“لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ”.. جهوزية عالية لابتلاع جحافل الغزاة
“لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ”.. جهوزية عالية لابتلاع جحافل الغزاة
يمني برس- تقرير
في أجواء خريفية لا تحمل رياحًا بما تشتهي السفن، بل كانت جرس إنذار ينبه إلى تهديدات عدو قديم يتربص باليمن في الأفق، وحيث ترتسم لوحات من التحدي والتصميم بين صفوف الشعب اليمني، باتت التحشيدات العسكرية التي يقوم بها العدو الأمريكي والإسرائيلي، والتي ترتكز على تجميع المرتزقة في الدول الخليجية وكذلك في اليمن، لا تشكل رقما مخيفا بالنسبة لشعب يعيش في قلب المعركة هو يعلم تمام العلم أنها متجددة.
مع كل هدير محركات الطائرات وانفجارات المدافع، يعلم اليمنيون أن المعركة لا تتعلق فقط بأرضهم، بل كانت معركة لكسر حاجز الصمت العالمي تجاه ما يحدث في غزة، ولأجل ذلك، رفع الشعب شعاره “نحن هنا، لن نركع” كعلامة تحذير بارزة تحلق في سماء اليمن، وفي وجه التحديات.
إنها معركة البقاء والدفاع عن الوطن وبالتالي، فإن الرهانات دوماً عالية والأصوات المدوية تصدح في الشوارع لتؤكد استمرارية عزيمة الشعب في الوقوف صفًا واحدًا ضد أي عدوان ينوي العدو القيام به.
لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ
وفي خضم هذا التوتر، أظهر الجيش اليمني بعض جهوزيته لابتلاع جحافل الغزاة، إن فكروا في الدخول برياً نحو يمن الإيمان، فخلال اليومين الماضيين أجرت القوات المسلحة مناورات “ليسوءوا وجوهكم” على مرحلتين، تحاكي عمليات قتالية متعددة في سياق التصدي لهجوم قوات العدوّ على بيئات وتضاريس مختلفة من الساحل والمدن والصحراء والجبال وفق عمليات دفاعية وهجومية تكتيكية.
وتركزت المرحلة الأولى حول تحقيق مبدأ المناورة والاستجابة السريعة، من خلال المشاركة المتكاملة من السفن والقطع الحربية البحرية والتي تشير إلى جاهزية القوات للرد السريع على أية تهديدات بحرية؛ بغية منع الأعداء من تحقيق أهدافهم، وهذا ما جاء في محاكاة التصدي لأربع موجاتٍ هجومية، الأمر الذي يعكس استعداد القوات المسلحة لمواجهة هجمات متكرّرة ومنسقة؛ لتعزيز قدرتها على الصمود والدفاع عن الأراضي اليمنية.
كما حاكت المناورة تصدّي القوات المسلحة لعمليات هجومية واسعة تشنها قوات معادية عبر أربع موجات هجومية افتراضية على الأراضي اليمنية، بمشاركة متكاملة من سفن وقطع حربية بحرية معادية؛ تمهيدًا لإبرار معادٍ يتسلل عبر الساحل.
بدأت القوات المسلحة البرية والبحرية بمحاكاة عمليات قتالية متعددة في سياق التصدي لهجوم قوات العدوّ على بيئات وتضاريس مختلفة من الساحل والمدن والصحراء والجبال وفق عمليات دفاعية وهجومية تكتيكية.
وتضمنت المناورة مشاركة قوات التعبئة العامة في الدفاع عن الأراضي اليمنية من قوات العدوّ المفترضة، والتصدي لقواته التي تحاول السيطرة على إحدى القرى عبر إنزال جوي لقوات العدوّ المفترض.
اختراق مواقع العدو واستهداف تحصيناته
في اليوم التالي، عرض الإعلامُ الحربي اليمني، الجزءَ الثاني من مناورات “ليسوءوا وجوهكم” في المناطق الجبلية والصحراوية بمشاركة قوات التعبئة العامة، حيث تم تنفيذ عمليات تكتيكية لاختراق مواقع العدو المفترض واستهداف تحصيناته عبر القذائف والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى استهداف مواقع العدو بسلاح المدفعية والدبابات، وأنواع متعددة من الأسلحة الرشاشة وعمليات القنص.
كما اشتملت المناورات على كمائن استهدفت تحركات وتعزيزات العدو، حيث اقتحم مجاهدو القوات المسلحة، مواقع العدو في المناطق الجبلية الوعرة، وبدأوا بالاشتباك معه بالأسلحة الخفيفة من مسافة قريبة، ما أدى إلى انهيار دفاعات العدو في تلك المناطق.
