هيروشيما اليابان.. وهيروشيما فلسطين
عبدالفتاح علي البنوس
أكثر من ٣٠٠ يوم من العدوان والحصار الصهيوني على قطاع غزة، وما تزال حرب الإبادة الجماعية مستمرة بحق المدنيين من الرجال والنساء والأطفال، وما يزال الإجرام والتوحش الصهيوني مستمرا بكل صلف ووحشية، وما تزال أمريكا تزود هذا الكيان الغاصب بأحدث وأفتك الأسلحة، أطنان من القنابل المحرمة، وأعداد هائلة من الصواريخ المدمرة، علاوة على الإسناد والدعم المالي والعسكري والسياسي واللوجستي والإعلامي والأممي والدولي، حيث تزامن تجاوز العدوان على غزة حاجز الـ ٣٠٠ يوم مع مرور الذكرى السنوية الـ ٧٩ لجريمة إلقاء أمريكا القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية في السادس من أغسطس من العام ١٩٤٥خلال الحرب العالمية الثانية .
هذا التزامن بين كارثة هيروشيما اليابان مع هيروشيما فلسطين (غزة) والتي تعرضت وما تزال لحرب إبادة شاملة لا تقل في فداحتها وخطورتها وكارثيتها عن هيروشيما اليابان، والتي ارتكبتها السلطات الأمريكية بكل دم بارد مخلفة مئات الآلاف من القتلى والمعاقين والمشوهين، الأمريكي هو ذاته اللاعب الرئيسي والشريك المتغطرس في هيروشيما غزة، فهو وإن لم يكن المنفذ لكل تلكم المجازر والمذابح الوحشية التي يرتكبها جيش كيان العدو الإسرائيلي بحق أبناء غزة، إلا أنه هو الذي يزود السفاح الصهيوني بالقنابل المحرمة دوليا والتي يقدر وزن ما استخدمه منها خلال ٣٠٠ يوم من العدوان قرابة ٨٢ ألف طن من المتفجرات وهو رقم مهول جدا قياسا على حجم المساحة والرقعة الجغرافية المستهدفة، وهو ما يوازن قنبلة ذرية .
دمار وخراب شبه كامل لقطاع غزة، حرب إبادة شاملة، إهلاك للحرث والنسل، قضاء على كل مقومات الحياة، 7مقابر جماعية أقامها هذا الكيان الإجرامي داخل مستشفيات غزة التي قام باقتحامها وتدميرها، عثر فيها على ما يقارب ٥٢٠ شهيدا، علاوة على اختطافه لجثث القتلى، ومتاجرته بأعضائهم البشرية، واستباحته وانتهاكه لحرمات الموتى، بعد أن استباح وانتهك بكل صلف ووحشية حرمات الأحياء على مرأى ومسمع العالم أجمع، قنابل فراغية وعنقودية، استخدمت وما تزال الكثير منها تستخدم ولأول مرة في هيروشيما فلسطين (غزة)، مشاهد مرعبة لحالة الخراب والدمار الذي لحق بقطاع غزة، أحياء سكنية تم اجتثاثها من على وجه الأرض، وأحياء تحولت إلى أكوام من الخراب، تشبه إلى حد كبير مدن الأشباح والأرواح الشريرة التي كنا نشاهدها في مسلسلات الأطفال الكرتونية .
الصهيوني يقتل ويحاصر ويعربد، والأمريكي يدافع ويساند ويناصر ويبرر، رغم أنه يمتلك أدوات الضغط على هذا الكيان الكفيلة بإيقاف العدوان وإنهاء الحصار، ولكنه يتعمد المراوغة، وخلط الأوراق، واللعب على عامل الوقت لتمكين الكيان من ارتكاب المزيد من المجازر والمذابح والجرائم، انحيازهم المفضوح للكيان الصهيوني دفع الأخير للعب بالنار، ظنا منه بأن أمريكا ستمنحه الأمان، ولن يكون هنالك رد على حماقاته وتصرفاته الرعناء خارج حدود فلسطين المحتلة، ولكنه لا يعلم بأن الجرح النازف في غزة سيشكل الطوفان الجارف له ولكيانه الغاصب الذي لا يمتلك أي صفة شرعية على الإطلاق، ولا يمكن أن تمر تلكم المجازر والمذابح الوحشية مرور الكرام دون أن يكون هنالك أي ردود مزلزلة عليها .
بالمختصر المفيد، كما كانت وما تزال هيروشيما اليابان شاهدة على الوحشية والإجرام والصلف الأمريكي، فإن هيروشيما فلسطين (غزة) ستكون هي الأخرى شاهدة على الوحشية والإجرام والصلف الصهيوني، وعلى النفاق والانحياز والإسناد الأمريكي، وعلى الخذلان والخنوع والخضوع العربي، وستظل حرب الإبادة الجماعية والحصار الصهيوني الغاشم على أبناء قطاع غزة بكل مآسيها وأحزانها وفواجعها هي الوقود الذي يمنح أبطال المقاومة الفلسطينية ومن خلفهم دول محور المقاومة روح الإصرار والعزيمة على الأخذ بالثأر، ورد الصاع صاعين، وتوجيه الضربات الموجعة لهذا الكيان الإجرامي الكفيلة بتأديبه، ومن ثم القضاء عليه بقوة الله وعونه وتأييده .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.