طوفان الأقصى.. فتحٌ مبين وتتبيرٌ للمغتصبين
طوفان الأقصى.. فتحٌ مبين وتتبيرٌ للمغتصبين
يمني برس- برس- تقرير*
عملية عسكرية استراتيجية وصفعة مدوية ومفاجئة تلقاها الكيان الصهيوني بجيشه المقهور ومنظومته الأمنية الهشة، انطلقت بأمر من قائد هيئة أركان المقاومة أبو خالد الضيف، ونفذها مجاهدون سلاحهم الإيمان بالله تعالى والوعي والعقيدة خلف خطوط العدو، تمكنوا خلالها من السيطرة على مغتصبات الغلاف والقضاء على فرقة غزة في جيش الاحتلال، وأثخنوا الجراح والقتل في صفوف الجنود والمغتصبين وأسروا المئات وسط ضربة مباغتة للعدو وكثافة صاروخية رسمت جغرافية فلسطين التاريخية، وذلك رداً على الاعتداءات على أقصانا وحرائر شعبنا وشتم نبينا محمد ﷺ.
طوفان الأقصى.. معركةٌ جاءت لتؤكد أن السيل قد بلغ الزُبى، والتلاعب بالقضية الفلسطينية قد وصل إلى ذروته، ولتثبت للعالم أجمع أن للقدس والأقصى رجالٌ لا يرضون الذل والمهانة، وأن الزنازين ليست قدَر أسرانا، فأشرع مجاهدونا سيوفهم واخترقوا كل معادلات المستحيل بعدما تجاوز عدوان الاحتلال وإجرامه كل الحدود، وسطروا تاريخاً جديداً في صفحات العز والشرف عبر معارك بطولية أذلت جيش العدو ومرغت أنفه في التراب، وإننا اليوم وبعد انقضاء عام من المعركة أمام مرحلة تاريخية ومحورية في مصير الصراع مع هذا العدو مفادها أن المشروع الصهيوني برمته بات اليوم على المحك وأن تحرير فلسطين قاب قوسين أو أدنى.
فتحٌ مبين
شهدت الساعة 6:25 من صباح يوم السبت السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣مـ تنفيذ هجوم منسق ومتزامن بين كافة تخصصات وأسلحة كتائب القسام براً وبحراً وجواً على أكثر من 50 موقعاً في فرقة غزة والمنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال تحت غطاءٍ صاروخيٍ مكثف استهدف المواقع العسكرية والمغتصبات الصهيونية ومنظومات القيادة والسيطرة لدى العدو حيث بلغ عدد الصواريخ في الضربة الأولى 5500 صاروخ وقذيفة، شكلت في كثافتها ودقة إصابتها حالة من الإرباك لأجهزة أمن وجيش العدو التي مُنيت بفشل ذريع، منعها من إبداء أي رد فعلٍ لعدة ساعات ريثما استوعبت جزئياً ما يجري على الأرض، وهذا ما رصده مجاهدونا خلال اقتحامهم للمواقع العسكرية الصهيونية التي دكتها كتائب القسام حيث وجدوا جنود الاحتلال مختبئين وهول الموقف باد على وجوههم فحصدوهم وأسروهم دون أي مقاومة تذكر في كثير من المواقع.
خرج علينا قائد هيئة الأركان محمد الضيف “أبو خالد” بكلمات مختصرة تلخص المشهد وتُعلن عن بدء عملية طوفان الأقصى، رداً على الاعتداءات والجرائم الصهيونية بحق أقصانا وشعبنا، واستجابة طبيعية لمواجهة ما يُحاك من مخططات صهيونية لتسوية القضية الفلسطينية، موضحاً أن قيادة القسام قررت وضع حد لكل تلك الجرائم، ومؤكداً على انتهاء الوقت الذي يُعربد فيه العدو دون مُحاسب.
بداية التعرض
بدأت مناورة التعرض القسامية برمايات مكثفة لسلاح المدفعية القسامي تجاه مواقع جيش الاحتلال ومراكز المدن الصهيونية الكبرى، ورافق ذلك هجوم بسرب من المسيرات الانتحارية تجاه مواقع العدو وإسقاط القذائف من الحوامات صوب أبراج المراقبة الأمامية والآليات الكامنة على الخط الزائل شرق القطاع، وأعطبت نيران القنص كاميرات المراقبة على طول الخط الزائل، بعدها تحركت طواقم الهندسة لفتح الثغرات التي مكنت المجاهدين ومركباتهم من اختراق خطوط دفاع العدو، وبعدها انسابت قوافل المجاهدين تخترق الثغرات لتدمر آليات العدو وتكسر خطوط التأمين حول مواقع العدو ومغتصباته لتصل إلى أهدافها المرسومة مسبقاً وتوقع جنوده وقطعان مغتصبيه بين قتيل وجريح وأسير.
