السنوار قائدًا لحماس.. صفعة مُدويّة على وجه العدو الصهيوني وحلفائه وداعميه
يمني برس – متابعات
بعد مرور أكثر من عشرة أشهر من تلقي العدو الصهيوني صفعة مباغتة، أدخلته في حالة صدمة وهذيان لم يستطع الخروج منها حتى يومنا هذا.. تلقي العدو صفعة جديدة مدويّة على وجهه ووجه داعميه وحلفائه بإعلان القائد البطل يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس، لا تقل أهميتها عن الصفعات السابقة.
ففي الوقت الذي يُفترض بأن حركة المقاومة الإسلامية حماس تلقّت ضربة قاسية باغتيال قائدها -وفق التصورات الصهيونية- إلا أن اختيار السنوار قائداً للحركة أحدث صدمة مُدوية لكل من انتشى فرحًا باغتيال الشهيد الراحل إسماعيل هنية؛ ومثّل تحديًا واضحًا للكيان الغاصب وداعميه وأعوانه من خلفه، بأن الضربات التي تتلقاها المقاومة لا تزيدها إلا إصرارًا وعنادًا ومُضيًّا في خوض مسار الحرب إلى أبعد مما يتخيله أعداء الشعب الفلسطيني.
ونظرًا لما يُمثّله السنوار من رمزية إذلال جيش العدو الصهيوني ورئيس وزرائه المجرم بنيامين نتنياهو، بمعركة طوفان الأقصى وما تلاها من حرب لم تزل رحاها دائرة حتى يومنا هذا، لم يتحقق فيها هدف صهيوني واحد حتى اليوم، وكبّدت فيها المقاومة الفلسطينية المنظومة العسكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية للعدو الصهيوني خسائر غير مسبوقة ولا يمكن ترميمها على المدى القريب.
وفي ردود الفعل الفلسطينية، باركت كل فصائل المقاومة الفلسطينية انتخاب القائد يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس وخلفًا للقائد الشهيد إسماعيل هنية.. مؤكدةً أنَّ انتخابه رسالة قوية للعدو الصهيوني بأن حماس لا تزال قوية ومتماسكة، وقادرة على تجاوز المِحَن.
وعقب إعلان السنوار رئيسًا للحركة لم يُخفِ العدو الصهيوني ما أصابه من خيبة أمل، وجاء على لسان إعلامييه ومسؤوليه ما يؤكد ذلك الشعور لديهم؛ حيث قالت هيئة البث الصهيونية: إن تعيين السنوار مفاجئ ورسالة لـ”إسرائيل” بأنه حي وأن قيادة حماس بغزة قوية وقائمة وستبقى.
فيما قال ما يسمى بوزير الخارجية الصهيوني يسرائيل كاتس: إن “تعيين القاتل السنوار زعيما لحماس هو سبب آخر للقضاء عليه ومحو ذكر هذه المنظمة من على وجه الأرض”.. بحسب قوله.
من جانبه، قال محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” آفي يسخاروف: إن “حماس اختارت أخطر شخص لقيادتها”.. أما قناة “كان” الرسمية الصهيونية فقالت: إن اختيار السنوار يُظهر أن حماس في غزة لا تزال قوية.
ويذكر أن العدو الصهيوني يعتبر السنوار مهندس عملية “طوفان الأقصى” البطولية يوم السابع من أكتوبر 2023، التي كبدتها خسائر بشرية وعسكرية وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم، فأعلنت أن تصفيته أحد الأهداف الرئيسية لحربها الحالية على غزة.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن اختيار السنوار رئيسًا لحركة حماس له أبعاد منطقية في هذه المرحلة لأسباب ذاتية ولأسباب موضوعية؛ فمن حيث الأسباب الذاتية فإن السنوار هو نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بالإضافة إلى كونه واحدًا من القيادات التاريخية التي أسست الحركة منذ نشأتها.
وأضاف عرابي في مداخلة له على شبكة الجزيرة: إن الأسباب الموضوعية تتعلق بالرد على العدو الصهيوني الذي اعتقد أنه يمكنه خلق حالة من الفوضى والتفكك داخل حركة حماس، فكان رد الحركة أنها متماسكة بحيث تختار رئيسًا لها من داخل قطاع غزة، وهو ما يُمثّل رمزية أخرى لها بُعد أخلاقي؛ حيث تُمثل رمزية وجود القائد داخل القطاع، تطبيقًا عمليًّا لفكرة التحام المقاومة بالشعب الفلسطيني وأنهم يعيشون آلام أهل غزة استشهادًا واعتقالا ومطاردة.