وتمت أيضاً محاكاة مواجهة تقدم مفترضة لقوات العدو وإيقاع تعزيزاته في كمائن محكمة، بالإضافة إلى سيناريو للغارات الجوية المحتملة من قبل طيران العدو، وبينما كانت الفرق الهندسية للمجاهدين تقوم بتفجير أبراج الاتصالات والمواقع المفخخة، نجحت قوات التعبئة العامة في محاصرة وحدات العدو المُنزلَة.
كما تناولت المناورات تنفيذ عمليات قتالية في بيئة صحراوية، حيث تم استهداف مواقع العدو المحصنة من عدة محاور، ودكت قذائف المدفعية تحصيناته في حين استهدفت الطائرات المسيرة آليات ومراكز القيادة.
وتضمنت المناورات، تحرك تشكيلات من قوات المشاة لاقتحام مواقع العدو تحت غطاء ناري، مما أسفر عن تفجير وتحطيم مراكز العدو المُقتحَمة، وعلى الرغم من الغارات الجوية للعدو التي كانت تهدف لمساندة قواته، إلا أن قوات التعبئة العامة ردت بشكل فعال وتمكنت من التصدي لتلك التهديدات.
عمليات قتالية في بيئة صحراوية
على الصعيد ذاته، وفي المنطقة العسكرية الخامسة، حاكت المناورات، قصفَ وتدميرَ مواقعَ وتحصينات وأهداف للعدو المفترض بالقذائف عبر الطائرات المسيّرة، وكذلك القذائف المدفعية، وعبر الدبابات ومختلف أنواع الأسلحة الرشاشة المتوسطة والثقيلة والقناصات، حتى انهيار دفاعات العدوّ في أنساقها الأمامية تحت ضغط القصف.
واشتملت المناورات على كمائنَ استهدفت تحَرّكات وتعزيزات العدوّ، واقتحام مجاهدي القوات المسلحة لمواقع ومعسكرات العدوّ المفترضة من عدة محاورَ في المناطق الجبلية الوعرة، والاشتباك المباشر معه بالأسلحة الخفيفة من مسافة صفر، ومن ثَم بدء تمشيط مواقع العدوّ الخلفية، تمهيداً لتقدم المجاهدين.
كما حاكت المناورات صَدَّ تقدم مفترَض لقوات العدوّ، وإيقاع تعزيزات العدوّ في كمائن محكمة، وإجهاز المجاهدين على تلك القوات، وكذلك سيناريو لغارات جوية محتملة لطيران العدوّ.
وأظهرت المشاهد قيام الفرق الهندسية للمجاهدين بتفجير أبراج الاتصالات والمواقع التي قام العدوّ بتفخيخها قبل فراره، بالإضافة إلى عمليات قنص تجهز على حراسة مواقع العدوّ في خطه الدفاعي.
وفي الجزء الآخر من المناورة، تمت محاكاة تنفيذ عمليات قتالية في بيئة صحراوية، وقيام تشكيلات متنوعة من القوات المسلحة بمهاجمة مواقع العدوّ المحصنة في الصحراء من عدة محاور.
ودكت قذائف المدفعية تحصينات وثكنات العدوّ، فيما الطيران المسيّر يستهدف آليات العدوّ ومقراته الرئيسة وغرف الاتصالات والسيطرة، وفي المناورات تحَرّكت تشكيلات من قوات المشاة لاقتحام مواقع العدوّ تحت غطاء ناري مساند، وتم تفجير مواقع وثكنات العدوّ التي تم اقتحامها.
وخلال المناورات شن العدوّ موجة غارات في محاولة لمساندة قواته، كما نفذ عملية إنزال جوي مفترضة، وسط استنفار المواطنين وقوات التعبئة العامة للتصدي لقوات العدوّ المفترضة.
وظهر في مشاهد المناورات اشتباك قوات التعبئة ومحاصرتها لقوات العدوّ التي تم إنزالها، بالتزامن مع وصول قوات التدخل السريع للقوات المسلحة لتقوم بتطهير المنطقة من العدوّ.
أسلحة جديدة
ظهر السلاح الجديد الذي يحمل اسم “القارعة” في مقطع مصور نشره الإعلام الحربي، يوم الاثنين الماضي، والذي وثّق المناورات المشتركة التي نفذتها القوات المسلحة، تحت شعار “لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ” رغم عدم كشف القوات المسلحة عن الخصائص الدقيقة لهذا السلاح، فإن المشاهد تُظهر أن الطوربيد سلاح يتمتع بميزة التشغيل فوق سطح المياه وتحتها، مع قدرات تحكم متقدمة، كما أظهرت المقاطع قوة تدميرية هائلة للسلاح، حيث تمكن من استهداف سفينة تحاكي “سفن العدو”.
