من وحي كلمة السيد القائد بمناسبة مرور عام على عملية طوفان الأقصى (7 أكتوبر)
عبدالفتاح حيدرة
أكد السيد القائد في كلمته بمناسبة مرور عام على عملية طوفان الأقصى أن المحصلة الإجرامية للعدو الصهيوني في قطاع غزة على مدى عام كامل، والذي شن فيه أكثر من ربع مليون غارة وقصف مدفعي، أسفرت عن 150 ألف شهيد ومفقود وجريح، حيث استخدم 100 ألف طن من المتفجرات التي قدمها له الأمريكيون. وبلغ عدد الشهداء الذين لم يُدفنوا 7820 شهيدًا، بينما تم استخدام الأسلحة الأمريكية المحرمة دوليًا ضد التجمعات البشرية. حشد العدو الصهيوني كل قدراته لمهاجمة غزة بـ 350 ألف جندي وضابط، بغطاء بحري وبري وجوي وتجسسي. وبلغت حصيلة المجازر 3700 مجزرة، وأبرزها مذبحة مستشفى المعمداني ومذبحة مخيم جباليا ومذبحة مدرسة الفاخورة، وكذلك مذبحة الطحين التي بلغ عدد شهدائها وجرحاها 1000، بالإضافة إلى مذبحة مستشفى الشفاء. وهناك 7 مقابر جماعية في المستشفيات، بالإضافة إلى القتل بالتجويع.
أمريكا في كل جرائم العدو الإسرائيلي شريك يقتل ويجوع الفلسطينيين، وقد شيد شيطان الحروب الأمريكي جسرًا جويًا وبريًا وبحريًا لدعم كيان العدو الإسرائيلي، وقدم أكثر من 100 صفقة سلاح، هذا من دون احتساب الهبات الضخمة والإدارة والاستخبارات والاعتداءات على الدول المساندة. تنفق إسرائيل أغلب الضرائب الأمريكية لشراء السلاح، وعلى الجانب السياسي، استكلبت أمريكا لمنع 5 قرارات لوقف إطلاق النار، وقمعت السلطات الأمريكية التظاهرات الطلابية، وسعت لتخدير القوى والأنظمة العربية والإسلامية لتغطية الجرائم الإسرائيلية. هذا وقد أدى العدو الصهيوني إلى حرمان 800 ألف من التعليم، ودمر 93% من مدارس التعليم في قطاع غزة، كما دمر القطاع الصحي بشكل شبه كامل. واستهدف المساجد، حيث دمر العدو 820 مسجدًا، وأحرق المصاحف وقتل الناس، وآخرها جريمة مسجد دير البلح، بالإضافة إلى تدمير المقابر.
وسع العدو من عملياته الإجرامية في الضفة الغربية أيضًا، حيث وصل عدد عمليات الخطف وسرقة الأراضي الفلسطينية إلى 11 ألف عملية، وتهجير 28 تجمعًا فلسطينيًا، وكذلك الانتهاكات للمقدسات الإسلامية مثل المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي. وهكذا هو المسار الإجرامي الصهيوني الذي يأتي كمسار تاريخي منذ وعد بلفور وحتى اليوم. وتلك المجازر كان لها هدف هو إشباع غريزة الإجرام الصهيونية وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وبلده من أجل إحلال المحتل الصهيوني. والصهاينة يعتبرون الإبادة الجماعية حربًا مقدسة، وهذه هي النظرة اليهودية تجاه كل العرب والمسلمين.
في مقابل كل هذا الإجرام، يعتبر صمود المجاهدين والشعب الفلسطيني لا مثيل له في ظل قلة الإمكانات والحصار والخذلان. ولعام كامل، تواصل فصائل المقاومة مواجهة العدو الإسرائيلي بثبات كبير، رغم كونها محاصرة منذ بدايتها في منطقة محدودة جدًا. ولذلك، كانت عملية طوفان الأقصى ضرورة، وهو عمل فلسطيني بطولي يستند إلى الحق بكل الاعتبارات. وطوفان الأقصى هو امتداد طبيعي للمقاومة الفلسطينية التي تخلى عنها العرب. وخلال السنوات الأخيرة، كان هناك تآمر غربي وعربي نحو التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية، حيث كان يراد لفلسطين أن تتمزق وتطمس. ولهذا، وصلت حتمية المقاومة إلى المواجهة. لقد أعاد طوفان الأقصى الحياة لثقافة الجهاد، وقد أنهك العدو وداعميه الغربيين والعرب. إن أطماع العدو الإسرائيلي في الأرض العربية هي مشاريع تشهد عليها الحروب والواقع، وينظر إليها وتدرس في مناهجهم.
