الواقع والوقائع.. طوفان يُميّز الطيب من الخبيث
عدنان ناصر الشامي
الواقع ليس مُجَـرّد مشهد عابر؛ بل هو مرآة صافية تكشف المستور وتفضح المغطّى. فلا يمكن لأي قوة أن تحجب الحقيقة كما لا تستطيع الأرض أن تخفي نفسها عن الشمس. وهذا الواقع، كالنور الساطع، ينكشف أمام الجميع، ليعرض الحقائق بوضوح، يُسقط الأقنعة ويُميز الصادق من الزائف، يرفع من عانق العزة، ويُسقط من آثر الذل.
الواقع اليوم كشف كُـلّ مستورٍ، وفضح الحقائق أمام الجميع؛ فهو غربالٌ دقيق يُميز بين الصادقين والخائنين، بين من يحملون همّ الأُمَّــة ومن يتخلّون عنها. في صدى الأحداث، برزت فلسطين كميزان حقيقي لا يخدع، وكقضية فارقة تميز الأبطال من الجبناء، فموقف الفرد من فلسطين أصبح معيارًا لكل قلب ينبض بالكرامة.
لنبدأ من هنا، نرمي بصرنا ونضع الخارطة، ونضع الفاصلة والفارقة، ونحدّد كُـلّ شيء في موضعه الصحيح. ونتساءل: لماذا؟ ثم نجيب عما نتساءل عنه، ونضع علامة التعجب، وعلامة الواقع التي تُبرز فعله، فَــإنَّ أي فعل فيه يعكس الواقع، ويحوّل الأحداث إلى صفحات بيضاء أَو سوداء، يتحدث بها ويقدمها كدروس لمن يعتبر.
لننظر فيه، ونتأمل عبر كُـلّ الحواس، ونضع أعيننا على القضية الفارقة، لنقيم من خلالها الوقائع والأحداث ونكشف الحقيقة العارية في زمن الطوفان. إن (طُوفَان الأقصى) هو الفارق الجوهري، وهو الغربال الذي فضح حكام الخليج، حكام العار والرقص والعهر.
حيث إننا اليوم أمام واقعٍ جليّ، لا غموض فيه ولا لبس؛ واقعٌ يكشف من قمم الجبال إلى بطون الوهاد، يُظهر الخفايا ويرسم بوضوحٍ مواقف الشعوب والزعماء، بين مَن وقفوا بشرفٍ وعلوّ، ومَن ارتضوا الذل والهوان. هنا، لا يفصل بينهم لونٌ أَو شكلٌ أَو جاه، إنما التميز هنا في المواقف والولاءات، ولا سيما في القضية الفلسطينية التي باتت المعيار الفاصل بين من يعبرون عن حقيقة وجودهم ومن يرتضون العيش في الظل.
فلنبدأ من رأس الهرم، من الزعماء والملوك، الذين يعيشون في واقعٍ يتغير بين أيديهم، فهو المرآة التي تعكس مواقفهم وأفعالهم. هنا، نجد الواقع بمثابة غربالٍ دقيق، يفرز الناس بين نقيضين؛ فالحقيقة تتجلى أمامنا وتفضح كُـلّ مُداهنة وكل خيانة. دعونا ندخل عوالم هذا الواقع، لنُمعن النظر في كُـلّ تفصيلٍ صغير.
لنُسلط الضوء على القضية الفارقة، قضية فلسطين، التي تمثل الطوفان العظيم، والفاصل بين النصر والخذلان. إنَّ حكام الخليج، حكام العار، ظهروا كالأقزام أمام عظمة القضايا الكبرى، فطالما رقصوا في حفل الهزيمة، وتاجروا بمواقفهم كما يتاجر البائع بالمزادات؛ لذا، نقف هنا، لنبحث في المساحات الشاسعة التي تحتضن مليارين من المسلمين، بينما جرح فلسطين ينزف في قلب العالم الإسلامي.
فلسطين هي الفارقة، وهي التي فضحت الجميع. هنا، نجد أن الواقع يتحدث عن مواقف الأبطال، اليمن العريق، الذي أذلّ طغاة العالم بمواقفه مع قضيته الفلسطينية، رغم ما يتعرض له من حصار وعدوان.
إن القيادة الحكيمة للسيد عبدالملك الحوثي، والشجاعة والبسالة التي يتحلى بها الشعب اليمني، هي ما يضمن عزة الأُمَّــة وحياتها.
بينما يتحدث الواقع عن سقوط حكام الخليج المطبعين وحكام العار، يظل الناس في ذلهم وخزيهم، فلا يستطيعون تبرير خيانتهم. لقد كشفهم (طُوفَان الأقصى)، وأظهرهم كالفصل الخبيث الذي لا يمكن إنكاره.
الواقع اليوم لا يرحم؛ فقد أسقط كُـلّ قناع، وأبقى الكرامة لمن يستحقها. من وقف مع فلسطين والمقاومة، خلّده التاريخ، أما من خان وتخاذل، فلن يجد ملجأً سوى مزبلة النسيان، فهو طوفان يُبقي الشرفاء ويرمي الخائنين إلى ظلامٍ لا عودة منه.
وفي النهاية، دعونا نتأمل هذا الواقع، ونواجهه بشجاعة، فكل فعلٍ فيه يكتب مصيرنا، وكل موقفٍ هو حجرٌ في أَسَاس بناء أمتنا. فلنحرص على أن نكون من ذوي العلاء، لا من نزول الحقائر، ولنبقَ أُسودًا في وجه أعدائنا، وشجعانًا في محاربة الخيانة والعمالة.