أمين عام القلق…!
د. أشرف الكبسي
سعادة السيد بان كي مون..
لا أدري ما المؤهلاتُ اللازمةُ ليُصبِحَ أحدُنا أميناً عاماً للأمم المتحدة، لكن وبالنظر إلى شخصكم الكريم، يبدو جلياً أن أهمَّها إجادةُ الإعراب عن القلق، ما يجعلُني بلا شك أكثرَ البشر استحقاقاً لهذا المنصب الرفيع، فلدي من القلق ومبرراته ما تكفي جُرعة مجهرية منه لقتلِ ديناصور بحجم أُمَّة منهاتن..!
نعم سيدي..أنا قلقٌ بكم ومنكم ولكم، أليست الإنْسَانية في عهدكم الأممي، قلقٌ جديرٌ بالاحترامِ بالغ التفاقم؟! فإن علمتم أنني إنْسَانٌ يمني، لكان هذا كافياً، في تقديري، لتنازُلِكم الطوعي عن أمانة القلق لأكثر خلق الله قلقاً!
لا أعلمُ مساحة القلق التي تولونها لليمن وما يحدث في اليمن، وهل هو قلقٌ مخصَّب إنْسَانياً بما يكفي لأطمئن أن القنابل العنقودية الأمريسعودية ستمنحُني وشعبي فرصةً تاليةً للقلق اللائق بالأحياء..!
نظرة واحدة لمبعوثكم إلى اليمن، ولد شيخ، تبعث كُلّ قلق الحضارات البشرية دفعةً واحدةً منذ العصور الحجرية الأولى وحتى عصر القلق الرقمي الأخير، وأسوأ ما في الأمر، يا سيدي، أن هذا (الولد) لا يكاد يقلق!
كيف لا.. ومبعوثكم هذا ينبعثُ في كُلّ بلاد الله إلا اليمن، وينتقع في كُلّ برميل نفط، إلا برميل القلق حيث ينبغي أن يكونَ!
بالأمس قصفت طائراتُ التحالف اللعين، للمرة الألف، حينا السكني القلق منذ تسعة أشهر، وقال لي طفلي الصغير، بأنه جد خائف، فأخبرته بكل ثقة وطمأنينة: سنكون بخير، كسوريا والعراق وليبيا والأوزون، فالسيد بان كي مون قلق!
كان ديكارت محقاً عندما قال: أنا أقلق إذاً أنا موجود!
وأخشى، والحالُ حالكم، أنكم قريباً ستقولون بلكنة أممية متحدة:
أنا أقلق إذاً أنت غير موجود!