كيف تمكن اليمن من نقل المعركة إلى عمق الكيان الإسرائيلي؟!ّ
كيف تمكن اليمن من نقل المعركة إلى عمق الكيان الإسرائيلي؟!ّ
يمني برس/منصور البكالي/
للإجابة على هذا التساؤل المهم في هذه المرحلة المفصلة من تأريخ الأمة، نحتاج إلى قراءة متمعنة لفكر المشروع القرآني ومفاهيمه وأسسه، والموقف اليمني منذ أول يوم لتحرك عجلة هذا المشروع الرائد بقيادة الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي “عليهم السلام” واستمرار المسيرة القرآنية تحت رايه أخوه السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي، وإلى اليوم.
الفكر القرآني ومشروع المسيرة القرآنية ينطلق من رسالة سماوية أساسها القرآن الكريم وقرنائه من إعلام الهدى، عرفت في بدايات ظهوره بالشباب المؤمن، الرافعين لشارع الصرخة المكون من عبارات تقول” الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، كترجمة لحقيقة لقناعاتهم في كيفية ترجمة موجهات الرسالة المحمدية إلى أعمال على ميدان الواقع، وكيفية النهوض بأمة من المستنقع التي وصلت إليه، ونصرة المستضعفين، ومقارعة المستكبرين والطغاة، في هذا العصر.
هنا أعاد الوعي اليمني ترتيب أولوياته واستشعار مسؤولياته التأريخية والدينية والإيمانية في رفع راية الإسلام عالياً، وانطلق من يوم القدس العالمي_ قبل أكثر من 22 عامً_ كمحرك ودينوا، تتوافق حوله كل وجهات النظر السياسية والثقافية والمذهبية في اليمن، فحشدت كل الطاقات والقدرات والإمكانيات لحملة هذا المشروع رغم قلة عددهم ، في هذا الصدد، ورغم ما تلقوه من تحديات وعراقيل وحروب الـ6 شنت على محافظة صعدة التي تحركوا منها، إضافة إلى ما تلاها من إرهاصات، قبل واثناء ثورة 21 سبتمبر الفتية، وعدوان سعودي أمريكي بعدها، ضم خلفة تحالف واسع من الدول الوظيفية، إلا أن الموقف اليمن ظل ثابت وراسخ ومستمر وينموا بكل عزم وإرادة نحو نقل المعركة إلى عمق الكيان وخوض الحرب المباشرة وجه لوجه ضد الوجود الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة.
وما أن جاءت معركة “سيف القدس” التي شكلت نقطة تحوّل للمقاومة الفلسطينية، ومهدت لوحدة ساحاتها الداخلية، تلتها وحدة ساحات محور المقامة، حينها أعلن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي استعداد القوات المسلحة اليمنية المشاركة في هذه المعركة ضد الكيان الغاصب، وعزز العلاقات بحركات المقاومة الفلسطينية، وغيرها في المنطقة، وقال إن أي عدوان إسرائيلي قادم يستهدف الأقصى أو غزة أو لبنان أو أي مكون من محور المقاومة فأن الشعب اليمني وقيادته العسكرية جاهزة للمشاركة في الرد.
حينها تم تداول تلك التصريحات بنوع من السخرية، والاستهزاء، ومأ أن دشنت معركة طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر حتى أثبت اليمن موقفه، ومثل نقطة تحول استراتيجية وحجر زاوية في قوى محور المقاومة، معلناً عن “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”، بمراحلها الخمس المتدرجة بمستويات وعمليات متوالية بحراً وجواً في الدفاع عن غزة، ومساندة أهلها.
وخلال عام كامل من العدوان الإسرائيلي على غزة، قدم اليمن نموذج فريداً في مساندة المقاومة الفلسطينية، وخوض المعركة، وأفشل في سبيل ذلك ما سمي عليه بـ “تحالف الازدهار” المشكل من أمريكي بريطاني وأكثر من عشر دول المعلنة عن مشاركتها، وغيرها من الدول المشاركة سراً، وأجبر المدمرات والبارجات والفرقاطات الأمريكية على الفرار من المنطقة بعد تعرضها لضربات مؤلمة، كما هو حال شركات النقل البحري وسفنها التي كانت تتعامل مع موانئ الكيان، واستمرار الحصار البحري في الأحمر والعربي والمتوسط والمحيط الهادي، وضرب عمقه بصواريخ وطائرات بالستية وأخرها ضربة يافا المسيرة وصاروخ فرط صوتي فلسطين 2 .
هذه المواقف ومعها الخروج الشعبي الأسبوعي نصرة للشعب الفلسطيني، مثلت تحول استراتيجي على مختلف المستويات تؤكد أن اليمن يخوض المعركة وينقلها تدريجاً إلى عمق الكيان، ويعد لمفاجئات برية تتغلب على العوائق الجغرافية وحدود الدول العميلة.
استراتيجية كهذه تم اتخاذها بشكل مدروس ونابع عن تجربة وخبرة عالية جداً، صقلتها التحديات والمعوقات والعراقيل التي كان يقف خلفها العدو الصهيوني والأمريكي، ما جعل هذه الاستراتيجية على دراية كاملة بخطط واستراتيجيات العدو الإسرائيلي الأمريكي ومن يقف معه، ووفقاً لمعطيات وأسس عسكرية مدروسة بعناية ودقة ومدعومة بشواهد ومدلولات قرآنية تبخرت وفشلت أمامها مختلف الخطط والدراسات والعلوم والمفاهيم والابجديات والمعادلات العسكرية الكلاسيكية والحديثة، خلال المراحل الماضية وعلى مر التاريخ.
الخطوات اليمنية التي تمضي اليوم، بثبات، وتسارع ملحوظ، في هذا الاتجاه، أربكت كل حسابات الأعداء، وادواتهم، وأدهشت الخبراء والباحثين الاستراتيجيين، والعسكريين في مختلف الاكاديميات الدولية للأعداء والأصدقاء.
ومما يدلل على ذلك ويؤكده، تعمد القيادة اليمنية، تحييد واحتوى الأذرع المحلية والإقليمية وتأجيل جل الملفات معها، التي استمر العدو في استثمارها لعقود ودمر بها المنطقة خدمة لأجندته ومؤامراته الخبيثة ضد الأمة وشعوبها، ويحاول بين الحين والأخر إعادة تحريكها بشكل مكشوف وساذج.
إضافة إلى القدرة العالية في امتصاص صنعاء للاستفزازات المتكررة من قبل الرياض واخواتها، وتهدئة الجبهات الداخلية وفتح الأبواب لكل من يراجع حساباته، وعدم الالتفات لتحركات الكروت المحروقة بلهب ثورة 21 سبتمبر، مع التركيز عسكريا وسياسيا وإعلاميا على توجيه بوصلة العداء والمواجهة صوب العدو الإسرائيلي الأمريكي، وتسخير كل الإمكانيات والقدرات لنصرة الشعب الفلسطيني، ونقل المعركة إلى عمق الكيان.