الأزمات الاقتصادية تحاصر العدو الصهيوني
الأزمات الاقتصادية تحاصر العدو الصهيوني
يمني برس/
يوماً تلو الآخر، يتوغَّــلُ الاقتصادُ “الإسرائيلي” داخل نفقٍ مظلمٍ؛ جراء تسارع الضربات التي يتلقاها، إثر استمرار العدوان والحصار على غزة، وارتداداتها المباشرة التي كبدت العدوّ نحو 68 مليار دولار.
و بالإضافة إلى خسائرَ مضاعفة غير مباشرة جراء الانعكاسات المترتبة على حالة الخوف والهلع داخل العمق الصهيوني من تكرار الضربات الصاروخية اللبنانية واليمنية والعراقية، والتي حولت الأراضي الفلسطينية المحتلّة إلى بيئة طاردة للأموال، وذلك قبل أن يتحول موضوع الرد المرتقب من قبل محور المقاومة إلى شبح مفزع جعل الاقتصاد الصهيوني يتآكل ذاتيًّا مع هول الانتظار، وقد يكون على الموعد مع صفعة موجعة تقضي على ما تبقّى.
وحسب وسائل إعلام وتصريحات صهيونية، فَــإنَّ ارتفاع العجز في الموازنة آخذ في التصاعد، فيما تنهار مؤشرات النمو والبورصات والأسهم، بالتزامن مع الإنهاك الشديد لمعظم القطاعات الحيوية “الإسرائيلية”.
ووفقاً لآخر تحديث لتقاريرَ ما يُعرَفُ بـ”المحاسب العام لوزارة المالية يالي روتنبرغ”، فَــإنَّ العجز المالي لحكومة العدوّ يرتفع بوتيرة متسارعة وقد سجل أكثر من 155 مليار شيكل؛ أي ما يعادل أكثر من 47 مليار دولار، بعد أن وقف في يونيو الماضي عند نحو 40 مليار دولار؛ ما يؤكّـد حجم المأزق الذي يمر به العدوّ اقتصاديًّا إلى جانب المأزق العسكري والأمني؛ وما يخلفه أَيْـضاً من متاعبَ اقتصادية كبيرة.
وتعليقاً على ذلك أكّـدت صحف عبرية أن العجز الذي تكابده حكومة العدوّ سوف يفرز متاعبَ اقتصادية أُخرى منها ارتفاع كلفة العجز الناتج عن تغطية الديون في ظل ارتفاع الفائدة على الدولار والشيكل معاً.
ولم تتوقف الخسائر الصهيونية عند أي حَــدّ، حَيثُ تؤكّـد تقارير مالية داخل “إسرائيل” أن ميزانية وزارتَي الحرب الصهيونية آخذة في الارتفاع؛ نظراً للإنفاق الكبير على المستويَّين الهجومي والدفاعي؛ ما يفاقم حجم العجز المالي للعدو، وترتفع معه كلفة الفائدة بشكل كبير؛ ما يزيد من حالة السخط التي تحاصر المجرم نتنياهو بشكل غير مسبوق.
أزمات متصاعدة وانهيارات متلاحقة:
وبالنظر إلى المعاناة الاقتصادية التي يعيشها الكيان الصهيوني في جانب العجز المالي، فَــإنَّه ومن الجوانب الأُخرى يتبين أن هناك كلفة جسيمة تنتظر الكيان، حَيثُ تنهار باستمرار مختلف القطاعات الحيوية الصهيونية، ومنها قطاع الصادرات الذي تراجع بشكل غير مسبوق وبنسبة تصل لـ8 % في الفصل الثالث من العام، وذلك جراء استمرار الحظر اليمني على الملاحة الصهيونية المارة من البحر الأحمر، وإغلاق ميناء أم الرشراش بصورة نهائية، فضلًا عن مطاردة السفن المتعاملة مع العدوّ على امتداد البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي والبحر العربي.
وفي صعيد متصل ومع تراجع قطاع السياحة بنسبة كبيرة تتجاوز 75 % حرمت العدوّ من نحو 7 مليارات دولار، فَــإنَّ الهجرة العكسية آخذة في الارتفاع، ليس على مستوى السكان، بل على مستوى المستثمرين ورؤوس الأموال، وهو ما يعود على العدوّ بالمزيد من الخسائر الجسيمة.
وتؤكّـد تقارير نشرتها وسائل إعلام صهيونية أنه لأول مرة يتوقف قطاع الاستثمارات عن النمو، فضلًا عن التراجع الكبير في هذا القطاع بنسبة تتجاوز الـ7 %، وهي نسبة تكلف العدوّ مليارات الدولارات، حَيثُ كانت الاستثمارات النوعية في الصناعات التكنولوجية والكهربائية والإنتاجية قد انهارت بفعل الحظر البحري اليمني، وَأَيْـضاً بفعل خشية المستثمرين من خسائر كبيرة قد يتكبدونها إذَا ما كان الرد اليمني الإيراني اللبناني واسعاً يطال القطاعات الحيوية، وهنا نستحضر التهديدات التي توعد بها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي حصر في خطابه الأخير بنية صناعية وحيوية بقيمة تتجاوز 160 مليار دولار يمكن نسفها في نصف ساعة؛ وهو ما أثار حفيظة المستثمرين لدى الكيان الصهيوني ورفع وتيرة هروبهم، وقد زاد ذلك من خسائر العدوّ.
