في مثل هذا اليوم خلال تسع سنوات… جرائم سعودية
في مثل هذا اليوم خلال تسع سنوات… جرائم سعودية
يمني بر س/
واصل طيرانُ العدوان السعوديّ الأمريكي، في مثل هذا اليوم 5 أغسطُس آب، خلال الأعوام، 2015م، و2016م، و2018م، استهدافَ الأسواقَ والمحالَّ التجارية وعشراتِ المنازل ومدرسة وصالة أفراح، وسيارات المواطنين على الطريق العام في محافظات تعز وصعدة وحجّـة.
أسفرت غارات العدوان عن 30 شهيداً وأكثر من 20 جريحاً، وتدمير للمنازل والأسواق ومدرسة خولة للبنات، وسيارات المواطنين، وموجة من النزوح والتشرد والمعاناة، أمام صمت أممي وغياب للمساعدات الإنسانية.
وفي ما يلي أبرز تفاصيل جرائم العدوان في مثل هذا اليوم:
5 أغسطُس 2015.. 3 جرحى بغارات العدوان تستهدف المنازل ومدرسة وصالة للأفراح والطريق العام بصعدة:
في مثل هذا اليوم 5 أغسطُس آب من العام 2015م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، 4 منازل ومدرسة خولة للبنات بسلسلة من الغارات على مدينة ضحيان بمديرية مجز، وعددًا من المنازل وصاله أفراح، والمزارع، والطريق العام بمديرية باقم الحدودية، بصعدة.
ففي مديرية مجز أسفرت غارات العدوان عن 3 جرحى، مسن وطفلتين، وَتدمير 4 منازل بشكل كلي وتضرر المنازل والممتلكات المجاورة، وتدمير مدرسة خولة للبنات، ومحلقاتها، وتضرر ممتلكات المواطنين المجاورة، وحالة من الخوف في صفوف الأطفال والنساء وموجة من النزوح والتشرد المتجددة كُـلّ يوم، ومضاعفة المعاناة.
كما هو الحال في مديرية باقم الحدودية التي أسفرت غارات العدوان عن تدمير وتضرر عدد من المنازل وصالة للأفراح ومزارع المواطنين، والطريق العام وسيارات المواطنين، وموجة من النزوح والتشرد والحرمان وفقدان الأمل لدى الأطفال والنساء، بمأوى يحميهم من حرارة الصيف وبرد الشتاء، ويكفيهم تبعات النزوح والمنازل المدفوعة الأجر في المدن الأكثر أمناً من محافظة صعدة.
منازل مدمّـرة سبق لأهالي الحي النزوح منها لم تبقِ الغارات منها سوى الأثر والذكريات التي اختلطت بين الحجار والدمار والأخشاب والأثاث المنزلي والكتب المدرسية والبصائر والمدخرات وأدوات طهي الطعام، وأعلاف الأبقار والمواشي، ومفاتيح احتياطية كانت مخبَّأة هنا أَو هناك، لكن العدوّ نسف كُـلّ ذلك بغاراته الغادرة، ونسف معها أحلام وألعاب الأطفال، ومستقبل عشرات الأسر ومآويها.
كما دمّـرت الغارات مدرسة خولة للبنات بأرشيفها ومكتبتها وملحقاتها وسبوراتها وطاولات وكراسي فصولها، وحقوق جيل كامل من الأطفال في التعليم، أمام المجتمع الدولي ومواثيق الأمم المتحدة، والداعمة لحقوق الفتاة والطفل والمرأة، لكنها تبخرت وتحولت إلى سراب، تجاه الغارات السعوديّة الأمريكية في اليمن.
في المزارع اختلطت القنابل بالرمان تحت الأشجار المقصوفة بتخطيط محكم يهدف للفتك بأكثر قدر من المدنيين بعنقوديات موقوتة الانفجار، ومحرمة دوليًّا.