سقطت دفاعات العدو حول غزة وانهار جيشه وجداره الذي لطالما تفاخر بتشييده لمحاصرة القطاع، وسقطت نظرية الأمن برمتها، عندما داستها أقدام مجاهدي القسام وعجلات عربات الدفع الرباعي وحلَّق فوقها سرب “صقر” الشراعي وسط مشهد يؤكد على نجاعة التخطيط وبراعة التطبيق والتميز في إخفاء أي دلائل للهجوم عن أجهزة استخبارات العدو المترهلة، وقد شارك في هذه العملية 4500 مجاهدا (3000 لعمليات المناورة و1500 لعمليات الدعم والإسناد).
نجح المجاهدون في أقل من ساعتين من اختراق الجدار الزائل والإغارة على جميع مواقع الفرقة المعادية وعددها 15 موقعاً عسكرياً، فضلاً عن الهجوم على 10 نقاط تدخل عسكرية وعلى فصيل الحماية المتواجد في 22 مغتصبة؛ وتمكنوا من تدمير الفرقة المعادية والسيطرة على قاعدة “رعيم” العسكرية التي كانت مفخرة الجيش الصهيوني، إلى جانب السيطرة على مغتصبات الغلاف وقتل وأسر المئات من ضباط وجنود العدو والمغتصبين؛ ثم تطوير الهجوم نحو الأهداف خارج الفرقة في المنطقة الجنوبية، كما تمكنت زوارق محملة بمقاتلي الكوماندوز البحري القسامي من تنفيذ عملية إبرارٍ ناجحة على شواطئ جنوب عسقلان والسيطرة على عدة مناطق، وكبدت العدو خسائر فادحة في الأرواح.
فشل ذريع
مُنيت المنظومة الأمنية والعسكرية الصهيونية بفشل ذريع، وخابت جميع تقديراتها؛ ساعاتٌ وأيام وكتائب القسام تصُول وتجُول داخل المغتصبات المحاذية لقطاع غزة، وصواريخها تقصف عشرات الأهداف في العُمق الصهيوني، قبل أن يَفيق الجيش من صدمته ويقرر بدأ عملية برية عسكرية داخل القطاع بعد مشاورات عديدة ودعم غربي على المستويين السياسي والعسكري محاولاً ترميم صورة الجيش واستعادة الثقة من خلال نظرية الرَدع التي تحطمت صباح السبت على يد مجاهدي القسام الذين أثبتوا أن هذا الكيان أوهن من بيت العنكبوت.
عمليات بطولية ومعارك خالدة سطرها مجاهدو القسام وفصائل المقاومة الفلسطينية بعد أن قرر الجيش الدخول إلى قطاع غزة في السابع والعشرون من أكتوبر وبعد مرور 20 يوماً على الهجوم الكبير، حيث توغلت آليات العدو بعد سلسلة من الغارات العنيفة وقصف مدفعي مكثف استهدف أحياء وبلدات شمال ووسط وجنوب القطاع، ليتفاجأ من جديد بالترسانة الدفاعية لفصائل المقاومة ويدرك أنه دفع بجنوده إلى الموت والغرق في وحل غزة.
فرضت كتائب القسام سيطرتها على المعركة وسجلت انتصارات على جميع المستويات عبر تكتيكات عسكرية متنوعة على الصعيد الإعلامي والعسكري والأمني، ومن خلال إدخال أسلحة جديدة في القتال أعلنت عنها خلال المعركة، حيث تمكن مجاهدو القسام خلال المعارك من استدراج الجنود والآليات إلى مسافة الصفر واستهداف وتدمير 1592 آلية عسكرية صهيونية تنوعت بين دبابة وناقلة جند صهيونية جرافة عسكرية، إضافة إلى استهداف مقرات تجمع وتحصن الجنود وقد أسفرت المعركة على حد زعم العدو عن مقتل 726 ضابطًا وجنديًا صهيونيًا، فيما يواصل مجاهدونا كتابة التاريخ وتسديد الضربات للقوات الصهيونية المتوغلة والمتموضعة في عدة محاور من قطاع غزة وإجبارهم على التراجع ودحرهم عن هذه الأرض المباركة.