يرى مراقبون ومحللون عسكريون أن “القارعة” تمثل إضافة نوعية لأسلحة القوات المسلحة اليمنية، لاسيما في الجانب البحري، في سياق معركة الدعم المقدمة لغزة ولبنان ضد التحالف الأمريكي البريطاني الذي يسعى لحماية الملاحة “الإسرائيلية”.
وأشار المصدر إلى أن هذه المناورات البحرية البرية الواسعة تُعَدّ نجاحًا نوعيًا واستراتيجيًا للجيش اليمني، موكدًا على أنه في ظل العدوان الأمريكي – البريطاني المستمر على اليمن، فإن اليمن لن يتوقف عن دعم حركات المقاومة والجهاد في غزة ولبنان.
التقنية كانت قد استخدمت في مناورة، نفَّذَتها القواتُ البحرية والبريةُ في القوات المسلحة اليمنية، الأحد، 27 أُكتوبر 2024م، ضمن سلسلة مناورات عسكرية تكتيكية في الساحل الغربي تحت شعار “لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ”، وَفي إطار معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدَّس”، التي تخوضُها القواتُ المسلحة؛ إسنادًا للشعبَينِ الفلسطيني واللبناني وبمناسبة مرور عام على عملية “طُوفَان الأقصى” المباركة.
رسائل استراتيجية لإظهار القوة والجاهزية
أكد مصدر عسكري رفيع أن “المناورة العسكرية النوعية التي نفذتها القوات المسلحة يوم الأحد الماضي في الساحل الغربي لليمن، تأتي كإسناد للشعبين الفلسطيني واللبناني”، مشيرًا إلى أن “هذه المناورة تُعبر عن الاستعداد والجاهزية لأي نزال محتمل مع الولايات المتحدة وأدواتها في اليمن”.
وفي تصريح خاص لقناة “الميادين”، أضاف المصدر أن “على الولايات المتحدة وبريطانيا أن تدركا أنه لا مفر لهما من أي مغامرة يمكن أن يقوما بها في اليمن، وعليهما الاستفادة من دروس فشلهما في العمليات البحرية والجوية”.
وأوضح المصدر أن “الأسلحة الجديدة التي كشفت عنها القوات البحرية اليمنية ليست الأخيرة، فاليمن مستمر في تطوير مختلف أسلحته بوتيرة متسارعة”.
وأشار المصدر إلى أن “المناورة البحرية والبرية الواسعة تمثل نجاحًا نوعيًا واستراتيجياً للجيش اليمني، وذلك في ظل العدوان الأمريكي – البريطاني المستمر”. مطمّئنًا حركات المقاومة والجهاد في غزة ولبنان بأنهم “ليسوا وحدهم، فاليمن لن يتوقف أبداً عن مساندتهم”.
وفي سياق متصل، يؤكّـد الخبراء أن التدريب على منع الإبرار المعادي، والتركيز على التصدي له عبر الساحل يظهر الأهميّة الكبيرة التي توليها القيادة اليمنية لحماية المناطق الساحلية ومنع الأعداء من التسلل إلى الداخل، كما يعطي إشارة إلى أن المعارك القادمة للقوات المسلحة اليمنية ربما ستكون باتّجاه البحر.
ويرى مراقبون أن لهذه المناورات رسائل استراتيجية، من خلال إظهار القوة والجاهزية؛ فهذه المناورات ترسل رسالة واضحة للأعداء المحتملين بأن القوات المسلحة اليمنية مستعدة وقادرة على الدفاع عن أراضيها ضد أية تهديدات، كما تعزز هذه المناورات من ثقة الشعب اليمني في قدرات قواته المسلحة؛ ما يساهم في رفع الروح المعنوية وتعزيز الوحدة الوطنية.
عمليات الإبرار البحري
من جهة أخرى، فَــإنَّ محاكاةَ القوات المسلحة اليمنية لعمليات قتالية متعددة في بيئات وتضاريس متنوعة، تعكس استعدادها الشامل لمواجهة تهديدات معقدة ومتنوعة، وحول هذا السيناريو يشير مراقبون، إلى أنه ومن خلال التنوع في البيئات والتضاريس التي تتدرب عليها القوات المسلحة، فَــإنَّها تدرك حقيقة أن الدفاع عن المناطق الساحلية يتطلب تكتيكاتٍ خَاصَّةً؛ نظرًا لأهميّة هذه المناطق في عمليات الإبرار البحري والهجمات البحرية، كما أن العمليات القتالية في المناطق الحضرية تتطلب تكتيكات دقيقة؛ نظرًا للكثافة السكانية والبنية التحتية المعقدة.
