أسباب هجرة رؤوس الأموال !
أسباب هجرة رؤوس الأموال !
يمني برس/ محمد الآنسي/
إنّ الحفاظ على رأس المال المحلي فريضة ومسؤولية منوطة بالدول والحكومات، وحماية المشاريع الاقتصادية المحلية من كل الأسباب التي تدفع بها إلى الهجرة تعتبر ذات أهمية بالغة.
لا يمكن أن يشكل رأس المال الأجنبي بديلاً عن رأس المال المحلي، لأن رأس المال الأجنبي يحمل معه العديد من المخاطر والأضرار الاقتصادية ويتسبب باستنزاف العملات الأجنبية، فهو يقوم برفع مستوى الحاجة للعملة الأجنبية؛ فالشركات الأجنبية ورأس المال المجنس المرتبط بها يقوم بتحويل أرباحها، وتحويل قيمة المواد المستوردة من شركات الدول الكبرى -الأم- بشكل مستمر، وتقوم الشركات الأجنبية بدفع وتحويل فوائد عن التمويل الوارد إليها من الخارج، كما تدفع مقابل براءات الاختراع وأجور عن المعونة الفنية، ويتسبب رأس المال الأجنبي بمضاعفة الاستيراد، وهذا يشكل ضرراً على ميزان المدفوعات، حيث تستورد الشركات الأجنبية سلعاً وسيطة وخدمات ومواداً خاماً، ومستلزمات كثيرة من شركاتها الأم.
في بلادنا، وللأسف الشديد يحظى رأس المال المرتبط بالشركات الغربية الكبرى بالامتيازات والتسهيلات التي يفترض أن تكون للرأس المال الوطني الحقيقي الذي أصوله وايداعاته ونشاطه في الداخل محلياً وليس في الخارج.
اليوم من المهم أن يدرك المعنيون بأن هناك رأس مال حقيقي يمر بمعاناة وظروف ويصارع من أجل البقاء، وهناك رأس مال يمني هاجر بسبب الظروف، وسوء التعامل وكثرة مشاكل بيئة الاقتصاد والاستثمار ، وهناك رأس مال أجنبي حاصل على إقامة جبرية ومجنس لا يرغب بالعودة، ولا يمكن السماح له بالعودة، وأعني به رأس مال بعض الأسر التجارية الكبرى التي لها شركات ومصانع محسوبة على رأس المال اليمني وأصولها وايداعاتها في الخارج، وشركاتها مجرد فروع لشركات عالمية كبرى تقوم بإعادة تعبئة المواد الخام الخارجية فقط؛ وبما أن عودته مستحيلة فليس من الحكمة استمرار منحه امتيازات باسم المنتج الوطني، بينما المنتج الوطني الحقيقي لا يحصل عليها، وشركات المنتج الوطني التي أصولها في اليمن ورأس مالها في اليمن هي التي تحتاج إلى التسهيلات والرعاية والاهتمام.
بعض رؤوس الأموال المحلية اضطرت إلى الهجرة، وهذه الأموال هي التي يجب أن تعود وعودتها ممكنة؛ لأنها بعيدة عن الارتباط باقتصاد الرأسمالية الربوية والشركات العالمية الكبرى.
عدم التعامل بحكمة مع التجار يعد من أبرز أسباب تعثر المشاريع الاقتصادية، ومن أبرز أسباب هجرة رأس المال، فالتجار قد يتعرضون باستمرار للعقوبات والغرامات الجبائية والمعاناة في ظل اجراءات معقدة وتداخلات غير تنظيمية في بيئة الاستثمار وبروتوكولات منفرة ومرهقة في تعامل مؤسسات الدولة مع رأس المال والمشاريع الاقتصادية كلها تشكل معوقات ومشاكل تدميرية.
ومن أهم الأسباب المنفرة الكارثية استمرار احتجاز البضائع والسلع والمواد الخام في المنافذ والموانئ لفترات طويلة، حيث يتعرض فيها التاجر لخسائر ودفع رسوم ومصاريف دون جريمة ارتكبها، ومعظم تصاريح الافراج لا تأتي إلا مقيدة بغرامات عديدة تفرضها بعض الجهات ذات العلاقة؛ وهي خارج سياق الرسوم الرسمية المعلومة كالرسوم الجمركية والضرائب المباشرة الطبيعية.
وحلول الاشكالات كلها ممكنة وبسيطة أتمنى أن تكون ضمن أولويات حكومة التغيير والبناء التي تقف اليوم أمام فرصة كبيرة للنهوض الاقتصادي إذا توفرت الارادة والعزيمة فقط.
• باحث اقتصادي