وفي إطار إفرازات الهجرة العكسية، فقد انهار أَيْـضاً قطاع العقارات والبناء بتراجع كبير يصل إلى 40 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بالإضافة إلى فقدان الأصول العقارية لـ17 % من قيمتها السابقة حسب تقاريرَ صهيونية، وكل ذلك بفعل المخاوف التي تأكل الأخضر واليابس داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة.
تصدُّعاتٌ تطالُ العدوَّ من الداخل.. دخولٌ حتمي لطريق “الزوال”:
وكانت تقاريرُ إحصائية صهيونية قد تحدثت مطلع الأسبوع الجاري عن تراجع معدل النمو داخل “إسرائيل” بنسبة 0.4 % في الربع الثاني من 2024 بمقياس نصيب الفرد من الناتج المحلي، وذلك بالتزامن مع استمرار تراجع مؤشرات بورصات العدوّ.
وتأتي بيانات النمو الضعيفة في أعقاب خفض التصنيف الائتماني لـ”إسرائيل” من A+ إلى A الأسبوع الماضي من قبل وكالة “فيتش”، فيما أكّـدت الوكالة أن العدوّ مجبَرٌ على دفع تكاليفَ باهظة الثمن إذَا ما زاد عدد الجبهات، في إشارة إلى احتدام المواجهات في الجبهة الشمالية، وكذلك تكهنات الرد اليمني الإيراني اللبناني.
وقد أثارت هذه المؤشراتُ حفيظةَ العديد من المسؤولين والمعارضين “الإسرائيليين”، حَيثُ يقول كبير الاقتصاديين الصهاينة يوناتان كاتس: إن “نمو الناتج المحلي الإجمالي مخيب للآمال في الربع الثاني؛ بسَببِ انكماش الصادرات (السلع والخدمات) وضعف الاستثمارات”، محذراً من تداعيات مخيفة قد تطال العدوّ على المدى القريب والمتوسط والبعيد حتى بعد انتهاء الحرب.
من جانبه قال معلق الشؤون الاقتصادية في القناة الـ”13” العبرية: إن “هذين الأسبوعين أنهكا السوق، حَيثُ جزء من النشاطات الاقتصادية قد أُلْغِيَ، وجزء آخر تقلّص في أعقاب خشية الجمهور”، في إشارة إلى المخاوف التي تجتاح الكيانَ؛ تحسباً للهجمات الواسعة القادمة من إيران واليمن ولبنان.
وتأتي هذه التصريحات بعد أن هاجمت صحيفة “هآرتس” العبرية، سياسات المجرم نتنياهو ووزير ماليته سموتريتش، وذلك في أعقاب تزايد العجز المالي وانهيار القطاعات الحيوية.
وأكّـدت “هآرتس” أن نتنياهو غير مستعد لاتِّخاذ أي قرار وأنه يفضِّلُ تأجيلَ إعداد الميزانية إلى المستقبل وتعريضَ الاقتصاد للخطر، فيما ذكرت أن وزير المالية سموتريتش “يتهرب من واجبه وينشغل بتزويد شركاء الائتلاف بميزانيات كبيرة، وتنمية الأوهام بشأن الاستيطان في غزة”، مؤكّـدة أنه “يفشل في أداء واجبه ويزعزعُ استقرارَ الاقتصاد الإسرائيلي عند ما لا يتحَرّك لتقديم موازنة مسؤولة وشُجاعة في المدى القريب”.
ومن خلال التصريحات يتبين حجم التصدع السياسي الذي يصيب الكيان الصهيوني على أنقاض الخسائر الاقتصادية؛ ما يؤكّـد أن الأزمات التي يمر بها العدوّ تصنع شروخاً عدة في كامل مفاصل الكيان “الإسرائيلي”.
وتتفاقم التصدعات والشروخات داخل جبهة العدوّ الداخلية، في ظل استمرار حالة التضخم وارتفاع أسعار السلع، حَيثُ ذكرت وسائل إعلام عبرية أنه وبينما يسعى بنك “إسرائيل” (المركزي) إلى خفض التضخم قرب المستهدف البالغ قرابة 3 %، عبر رفع الفائدة منذ بداية النصف الثاني 2022، فَــإنَّ بيانات الشهر الماضي تشير لعودة الارتفاع، موضحة أن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع بمعدل 3.2 % على أَسَاس سنوي صعودًا من 2.9 % في يونيو الماضي، وبالتالي ارتفع التضخم مجدّدًا فوق الحد الأقصى لنطاق الهدف السنوي لبنك “إسرائيل” البالغ 3 %، وسط ارتفاع أسعار الإسكان والغذاء، لافتةً إلى أن هذه الزيادة تخلق حالة من السخط تجاه الحكومة الصهيونية.
ومن خلالِ المعطيات المذكورة، فَــإنَّ المؤشراتِ تؤول إلى أن العدوَّ الإسرائيلي على موعد مع معاناة اقتصادية كبيرة من شأنها خلخلة توازن بقائه، وإدخَاله مساراً مظلماً يقود للزوال، وقد ذكرت العديدُ من الصحف العبرية أنه على المدى البعيد بعد وقف العدوان والحصار على غزة، ستجد حكومة المجرم نتنياهو أمامَ كومة من الفواتير باهظة الثمن، لا تقدرُ على الصمود أمامها، وهي مؤشراتٌ أَيْـضاً تؤكّـدُ حتميةَ تلاشي وانتهاء هذا الكيان المؤقَّت.