عن ثورة 21 سبتمبر في ذكراها العاشرة
عن ثورة 21 سبتمبر في ذكراها العاشرة
يمني برس- بقلم السفير- عبدالله علي صبري
أمكن لهذه الثورة الفتية أن تقضي على القوى التقليدية التي كانت تتشارك السلطة والثروة في اليمن لما يزيد عن 30 عاماً، وقطعت بذلك الأيادي الداخلية التي رهنت اليمن للوصاية الخارجية السعودية والأمريكية، ومن ثم حررت القرار اليمني من التبعية وغدا قرار اليمن مستقلا ً من تبعات التدخلات الخارجية..
الثورة بهذا النجاح السريع الذي عبرت عنه الرياض ثم واشنطن، حين أدركت الأولى أنها باتت تتعامل مع يمن مختلف غير الذي عرفته منذ سبعينات القرن الماضي، فيما قال السفير الأمريكي الأسبق في اليمن أن سفارته أصبحت بلا عمل بعد أسابيع من انتصار الثورة.. كل هذا جعل الثورة المضادة تعمل في اتجاه التحضير للعدوان العسكري على اليمن الذي لم يتأخر كثيرا، حيث أعلنت الرياض من واشنطن عن تحالف ما يسمى بعاصفة الحزم، ليشكل العدوان السعودي الأمريكي على اليمن أكبر وأخطر تحدٍ واجهته هذه الثورة..
وخلال أقل من ثماني سنوات تمكنت الثورة بفضل الله وتحت قيادة السيد عبدالملك الحوثي يحفظه الله، وبفضل صمود الشعب اليمني وثبات مختلف فئاته في وجه العدوان والحرب الاقتصادية، وبفضل تطور القوات الصاروخية للجيش واللجان الشعبية، وتضحيات المجاهدين في مختلف الجبهات، أمكن لهذه الثورة أن تصنع ملحمة من الصمود في مواجهة عدوان لم تعرف اليمن مثله حجماً وفتكاً في تاريخها، ويشاء الله أن تنتصر اليمن في هذه الملحمة التاريخية التي أصبحت من أهم علامات ثورة 21 سبتمبر.
وشكل هذا الانتصار الأرضية الأساسية لمشاركة اليمن في معركة طوفان الأقصى، والتي غيرت المعادلات وقلبت موازين الصراع العربي مع الكيان الصهيوني، وكان لليمن ولا يزال البصمة الأبرز والأكثر وضوحاً وإعجازاً، حين أمكن لجيش ثورة 21سبتمبر أن يفرض حصاراً حقيقياً على ميناء أم الرشراش/ إيلات ما أدى إلى إغلاقه وإفلاسه، وتكبيد اقتصاد الكيان الصهيوني خسائر باهظة، وأمكن للقوة الصاروخية والمسيرة أن تضرب في عمق تل أبيب عبر مسيرة يافا، وصاروخ فلسطين2 الفرط صوتي، وهذا التطور العسكري الكبير قد دفع باليمن إلى مكانة متقدمة في معادلات القوة والردع إقليمياً ودولياً، وما كان لشيء من هذا أن يتحقق لولا هذه الثورة العظيمة.
من جهة ثانية، ومع أهمية كل ما ذكر إلا إن الثورة لا بد أن تكون مستمرة ومتجددة وأن تصنع الفرحة الحياتية للناس كل يوم، الأمر الذي يستوجب العمل الجاد والحثيث لتحقيق انتصارات ونجاحات موازية في مختلف المسارات، ومنها الجانب السياسي والخروج من العزلة الدبلوماسية، وإنجاز خارطة الطريق مع العدو السعودي التي ما تزال حبراً على ورق، إضافة إلى حالة الانقسام الداخلي الذي يتهدد وحدة البلاد واستقرارها السياسي، بالإضافة إلى المشكلات الاقتصادية وتراجع كل مؤشرات التنمية التي كانت في حالة مزرية منذ ما قبل العدوان، ومثل هذه التحديات لا شك أن ثورة 21 سبتمبر بقيادتها الحكيمة ورجالها المخلصين قادرة بعون الله على تجاوزها، وتحقيق الآمال العريضة لأبناء شعبنا في النهوض الشامل، خاصة وقد تحركت عجلة التغيير الجذري من خلال تشكيل حكومة البناء والتغيير، والإصلاحات القضائية في إطار المرحلة الأولى من التغيير المنشود .
إن شعبنا العظيم الذي صنع هذه الملحمة الثورية خلال العشرية الماضية من حقه أن ينعم بإنجازاتها خلال العشرية المقبلة، ولن يتأتى ذلك إذا لم تتضافر كل الجهود الرسمية والمجتمعية، بهدف تحقيق الإنتقالة الكبيرة في تاريخ اليمن المعاصر، ويومئذ يفرح كل اليمنيين بهذه الثورة وإنجازاتها، حتى وإن كانوا ممن رفضوها وانخرطوا في التآمر عليها..