صالات الأفراح ليست بعيدة عن الاستهداف، بل كان يظن العدوان أن بداخلها جموعًا من المعزين للأسر التي أبيدت بغاراته اليوم الأول، لكنه لا يدرك أن عدوانه جعل الأهالي أشد فقراً وأقل قدرة على استئجارها، فكانت خاوية، فحولتها الغارات إلى دمار وركام على أفراح وأحزان ومآسي أهالي صعدة وكل أبناء الشعب اليمني.
كذلك الطريق العام حوّلتها الغارات إلى حفر عملاقة تعيق مرور السيارات وتحتاج إلى صيانة عاجلة، في ظل استمرار الغارات، والمحاولة لقطع الطريق وشريان الحياة بين مديريات ومناطق محافظة صعدة الصمود والإباء.
شاهد عيان من فوق دمار منزله يقول: “عند سماع دوي الانفجار للغارات شاهدنا مكانها ونحن مع أسرنا نازحون في الكهوف والجبال المجاورة، على أمل أن ينتهي الحرب ونعود لمنازلنا، لكن الغارات دمّـرت مستقبلًا كاملًا، ونحن اليوم مشردون”.
طلاب وطالبات من فوق جدران المدرسة وما بقي من فصولها ومحتوياتها يقول أحدهم: “في هذا المكان كانت أخواتي يدرسن وكل بنات المنطقة ولا توجد مدرسة أُخرى في العزلة، ولكن غارات العدوان حوَّلتها إلى دمار، وهذا لا يعني أن التعليم انتهى في اليمن، بل سنصمد ونتعلم تحت الأشجار وفي والكهوف والخنادق، والمتراس”.
الطريق العام في مديرية باقم باتت هدفًا يوميًّا لغارات العدوان الذي تواصل التحليق فوق سماء المديرية الحدودية، وقطع وصول أي نوع من الإمدَادات الغذائية والدوائية، لسكان باقم وشدا والمناطق المحاذية لجارة العدوان المتغطرس، في محاولة لتشديد الحصار وتجويع من بقي من الأهالي؛ لإجبارهم على النزوح والتشرد وإخلاء الأرض من أي شكل من أشكال المقاومة؛ ليسهل لجيش العدوّ ومرتزِقته اقتحامها وتحويلها إلى منطقة عسكرية.
استهداف غارات العدوان للمنازل والمدارس والصالات والمزارع جريمة حرب بحق الأعيان المدنية وواحدة من آلاف جرائم الحرب بحق الإنسانية في اليمن، استمر العدوّ في ارتكابها على مدى 9 أعوام، أمام العالم الذي لم يحرك ساكنًا، والمنظمات الإنسانية والحقوقية والجهات القانونية المتواطئة.
5 أغسطُس 2015.. 17 شهيداً وجريحاً باستهداف غارات العدوان للأسواق والأحياء السكنية في تعز:
في مثل هذا اليوم 5 أغسطُس آب من العام 2015م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، الأسواق والأحياء السكنية في مديريات محافظة تعز، بسلسلة من الغارات أسفرت عن 9 شهداء و8 جرحى، وتدمير للمنازل والمحال والممتلكات، وتضرر العديد من الممتلكات الخَاصَّة والعامة، وحالة من الخوف في نفوس الأهالي في المناطق المجاورة، وفقدان أسر الشهداء والجرحى وذويهم الأمل في ظل اليتم وفقدان معيليها، واستهداف ممتلكاتها.
المتسوقون والبائعون عادت أخبارهم قبل جثامينهم وأجسادهم الجريحة، فكانت الفاجعة بحق أهاليهم -أطفالًا ونساءً وأقرابَ، وجيران- وخيَّم الحزن والعزاء على أجواء محافظة تعز بمختلف أطيافها ومكوناتها السياسية والثقافية، أمام آلة القتل والإبادة السعوديّة الأمريكية التي استهدفت الأسواق والمحال التجارية والسيارات والمنازل في مناطق متفرقة.
هنا أم تبكي ولدها وطفل يبكي والده، وأخت تبكي أخاها، وجار يعزي جاره، والكل في حالة تأهب للموت والشهادة أمام تحليق طيران العدوان المتواصل على المحافظة.