ومثلها في الصحراء، إذ تتطلب العمليات في المناطق الصحراوية تكتيكات مختلفة نظرًا للطبيعة المفتوحة والصعبة لهذه البيئات، وكذلك، في الجبال؛ فالعمليات في المناطق الجبلية تتطلب تكتيكات خَاصَّة؛ نظرًا للطبيعة الوعرة والصعبة لهذه المناطق، وبالتالي فإن إلمام المقاتل اليمني بكل الفنون التكتيكية المذكورة ناهيك عن كونه مُلِمًّا بأرضه يجعله متميزًا عن العدوّ المهاجم.
وتعكس المناورات طبيعة التكتيكات الدفاعية والهجومية التي تتخذها القوات المسلحة اليمنية، ففي التكتيكات الدفاعية، تشمل التصدي للهجمات المعادية وحماية المناطق الحيوية، وهذا يعكس قدرة هذه القوات على الصمود والدفاع عن الأراضي، كما أن تكتيكاتها الهجومية، جاءت تشمل تنفيذ هجمات مضادة لاستعادة السيطرة على المناطق المحتلّة وتدمير قوات العدوّ؛ ما يعكسُ قدرتَها على الانتقال من الدفاع إلى الهجوم بفعالية.
وبحسب الخبراء فَــإنَّ هذه المناورات تؤكّـد الجاهزية الشاملة، والتدريب المتكامل، ويعكس هذا السيناريو مستوى عاليًا من التدريب والتنسيق بين مختلف الفروع العسكرية؛ بما يعزز من جاهزية القوات لمواجهة أية تهديدات، وبشكلٍ عام، تعكس هذه المناورات قدرة القوات المسلحة اليمنية على التصدي لتهديدات معقدة ومتنوعة؛ ستعزز من جاهزيتها واستعدادها للدفاع عن البلاد في مختلف الظروف.
ويرى مراقبون أن لهذه المناورات العديدَ من الدلالات السياسية، منها: إظهار القوة والردع؛ إذ تهدفُ إلى إرسال رسالة قوية إلى الأعداء المحتملين بأن القوات المسلحة اليمنية مستعدة وقادرة على الدفاع عن أراضيها، كما أنها ترسلُ رسالةً قويةً في سياق الدعم والإسناد والتضامن مع الشعبَينِ الشقيقين الفلسطيني واللبناني؛ ما يعكس التزام القيادة الثورية السياسية والعسكرية اليمنية بالقضية المركَزية الفلسطينية وبالقضايا الإقليمية والدولية.
وعليه؛ تعد هذه المناورات خطوة هامة في تعزيز القدرات الدفاعية للقوات المسلحة اليمنية، وتأكيدها على جاهزيتها للتصدي لأية تهديدات محتملة، كما تعكس التزام اليمن “قيادةً وشعبًا وجيشًا” بدعم القضايا المصيرية للأُمة وأخذ موقعها الأصيل والريادي على المستوى الإقليمي والدولي، وتعزيز مكانتها في المنطقة وسيادتها على كامل ترابها ومياهها الإقليمية.
ختاما..
تأتي هذه المناورة لتحمل العديد من الرسائل والدلالات على الصعيد المحلي والدولي، فهي تبعث رسائل للأعداء بأن القوات المسلحة اليمنية، ليست في غفلة عن تحَرّكاتهم ومؤامراتهم لاحتلال أجزاء من البلاد في ظل انشغال اليمن بالدعم والمساندة للشعبين الفلسطيني واللبناني اللذين يتعرضان لعدوان صهيوني غاشم تجاوز العام.
أما الرسائل الموجهة للخارج، فهي تؤكّـد مدى استعداد القوات المسلحة اليمنية على مواجهة أية مخاطر وتحديات تتطلبها المرحلة، ومن بينها لجوء الأمريكيين وعملائهم في الداخل إلى تنفيذ عملية إنزال لاحتلال أجزاء من الأراضي اليمنية.
وتثبت هذه المناورة -بما تضمنته من تكتيكات حربية- مدى التطور اللافت للقوات المسلحة اليمنية في جميع محاور القتال، والتنسيق الكبير بين هذه المحاور المتعددة؛ ما يجعلها مرنة وسهلة لمواجهة كُـلّ الأخطار والتحديات المقبلة، وهذا أَيْـضًا يعكس قدرة القوات اليمنية على التنسيق الفعال بين مختلف الفروع العسكرية؛ التي تعزِّزُ من قدرتها على التصدّي لهجمات معقدة ومتعددة الجوانب.