أسلحةٌ نوعية وإعدادٌ مستمر
أعلنت كتائب القسام خلال المعركة عن إدخالها أسلحة جديدة للخدمة لمواجهة هذا الجيش الصهيوني المدعوم من كل قوى الشر في العالم، وقد كان أبرزها قذائف الياسين “105” الترادفية المضادة للدروع وقذائف “TBG” المضادة للتحصينات محلية الصنع، والتي استطاع المجاهدون من خلالها فرض حقائق ميدانية لم تفلح جيوشاً أن تحققها ومباغتة العدو وتدمير آلياته التي لطالما تغنى بقوة مناورتها وتدريعها العالي.
وفي تطور نوعي أسدلت كتائب القسام الستار عن سرب “صقر” إحدى الوحدات العسكرية التي شاركت في الهجوم الكبير حيث تمكن مظلِّيون من كتائب القسام من اختراق الجدار الزائل والتحليق بطائراتهم الشراعية فوق مغتصبات الغلاف في مشهد فاجئ الصديق قبل العدو، إلى جانب منظومة الصواريخ “رجوم” قصيرة المدى محلية الصنع التي اُستخدمت في تنفيذ الضربة الافتتاحية كغطاء ناري لعبور مجاهدينا لأراضينا المحتلة، كما أعلنت الكتائب لأول مرة خلال المعركة عن طوربيد “العاصف” الموجّه محلي الصنع الذي استهدفت به عدد من الأهداف البحرية المُعادية قبالة سواحل قطاع غزة.
وصولاً إلى نشر القسام فيديو يحمل عنوان “إِعدادُنا مستمر”؛ يُظهر مجموعة من مجاهدي القسام في أحد وُرش التصنيع العسكري، وهم يَصنعون عدداً كبيراً من عبوات “العمل الفدائي” المضادة للدروع، والتي نفّذ بها مجاهدونا عدة عمليات منذ انطلاق المعركة، ولا تزال كتائب القسام تُخفي في جُعبتها الكثير من الأساليب والأسلحة القادرة على مفاجئة العدو وإلحاق خسائر فادحة في صفوفه رغم ما يملكه من إمكانيات تكنولوجية متطورة.
تبادل مشروط
منذ اليوم الأول أعلنت كتائب القسام أن في قبضتها عشرات الأسرى من الضباط والجنود وقد تم تأمينهم في أماكن آمنة وفي أنفاق المقاومة، وعلى العدو الصهيوني إذا أراد أسراه أحياء فيجب عليه الخضوع لشروط المقاومة ودفعه ثمن تحريرهم ضمن صفقة مشروطة ووقف حربه على غزة، كما أعلنت استعدادها الإفراج عن حملة الجنسيات الأجنبية لكن العدو عرقل ذلك وواصل عنجهيته وغطرسته ظاناً أن بإمكانه استعادة الأسرى عن طريق القوة، لكنه فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق ذلك أمام صمود المقاومة وإدارة قيادة القسام لهذا الملف، حيث أعلن أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب القسام لاحقاً أن في قبضة المقاومة نحو 250 أسيراً، وقد قُتل عدد منهم تجاوز العشرات لاحقاً نتيجة القصف الصهيوني الهمجي على القطاع.
وفي الرابع والعشرين من نوفمبر عام 2023مـ أعلنت كتائب القسام عن التوصل لهُدنة إنسانية بوساطة قطرية مصرية لمدة 4 أيام وقد تم تمديها ليوميين إضافيين، حيث تم بموجبها إطلاق سراح 50 أسيراً صهيونياُ من النساء والأطفال المدنيين دون سن الــ19 عاماً، وتحرير نحو 150 من الأسرى الفلسطينيين من النساء والأطفال، ودخول قوافل المساعدات من المواد الإغاثية والطبية والوقود إلى كافة مناطق قطاع غزة.
وبعد انقضاء مدة الهُدنة استأنف العدو القتال والقصف غير آبهٍ بحياة الأسرى الذين مازالوا في قبضة المقاومة، وقد تعمد قتلهم في محاولة يائسة منه للتخلص من عبء هذا الملف واستحقاقاته التي يعرفها جيداً، وهذا ما تبين مع اعلان كتائب القسام توالياً عن مقتل العديد من الأسرى لديها بفعل القصف الهمجي ونوبات الهلع والمرض، لكن قيادة العدو وعلى رأسها نتنياهو وبعد انقضاء عام على المعركة تأبى إلا أن تعيدهم في توابيت، وتزجّ بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نُعوش من أجل البحث عن رفات بعض الأسرى الذين تعمّدوا استهدافهم وقتلهم، ويفضلون ذلك على الذهاب في صفقة تبادل تعيد أسراهم إلى ذويهم أحياء.