ينقل الجرحى والشهداء إلى المشافي ويلحقهم أهاليهم ومن تعرف عليهم، ليجد بعضهم قطعًا وأشلاء لا يُعرف لمن تعود فكانت بدلاً عن المفقودين، في مشهد مأسوي حزين
سينتظر الأهالي متسوقيهم الذين لن يأتوا أبداً:
من بين المتسوقين آباءٌ وإخوة وأجداد وعموم وأخوال، وكُلٌّ له أهله المنتظرون عودتَه محمَّلًا بما وعدهم به ليلة البارحة قبل التسوق والنوم مساء، بشراء احتياجاتهم من الدقيق والزيت والخضروات والفواكه وعلب الحلوى، كما ودعوهم عند الخروج باكراً على أمل العودة، لكن غارات العدوان السعوديّ الأمريكي على الأسواق في اليوم ذاته حالت دون ذلك، وقضت على حياتهم، ووعودهم، وآمال وتمنيات وأحلام أطفالهم، وأسرهم من يعولون، فظلوا منتظرين عودة المتسوقين الذين لن يأتوا أبداً، وما بقي في ذاكرتهم سوى الوداع المُر، والعيون الهاطلة بالدموع، والقلوب الحزينة والمكلومة.
فيما عاد الناجون من السوق محملين بالخوف والرعب والهلع ومشاهد الرعب في ذاكرتهم، وحملوا معهم إلى الأهالي والجيران أخبارَ من استشهدوا وجُرحوا من المتسوقين، فهنا طفل يطرق باب جاره العائد يسأله عن مصير والده، ذاك يتلعثم عن الإجَابَة ويحتضن طفل جاره وهو يذرف الدموع ويبكي هامساً في أذنه: “أبوك متأخر”، وهو في الحقيقة يخفي الحقيقة عنه بعد أن أُصيب والده إصابة خطيرة نُقل على إثرها إلى أحد المستشفيات خارج المديرية.
وهنا جار آخر يستبشر لكن البشرى كانت فاجعة، أسر عديدة لم تحضر الطعام بعد وظلت منتظرة لقدوم مصروفها واحتياجاتها الغذائية للتحضير منها، فظلت جائعة لليوم الآخر، وهي لا تزال تنتظر عودة عائلها الذي لم يعد بعد، لكن الخبر وصل كالصدمة ولم تقدر الحلوق على ابتلاع لقمة واحدة أعطيت لهم من الجيران المحسنين، وبات مشهد البكاء والنواح هو الوجبة الأكيدة.
شاهد عيان يقول: “هذا عدوان غاشم استهدف المستضعفين، مواطنين لا شأن لهم بالحرب، هذه جثث مقطعة ومتفحمة، وهذه أكياس دقيق وعلب الفول، ودفاتر المدرسة وعلب الألوان شروها لأطفالهم وأهاليهم فمزقتها الشظايا واحترق منها الكثير، وهذه الباصات والسيارات والشاحنات محملة بالبضائع كلها تحترق، فهل هذه هي الشرعية وصلت وأعادها النظام السعوديّ للشعب اليمني، الله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل”.
أحد الناجين بدوره يقول: “هل أنا مطلوب للعدوان السعوديّ الأمريكي؟!، أنا مواطن أعمل حجر وطين قدمت إلى السوق لشراء احتياجات العيد، هل أنا وغيري من المواطنين أمثالي قيادات؟! هل نحن أهداف تمكّنكم من الانتصار؟! هل هذه الجرائم تعيد الشرعية! هل هذا هو وقوفكم مع الشعب اليمني! أم أن قتلنا هو ما تظنون أنكم تساعدوننا به! وهذه أجساد الأطفال والنساء تتفحم، هل هي أهدافكم العسكرية؟!”.