يحاول العدو إعادة تعديل قواعد الاشتباك وتعزيز علاقاته مع القوى العالمية الكبرى، ويريد الكيان الصهيوني أن يكون المهيمن والمسيطر والمتحكم في وضع المنطقة بأسرها، وصولًا إلى النفوذ العالمي، وعلى حساب الأمة الإسلامية كلها. وهذه الأطماع تشكل تهديدًا لكل العرب والمسلمين. أما الأنظمة العربية، فتتعامل مع هذه الأطماع بشكل مخزٍ ومذل، والبعض ينفقون المليارات للإلهاء والمجون لاحتواء أي تحرك عربي وإسلامي جاد تجاه هذه المخططات. ولا تزال السعودية تغازل إسرائيل حتى تسرع من إنهاء مخططاتها. ومع كل هذا، فإن حتمية الزوال للعدو الإسرائيلي هي من الثوابت الدينية والتاريخية، والعدو الإسرائيلي نفسه يؤمن بهذه الحتمية على لسان أوقح مجرمي إسرائيل. ولا تكاد حتمية الزوال تفارق العدو الإسرائيلي، مما يزيد ذلك حركة محور المقاومة وعملية طوفان الأقصى. لهذا، يلجأ العدو الإسرائيلي لكل هذا الإجرام، وأصبحت إسرائيل منبوذة كما لم تكن من قبل، وهناك إشارات موثقة لنبذ إسرائيل في كل أنحاء العالم.
أما فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على لبنان، فإن مقاومة لبنان أرسخ من الجبال. وقد دخل العدو في ورطة حقيقية، وأبطال مجاهدي لبنان ثابتون على العهد مع السيد الشهيد رضوان الله عليه. وهنا نقول لسماحة السيد الشهيد إن رجاله يوفون بما تعهدوا به كاملًا غير منقوص، وها هم رجال المقاومة يواصلون استهداف العدو في كل مكان ردًا على استهداف المدنيين واستهداف غزة.
كخلاصة لما مضى، فإن السياق الذي أتى به طوفان الأقصى، يمتلك الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء كل الحق لمقاتلة العدو في كل الشرائع والأديان والمواثيق. وكانت العملية ضرورية ضد مخططات الأمريكان والصهاينة وبعض الدول العربية لتصفية القضية الفلسطينية التي تعرضت للخذلان والتغييب والتواطؤ والتآمر، وصولًا للتطبيع والذل والتسليم لإسرائيل. وفيما يتعلق بأهمية العملية، فإنها كونها ضرورة، فقد وجهت ضربة كبيرة وقاسية للعدو الإسرائيلي. والمشهد في السابع من أكتوبر لا يمكن أن يمحى من وجه الغطرسة الإسرائيلية. أعادت العملية القضية الفلسطينية إلى حضورها العالمي، وأوقفت مسار المطبعين وهرولتهم نحو إسرائيل لاستهداف أبناء أمتنا على المستوى الأخلاقي والقيمي. وهذه الأحداث أعادت الأمة إلى مربع الجهاد والاشتباك مع العدو، وهو ما لا بد منه، لأن العدو يريد أن يطمس كل ما هو إسلامي. ومن نتائج العملية أنها فرزت واقع الأمة بجلاء، حيث أظهر من يتحرك بمصداقية ومن يتحرك لخدمة العدو، ويوجه إعلامه لخدمة العدو، ويسيء للفلسطينيين.
أما فيما يتعلق بمسار المعركة وتطوراتها، فإن استهداف العدو لإسماعيل هنية وسماحة السيد نصر الله رضوان الله عليهم، وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية اليومية لن يغير حتمية زواله وسقوطه المحتوم. والإنجاز الحقيقي في هذه الحرب ليس في جرائم العدو، بل هو الصمود والثبات للمجاهدين والشعب الفلسطيني.
هذا العام، راكم العدو رصيده من الإجرام وليس من الإنجاز. راكم فشله وإخفاقه في المواجهات البرية، والنتيجة اليوم هي صدمة العدو الإسرائيلي. وها هي الساحة اللبنانية كما هي عليه من تماسك وترابط. إذا كان العدو الإسرائيلي يعتقد أن قتله للشهيد سماحة السيد سيؤدي إلى إضعاف المجاهدين، فإن النتيجة هي الثبات بروحية الحسين والتأثر العميق بخطابات سماحة الشهيد، وهي أكثر دافعة وحافزة للثبات في الموقف والمواجهة. وهكذا هو الحال في كل جبهات الجهاد. ومن أهم مميزات جبهات الإسناد في لبنان والعراق واليمن أنها تسعى لاستمرار مساندتها وتطوير قدراتها. ومن بركات عملية طوفان الأقصى أننا نرى جبهات الإسناد الثابتة والمستمرة في عملياتها وتطوير قدراتها. ولا تزال الجهود العسكرية مستمرة في الجبهة اليمنية، إضافة إلى التفاعل الشعبي المسبق، وصولًا إلى تطورات المعركة في المواجهة المباشرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودعمها السياسي والعسكري والإعلامي.
إن العدو الإسرائيلي يتوجه بشره نحو العرب أولًا، وقد احتل أراضٍ عربية وقتل العرب. والواجب والمسؤولية على العرب أن يتحركوا ضد هذا العدو. والوقفة الإيرانية هي وقفة إسلامية مع العرب ضد عدوهم الأول، حيث يتوسع العدو الإسرائيلي على حساب العرب وعلى أراضيهم. ومن الاستخفاف الحديث عن الموقف الإيراني بالسوء هو تنكر للحقائق واحتقار للعرب. لقد وقفت إيران مع المسلمين من واجبها المقدس، وباتت إيران اليوم تواجه العدو الإسرائيلي مباشرة. ونحن في جبهة اليمن مستمرون من واجبنا الأخلاقي والإنساني والإيماني والديني في نصرة الشعب