بدوره، رأى الخبير في الشأن الصهيوني شادي شرف أن اختيار السنوار يُشكل “صفعة جديدة بوجه الاستخبارات العسكرية الصهيونية بعد صفعة السابع من أكتوبر الماضي، في إشارة إلى عملية “طوفان الأقصى”.
واعتبر أن هذا الاختيار يشكل تحديًا للمنظومة الأمنية ولكل الضربات العسكرية وحرب الإبادة التي تشن على غزة.. لافتًا إلى أن تعيين السنوار يؤكد أن وجهة حماس ما زالت نحو المقاومة والتمسك بهذا الخيار لأن السنوار هو من يقود المفاوضات والعقل المدبر لهجوم طوفان الأقصى.
وذكّر أن السنوار يحظى بشعبية واسعة ليس فقط لدى حماس بل أيضًا لدى فصائل عديدة موجودة في قطاع غزة.. مشيرًا إلى أنه استطاع إعادة بلورة وصياغة العلاقات مع جميع الفصائل بطريقة كانت مقبولة جدًا مقارنة بالفترات السابقة.
من هو القائد يحيى السنوار:
يحيى السنوار رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، من مواليد عام 1962، اعتقله العدو الصهيوني عدة مرات وحكم عليه بأربع مؤبدات قبل أن يفُرج عنه بصفقة تبادل أسرى عام 2011، وعاد إلى نشاطه في قيادة كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحماس).
اُنتخب رئيسا للحركة في قطاع غزة عام 2017 ومرة أخرى عام 2021، وفي 2024 انتخب رئيسا للمكتب السياسي للحركة بعد اغتيال العدو الصهيوني سلفه إسماعيل هنية.
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار يوم السابع من أكتوبر 1962 في مخيم خانيونس للاجئين جنوب قطاع غزة، نزحت أسرته من مدينة مجدل شمال شرق القطاع بعد أن احتلتها “إسرائيل” إثر نكبة عام 1948 وغيرت اسمها إلى “أشكلون” (عسقلان).
تلقى تعليمه في مدرسة خانيونس الثانوية للبنين، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزة ويتخرج منها بدرجة الباكالوريوس في شعبة الدراسات العربية، ونشأ في ظروف صعبة وتأثر في طفولته بالاعتداءات والمضايقات المتكررة للعدو الصهيوني لسكان المخيمات.
تزوج في 21 نوفمبر 2011 من سمر محمد أبو زمر، وهي سيدة غزية حاصلة على ماجستير تخصص أصول الدين من الجامعة الإسلامية بغزة، له ابن واحد يدعى إبراهيم.
كان ليحيى السنوار نشاط طلابي بارز خلال مرحلة الدراسة الجامعية، إذ كان عضوا فاعلا في الكتلة الإسلامية، وهي الفرع الطلابي لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين.
شغل مهمة الأمين العام للجنة الفنية ثم اللجنة الرياضية في مجلس الطلاب بالجامعة الإسلامية بغزة، ثم نائبا لرئيس المجلس ثم رئيسا للمجلس.
ساعده النشاط الطلابي على اكتساب خبرة وحنكة أهلته لتولي أدوار قيادية في حركة حماس بعد تأسيسها عام 1987 خلال انتفاضة الحجارة.
أسس مع خالد الهندي وروحي مشتهى -بتكليف من مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين– عام 1986 جهازا أمنيا أطلق عليه منظمة الجهاد والدعوة ويعرف باسم “مجد”.
وكانت مهمة هذه المنظمة الكشف عن عملاء وجواسيس العدو الصهيوني وملاحقتهم، إلى جانب تتبع ضباط المخابرات وأجهزة الأمن الصهيونية، وما لبثت أن أصبحت هذه المنظمة النواة الأولى لتطوير النظام الأمني الداخلي لحركة حماس.
اعتقل لأول مرة عام 1982 بسبب نشاطه الطلابي وكان عمره حينها 20 عاما، ووضع رهن الاعتقال الإداري أربع أشهر وأعيد اعتقاله بعد أسبوع من إطلاق سراحه، وبقي في السجن ستة أشهر من دون محاكمة.. وفي عام 1985 اُعتقل مُجدداً وحكم عليه بثمانية أشهر.
في 20 يناير 1988، اُعتقل مرة أخرى وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل جنديين صهيونيين، وقتل أربعة فلسطينيين يشتبه في تعاونهم مع العدو الصهيوني، وصدرت في حقه أربعة مؤبدات (مدتها 426 عاما).
وخلال فترة اعتقاله تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون لدورتين تنظيميتين، وساهم في إدارة المواجهة مع مصلحة سجون العدو خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004.