19 شهيداً وجريحاً، خلفهم عشرات الأسر ومئات الأطفال والنساء والمحبين والأقارب، كُـلّ هؤلاء عمَّقَ العدوان فيهم الحزنَ والكمد، والخوف والرعب بجريمة وحشية، لا توصيفَ آخرَ لما يحدث فيها سوى الإبادة، وواحدة من جرائم الحرب المستهدفة للأعيان المدنية على مدى 9 أعوام، أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، والمجتمع الدولي ومنظماته ومؤسّساته الإنسانية والحقوقية والقانونية والجنائية.
ويظل جبرُ ضَرَرِ جرائم العدوان حَقًّا مشروعًا للشعب اليمني لن يسقط بالتقادم.
5 أغسطُس 2016.. 15 شهيداً وعددٌ من الجرحى باستهداف طيران العدوان منازلَ وَسيارات المواطنين في الطريق العام بصعدة:
في مثل هذا اليوم 5 أغسطُس آب من العام 2016م، استهدف طيرانُ العدوان السعوديّ الأمريكي، 3 منازل وعدداً من السيارات، على الطريق العام بمديرية باقم الحدودية، بصعدة.
أسفرت غارتُه الأولى التي استهدفت سيارة مواطن على الطريق العام عن 9 شهداء و3 جرحى، جُلُّهم أطفال ونساء من أسرة واحدة، في جريمة إبادة جماعية يندى لها جبين الإنسانية، وحالة من الخوف في نفوس المسافرين والمتنقلين، عبر الطريق العام الرابط بين مديريتَي باقم وشدا الحدوديتين.
إنها الإبادة الجماعية:
أسرة من 12 فرداً، أطفال ونساء، رجل وزوجته وأطفالهم ووالده ووالدته كانوا على متن سيارتهم في طريق النزوح بعد أن قصف العدوان منازل جيرانهم وتضرر منزلهم ونجوا بلطف الله خلال الأيّام الأولى، لكن طيران العدوان لم يتركهم وشأنهم للنزوح، بل لاحقتهم غاراته الغاشمة إلى الطريق العام وألقت حمم حقدها وجرمها على أجسادهم داخل هيكل سيارة مدنية لا تقوى على حمايتهم، بل كانت مقبرتهم الجماعية.
هنا الأشلاء والجثث والدماء، وسط حديد السيارة المحترقة، والمكسرة، مع الشظايا وألسنة اللهب وأعمدة الدخان، ورائحة الموت ومشاهد التوحش والإجرام، وأصوات الصراخ والبكاء والأنين، لمن بقي حياً وأخرجته الغارة من النافذة، إلى منحدر الجبل، في ظل تحلق متواصل لطيران العدوّ.
أهالي المناطق المجاورة يهبون لنجدة من بقي حيًّا وإسعاف الجرحى، لكن الطيران يعاود غاراته بالجوار ويمنعهم، لكن ثقافة الجهاد والاستشهاد حاضرة ليتسلل عدد من الأهالي نحو الشهداء والجرحى وكلهم خوف ورعب من معاودة الغارات لقتلهم، كما هو الحال في مرات عديدة، فهذا وذاك وآخرون يستبسلون لسحب الجثث من داخل السيارة وتجميع الأشلاء من الطريق العام والمنحدرات الجبلية، بقلوب ملؤها الصبر والصمود وحب لقاء الله في درب الجهاد والإحسان، وإنقاذ الأرواح إن أمكن ذلك.
النزوح إلى الموت:
أحد الجرحى وكله دمٌ وحروق يتألم ويقول بصوت مليء بالقهر والأسى: “كنا في طريقنا على السيارة ومعنا الأطفال والنساء نازحين تركنا منازلنا بعد استهدافها من قبل غارات العدوان، لنبحث عن مكان آمن وشددنا الرحال، لكن طيران العدوان لاحقنا وتمكّن منا هنا، ولم ندرك إلا بالغارة علينا والسيارة تحترق بمن فيها، حسبنا الله ونعم الوكيل، وإن شاء الله نأخذ بحقنا ودمائنا مهما طالت الأيّام والسنون”.
