدينة الخضيرة الفلسطينية المحتلة، بدأت بتوليد الكهرباء عام 1981، وهي تؤمن 2,605 ميغاوات من الطاقة الكهربائية عبر توليده من الفحم. بُنيت على الشاطئ لكي تستطيع استخدام مياه البحر في التبريد، كما بُني بجانبها رصيف خاص لتفريغ الفحم اللازم لتشغيلها من سفن الشحن. وتحتوي على 6 مداخن، يبلغ ارتفاع أطول أربع منها 250-300 متر.
2)محطة روتنبرغ: هي ثاني أكبر محطة في كيان الاحتلال من حيث الطاقة، وتقع بمدينة عسقلان المحتلة شمال تل أبيب، وقد بدأت بتوليد الكهرباء عام 1990، وتؤمن 2,290 ميغاوات من الطاقة الكهربائية عبر توليده من الفحم من خلال 4 وحدات. لا تبعد عن قطاع غزة سوى 6 كم تقريباً، وهذا ما جعلها هدفًا لإطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية.
خلال معركة “العصف المأكول” عام 2014، أصابت عدة صواريخ منطقة المحطة وألحقت أضرارًا فيها.
3)محطة أشكول: تقع في شمال ميناء أشدود على الساحل الفلسطيني المحتل، وتنتج حوالي 15% من إنتاج الكهرباء في الكيان. وتعمل بالبخار وبالدورة المركبة، وتنتج الكهرباء لما يصل الى 1693 ميغاوات.
4) محطة حيفا: وهي المحطة البخارية الأولى لتوليد الكهرباء في فلسطين المحتلة، وقد تم بناؤها في العام 1925، وتنتج الكهرباء بحوالي 828 ميغاوات.
والى جانب هذه الحقول، وهذه المحطات هناك منصات تنقيب وحقول، ومحطات توليد أخرى، وهي كثيرة ، فضلاً عن بنك أهداف كبير ومؤثر جدًا، سيقود سكان كيان العدو، ورأس المال لتسريع الهجرة القائمة، في الداخل الإسرائيلي حتى قبل اندلاع حرب غزة، وهو ما ستناوله في تقارير قادمة.
*المسيرة نت.