خطاب الضمير ونموذج الجمع بين الوعظ والتطبيق
عبد العزيز أبوطالب
بأسلوبه المتميز النافذ إلى أعماق الوجدان والمحاور للفطرة والعقل استعرض السيد القائد يحفظه الله في خطابه الأسبوعي ما يعانيه شعب عربي مسلم في فلسطين من ظلم لا تستوعبه العقول ولا ترضاه الفطرة الإنسانية من قتل لا يستثني طفلاً ولا امرأة ولا شيخاً كبيراً، من تجويع لشعب محاصر يمنع من وصول المساعدات أو العمل في أرض الله، من استهداف لإبادة جيل كامل إما قتلاً وتجويعاً أو بالأمراض تعمّد العدو نشر فيروساتها لتصنع جيلاً مشلولاً.
يتساءل السيد أسئلة استنكارية تثير كوامن العقول وتحرك عواطف القلوب، يسأل مئات الملايين من أمة الإسلام الذين يقرأون كتاب الله تعالى ألا تستثيركم هذه المشاهد؟
ألا تحزنون لأطفال جوعى خائفين مرعوبين من صواريخ العدو الصهيوني؟
ألا تتحركون لاستغاثات النساء الثكالى وهن يخاطبن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “يا رسول الله لا تشفع لهم”؟
ما هو جوابكم أمام الله تعالى يوم القيامة حين يسألكم عن واجب النصرة؟
ألم تقرأوا قول الله تعالى: “وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا”
ألم تقرأوا قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ”
ثم يحذرهم السيد القائد من عاقبة خذلان إخوتهم في فلسطين ونتائج مداهنة القتلة المستبيحين للأنفس المحرمة والمقدسات الإسلامية و ويذكرهم بقول الله تعالى: “إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.”، لأن التعاليم الإلهية عادة لا تقتصر عاقبة التفريط فيها على الآخرة بل إنها تبدأ من الدنيا كما تنص الآية الكريمة.
يناقش السيد القائد ما يمكن أن تكون أسباباً لذلك الإعراض والتخاذل والتعامي عن ما يحصل في غزة، هل هو الخوف من الأمريكان والصهاينة كما هو نراه ونلمسه من زعماء وشعوب مسلمة، وعلماء يدعون العلم؟
وهنا يذكرهم بالخوف الحقيقي وهو الخوف من الله والوقوف بين يديه يوم لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً.
في لحظة جامعة بين الوعظ والتطبيق ينتقل السيد القائد من حالة الوعظ التي أدمن عليها بعض من يدعون العلم ولكنهم يتمحورون حولها معتقدين أنهم قد قاموا بما يجب وسقطت عنهم المسؤولية أمام الله، إلى حالة التطبيق عندما سرد قائمة بمساندة الجبهة اليمنية من عمليات عسكرية وأنشطة وفعاليات داعمة وإعداد تعبوي، ويذكر مساهمة الشعب اليمني في قافلة التضحيات من شهداء وجرحى في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” ضمن “محور القدس محور الجهاد والمقاومة”.
يحقق السيد مفهوم الانعتاق من حالة التمركز حول الوعظ إلى التطبيق العملي خوفاً من التهديد الإلهي لأولئك الذين يقولون ما لا يفعلون وكبُرَ عند الله مقتاً أن يقولوا ما لا يفعلون، وهنا يكرر السيد القائد الوعيد بأن الرد على الكيان الصهيوني آتٍ لا محالة، متجاوزاً كل الضغوط التي تمارس لمنعه أو احتوائه، لا يخشى ما جمعته أحزاب الشر من الأساطيل والطائرات واثقاً أنما ذلك تخويف من الشيطان لأوليائه، وهو ما لا ينطبق على الشعب اليمني المؤمن المجاهد، الذي تميز بالسمع والبصيرة حين صُمّ وعمي الآخرون.