جريح آخر يقول: “تركنا منازلنا وقلنا نبحث عن أي مكان نأمن فيه على أطفالنا ونسائنا، لكن العدوان لم يتركنا ولحقنا إلى عرض الطريق، ليقتلنا بهذه البشاعة والوحشية، فهل نحن قيادات عسكرية ليتابعنا ويرصدنا، هذا عدوان غاشم إرهابي، ولم تعد في هذا العالم أية إنسانية أَو ضمير حي، يقتلوننا ويدمّـرون بيوتنا، وعندما نهرب وننزح يلاحقوننا ويحاولون قتلنا مرة تلو أُخرى، الله المستعان يا عالم”.
بكل أسف وحزن، هذه الجريمة بحق 9 شهداء و3 جرحى من أسرة واحدة، كانوا على متن سيارة واحدة تقلهم للنزوح، تم استهدافهم من قبل طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، سيارة على الطريق العام في مديرية باقم الحدودية.
هذه الجريمة المؤلمة هي جريمة حرب وإبادة جماعية تؤكّـد على ضرورة حماية المدنيين والأبرياء من ويلات العدوان، والعمل على وقف الغارات على اليمن، وتقديم العدوّ للمحاسبة القانونية والجنائية، وتوفير الأمن والسلام لجميع أبناء اليمن.
بل هي واحدة من آلاف جرائم العدوان السعوديّ الأمريكي بحق الشعب اليمني التي ارتكبها طوال 9 أعوام متواصلة في ظل صمت أممي ودولي مكشوف، وغياب الضمير العالمي الحر، للمطالبة بمحاسبة مجرمي الحرب وتقديمهم للعدالة، لينالوا جزاءهم الرادع.
تدميرُ المنازل على رؤوس ساكنيها:
وفي سياق متصل بمحافظة صعدة باليوم والعام ذاته 5 أغسطُس آب 2016م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي 3 منازل وعددًا من السيارات في المديرية ذاتها، بسلسلة من الغارات التي أسفرت عن 6 شهداء وعدد من الجرحى، وتدمير كلي للمنازل والسيارات وتضرر ممتلكات ومنازل المواطنين المجاورة.
هنا الدمار والخراب والأشلاء والجثث والدماء المسفوكة، والصراخ والنزوح الجماعي.. أطفال ونساء وكبار سن يخرجون من أجداث منازلهم المدمّـرة والمتضررة مسرعين طلباً للنجاة، كما هو حال جيرانهم في المناطق والأحياء والقرى المجاورة، يتركون منازلهم وممتلكاتهم ويبحثون عن الملاجئ والمساكن البديلة في الجبال والكهوف والتخييم تحت ظلال الأشجار وبين المزارع.
الأهالي ينتشلون جثث الشهداء أطفال ونساء، والجرحى، والناجين، في ظلمة الليل وعلى أضواء الكشافات، وكلهم خوف من معاودة الغارات، فهذا وذاك منهمكون في العمل والحفر لإنقاذ جيرانهم غير مبالين، بتحليق الطيران المُستمرّ.
منازل متجاورة كانت هنا قبل الغارات، باتت أكوامًا من الأتربة والدمار، المختلط بالأثاث والأخشاب، والمدخرات والذكريات، من لُعَبِ الأطفال والصور العائلية، والكتب المدرسية، وحقائب الدراسة، وعُلَبِ الأقلام الملونة، وكل تفاصيل الحياة، ومتطلباتها، وسط هذه الأكوام.
مُلَّاكُ المنازل المستهدفة يعودون لزيارة منازلهم بين الحين والآخر، منهم من لم يجد لها أثرًا، ومنهم من ينتظر دوره في قائمة التدمير الممنهج للحياة ومعالمها ومقوماتها في محافظة صعدة على وجه الخصوص والمناطق والمديريات الحدودية بشكل عام.