وحدة الدم والساحات
لقد نجحت كتائب القسام في توحيد قوى المقاومة من خلال الغرفة المشتركة داخلياً ومحور المقاومة خارجياً، وهو ما نراه اليوم من إدارة ناجحة في كافة المجالات السياسية والعسكرية للمعركة التي انطلقت من أجل ثالث الحرمين الشريفين، وباتت اليوم معركة غزة ليست معركة الفلسطيني لوحده بل هي معركة الأمة العربية والإسلامية جمعاء، وهذا ما تُرجم ميدانياً حين أعلن حزب الله اللبناني في الثامن من أكتوبر دخول المعركة وإطلاق رشقات صاروخية وتنفيذ عمليات من جنوب لبنان في إطار الإسناد والنصرة واستمراره في هذه المعركة حتى وقف العدوان على غزة، وتقديم الشهداء والقادة ضمن أقدس وأشرف المعارك ومن أبرزهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والقيادي الكبير فؤاد شكر و وعلي كركي وإبراهيم عقيل وغيرهم من العظام الذين ارتقوا شهداء على طريق القدس.
وفي العاشر من أكتوبر أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن دعم وإسناد المقاومة الفلسطينية من خلال إطلاق دفعة من الصواريخ الباليستية والمجنحة وعدد كبير من الطائرات المسيّرة على أهداف مختلفة داخل الكيان الصهيوني، إلى جانب استهداف السفن الأمريكية والبريطانية المتجهة لموانئ الاحتلال، وصولاً إلى إطلاق صاروخ “فلسطين 2” فرط صوتي الذي استهدف هدفاً عسكرياً في يافا، كما أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق عن قصف العديد من الأهداف الحيوية للكيان عبر المسيرات والصواريخ وذلك نصرة لأهلنا في غزة ورداً على المجازر الصهيونية بحقهم، ختاماً بالعملية البطولية التي نفذها الأردني ماهر الجازي انتصاراً لغزة على معبر الكرامة وتمكن خلالها من قتل 3 جنود صهاينة ليرتقي بعدها شهيداً على طريق القدس.
طوفان الضفة
كما هو طوفان غزة سريعاً ما بدأ طوفان الضفة الغربية التي تصاعدت فيها عمليات المقاومة بشكل مضطرد، واتسعت رقعتها وتزداد شراستها ونوعيتها، فكلما ظنّ العدو أنه في الطريق لاحتوائها أو القضاء عليها فاجأته المقاومة وخلايا القسام بكل جديد، وباتت تشكيلات المقاومة تلحق بالعدو خسائر وأضراراً بالغة في الأرواح والمعدات الصهيونية رغم الظروف الصعبة والمعقدّة التي يتم العمل بها، من الملاحقة التي تقوم بها أجهزة الأمن والاستخبارات الصهيونية وليس انتهاء بالدور الوظيفي المشبوه الذي تقوم به أجهزة السلطة هناك.
ومنذ اندلاع معركة طوفان الأقصى، قدمت الضفة الغربية 691 شهيداً وما زالت تقدم الشهداء، وارتقت ثلة من مجاهدي القسام خلال تنفيذهم لعميات نوعية وتصدي للاقتحامات المتكررة للمدن والمخيمات هناك، وأثخن مجاهدونا قتلاً في صفوف الجنود وقطاع المغتصبين فقتلوا وأصابوا العشرات من الجنود الصهاينة وقطاع المغتصبين، وأعادوا أمجاد العياش بعد العملية الاستشهادية الأخيرة في قلب مدينة “تل أبيب”، وليس انتهاء بعملية إطلاق النار في قلب مدينة تل أبيب أيضاً.
عام على معركة طوفان الأقصى ولم يبرح مجاهدونا أماكنهم وساحات القتال التي سطروا فيها أروع ملاحم البطولة والجهاد، وأذلوا فيها جيشاً كان القريب والبعيد يصفه بأنه لا يقهر، فدخلوا عليه وقهروه وداسوا كرامته ورؤوس جنوده وقطعان المغتصبين بأحذيتهم، ولا زالت كتائب القسام على عهدها مع ربها وشعبها بأن لا تترك المقاومة حتى تحرير كل شبر من فلسطين المحتلة.
المصدر: موقع كتائب القسام.