تنقل بين عدة سجون؛ منها المجدل وهداريم والسبع ونفحة، وقضى أربع سنوات في العزل الانفرادي، عانى خلالها من آلام في معدته، وأصبح يتقيأ دما وهو في العزل.
حاول الهروب من سجنه مرتين، الأولى حين كان معتقلا في سجن المجدل بعسقلان، والثانية وهو في سجن الرملة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
وفي سجن المجدل، تمكن من حفر ثقب في جدار زنزانته بواسطة سلك ومنشار حديدي صغير، وعندما لم يتبق سوى القشرة الخارجية للجدار انهارت وكشفت محاولته، فعوقب بالسجن في العزل الانفرادي.. وفي المحاولة الثانية في سجن الرملة استطاع أن يقص القضبان الحديدية من الشباك، ويجهز حبلا طويلا، لكنه كشف في اللحظة الأخيرة.
وتعرض لمشاكل صحية خلال فترة اعتقاله، إذ عانى من صداع دائم وارتفاع حاد في درجة الحرارة، وبعد ضغط كبير من الأسرى أجريت له فحوصات طبية أظهرت وجود نقطة دم متجمدة في دماغه، وأجريت له عملية جراحية على الدماغ استغرقت سبع ساعات.
حُرم خلال فترة سجنه من الزيارات العائلية، وصرح شقيقه غداة الإفراج عنه أن العدو الصهيوني منعه من زيارة يحيى 18 عاما، كما أن والده زاره مرتين فقط خلال 13 عاما.
استثمر يحيى السنوار فترة السجن التي استمرت 23 عاما في القراءة والتعلم والتأليف، تعلم خلالها اللغة العبرية وغاص في فهم العقلية الصهيونية، وألف عددا من الكتب والترجمات في المجالات السياسية والأمنية والأدبية.
أُطلق سراح يحيى السنوار عام 2011، وكان واحدا من بين أكثر من ألف أسير حرروا مقابل الجندي الصهيوني جلعاد شاليط ضمن ما سمي صفقة “وفاء الأحرار”.. وتمت الصفقة بعد أكثر من خمس قضاها شاليط في الأسر بغزة، ولم تنجح “إسرائيل” خلال عدوانها الذي شنته على القطاع نهاية 2008 في تخليصه من الأسر.
وبعد الخروج من السجن اًنتخب السنوار عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس خلال الانتخابات الداخلية للحركة سنة 2012، كما تولى مسؤولية الجناح العسكري كتائب عز الدين القسام، وشغل مهمة التنسيق بين المكتب السياسي للحركة وقيادة الكتائب.
وكان له دور كبير في التنسيق بين الجانبين السياسي والعسكري في الحركة خلال العدوان الصهيوني على غزة عام 2014م، وأجرى بعد انتهاء هذا العدوان تحقيقات وعمليات تقييم شاملة لأداء القيادات الميدانية، وهو ما نتج عنه إقالة قيادات بارزة.
تعرض منزله للقصف عدة مرات، إذ قصفته طائرات العدو الصهيوني ودمرته بالكامل عام 2012، وخلال العدوان على قطاع غزة عام 2014، ثم خلال غارات جوية صهيونية في مايو 2021.
ويوصف القائد السنوار بأنه شخصية حذرة، لا يتكلم كثيراً كما لا يظهر علناً إلا نادراً، كما أنه يمتلك مهارات قيادية عالية وله تأثير قوي على أعضاء الحركة.
وبعد عملية طوفان الأقصى، أصبح يحيى السنوار المطلوب الأول لدى الكيان الصهيوني، إضافة إلى محمد الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام.
وأصبح التخلص من زعيم حماس أهم الأهداف الإستراتيجية للعملية العسكرية الصهيونية في قطاع غزة، والتي أطلقت عليها اسم “السيوف الحديدية”، إذ يعتبره مسؤولون صهاينة العقل المدبر لهجوم السابع من أكتوبر 2023.
يوم 20 مايو 2024 أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان تقديمه طلبا للمحكمة لاستصدار أمر اعتقال بحق نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت ومن جهة أخرى السنوار والضيف وهنية بتهم ارتكابهم جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية عقب أحداث أكتوبر 2023.
وتعليقا على هذا القرار ، قال سامي أبو زهري القيادي في حركة حماس لوكالة أنباء “رويترز”: إن قرار الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرة اعتقال بحق ثلاثة من قادة الحركة الفلسطينية “مساواة بين الضحية والجلاد”.. مؤكداً أن قرار المحكمة يشجع “إسرائيل” على الاستمرار في “حرب الإبادة”.
سبأ: مرزاح العسل