أحد الأهالي يقول: “هذه الأعمال لماذا لم تكن بحق الإسرائيليين الذين يقتلون الشعبَ الفلسطيني منذ عقود؟! أين هي عواصف السعوديّة أمام هذا الكيان الصهيوني، من أقرب للسعوديّة اليمن أم العدوّ الإسرائيلي؟! ولكن نعاهد الله إننا على درب الشهداء ماضون حتى نقيم الحق ونكشف حقيقة الأعداء وننتصر لدماء شعبنا اليمني مهما كانت التضحيات”.
جرائم محو الأسر بكامل عددها من الوجود وتدمير عشرات المنازل في قرى ومناطق صعدة، واحدة من آلاف جرائم الحرب مكتملة الأركان، بحق الشعب اليمني كرّرها العدوان، على مدى 9 أعوام، في ظل صمت دولي مطبق، وتواطؤ مجلس الأمن والأمم المتحدة المستدام.
5 أغسطُس 2018.. 9 شهداء وجرحى في استهداف طيران العدوان منزل مواطن بحجّـة:
في مثل هذا اليوم 5 أغسطُس آب من العام 2018م، استهدف طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، منزل أحد المواطنين في منطقة بني حيدان بمديرية المحابشة، محافظة حجّـة.
أسفرت غارات العدوان عن شهيدين و7 جرحى، بينهم أطفال ونساء، وتدمير المنزل على رؤوس ساكنيه، وحالة من الخوف في نفوس الأهالي وتضرر عدد من المنازل والممتلكات المجاورة، وموجة من النزوح والتشرد نحو المجهول.
هنا الأشلاء والدماء والشظايا والدمار والخراب، لمنزل أحد المواطنين، هنا الصراخ والنجدة والهرب، كُـلٌّ يحاول الاقتراب من المنطقة وهلع خوف ورعب من عودة الطيران، هنا المآسي والأوجاع، هنا شهيدان و7 جرحى، كانوا يغطون في نومهم العميق، غدر بهم طيران العدوّ وحقده الأسود والجبان، وسط ظلمة الليل.
مشاهد الأهالي وهم يرفعون الأنقاض والأحجار والدمار، من فوق الجرحى والشهداء، يملأها الحزن والغضب والقهر من مغبة العدوان وغاراته الجوية، فيقول أحدهم من فوق الدمار: “إذا كان في العدوّ السعوديّ والأمريكي شجاعة ورجولة بيننا الميدان، لماذا يستهدفون المدنيين نساءً وأطفالا يا أمة الإسلام؟ هل بقي فيهم هؤلاء شهامة ومروة وقيم وأخلاق الحروب، لكن ذلك لن يثنينا عن الاستمرار في المواجهة والذود عن أرضنا ووطنا ودماء أطفلنا ونسائنا، والجهاد في سبيل الله هو الحل الوحيد لشعبنا وأمتنا من كُـلّ الطواغيت”.
هنا الجرحى في أحد المستشفيات يصرخون ويئنون ومعهم جيرانهم المفزوعون مِن قاتل يطير بسمائهم، ويستهدف منازلهم وأحياءهم وكل ممتلكاتهم على مدار الساعة، دونَ توقف، فيقول أحد الجرحى من على سرير المستشفى: “جراحتُنا ستُشفى ولكن قلوبنا لن تنسى للعدو السعوديّ الأمريكي جرمَه بحقنا وحق شعبنا، والجبهاتُ والميادين قبلتنا وقبلة كُـلّ الأحرار في هذا العالم”.
جريمةُ العدوان بحق أسرة في حجّـة واحدةٌ من آلاف جرائم الحرب المستهدِفة للمدنيين والأعيان المدنية التي استمر العدوّ السعوديّ الأمريكي في ارتكابها بحق الشعب اليمني، على مدى 9 أعوام متتالية وأمام العالم والمجتمع الدولي، وفي ظل وجود القانون الدولي والقوانين والدساتير والمواثيق والاتّفاقيات الإنسانية والحقوقية، وصمت وتواطؤ أممي مكشوف.