المنبر الاعلامي الحر

عمليات الذئاب المنفردة تربك حسابات الاحتلال !

يمني برس – تقرير :

تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة ازدياد العمليات الفردية التي ينفّذها الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال الصهيوني، وتختلف هذه العمليات عن المقاومة التقليدية؛ إذ غالبًا ما ينفذها المقاوم بتخطيط فردي من غير توجيه مباشر من الفصائل.

منذ السابع من أكتوبر 2023، شهدت الأراضي الفلسطينية تغييرات كبيرة على صعيد مواجهة الاحتلال، وأصبحت العمليات الفردية أكثر شيوعًا وتعقيدًا وذات تأثير عميق على أمن الكيان وباتت تشكّل تحديًا خاصًا للاحتلال، حيث يصعب توقعها أو السيطرة عليها.

تندرج العمليات الفردية ضمن أنماط المقاومة التي يقوم بها فرد أو مجموعة صغيرة جدًا من الأشخاص، غالبًا بدافع شخصي وبدون توجيه أو دعم مباشر من تنظيمات أو فصائل سياسية، ويتم تنفيذها بأساليب بسيطة ولكنها فعالة، مثل الطعن، الدهس، أو استخدام أسلحة خفيفة متاحة.

حسب بيانات مركز المعلومات الفلسطيني (معطى)، شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة، عشرات العمليات الفردية النوعية التي نفذها فدائيون فلسطينيون منذ عملية طوفان الأقصى.

وبحسب المركز شهدت الضفة الغربية والقدس ومحيطها، خلال عام واحد، أكثر من 40 عملية طعن و25 عملية دهس، كما شهدت مناطق 48 والخط الأخضر 13 عملية طعن، و4 عمليات دهس و4 عمليات إطلاق نار.

وأسفرت العمليات الفردية التي نفذّت في الداخل الفلسطيني عن مقتل أكثر من 60 صهيونيا وجرح ما يزيد عن 500 مستوطن، وذلك منذ أكتوبر 2023.

وشكّلت عملية الدهس قرب قاعدة “غليلوت” العسكرية شمالي “تل أبيب”، يوم الأحد 27 أكتوبر2024، واحدة من أبرز العمليات الفردية منذ اندلاع الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، حيث أدت لمقتل 6 وإصابة 50 آخرين.

واكتسبت عملية “غليلوت” أهمية خاصة كونها نُفّذت قرب قاعدة عسكرية تضم مقرات للموساد وأجهزة الاستخبارات الصهيونية ووحدة 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية.

وفي مطلع سبتمبر الماضي، نفذ فلسطينيان عملية إطلاق نار على شرطة الاحتلال قرب حاجز ترقوميا بالخليل ونتج عن ذلك 3 قتلى إسرائيليين، وفي 11 سبتمبر نفذ فلسطيني عملية دهس عند مفترق بيت إيل شمال رام الله وقتل جندي.

واستمرت العمليات الفردية خلال الشهر أكتوبر الأول المنصرم، في 6 أكتوبر نفذ فلسطيني من أم الفحم عملية طعن في الخضيرة وقتل جندي واحد، وفي 15 أكتوبر نفذ فلسطيني من غزة عملية إطلاق نار بين تل أبيب وأسدود ونتج عن ذلك مقتل شرطي إسرائيلي.

ويشير مركز الإعلام الفلسطيني إلى أن العمليات الفردية التي ينفذها الشبان الفلسطينيون تشكّل تحدّيًا صارخًا للاحتلال، الذي يسعى بممارساته الوحشية ضد الفلسطينيين أن يثنيهم عن تنفيذ هذا النوع من العمليات.

ونوّه المركز إلى أن تلك المجازر الصهيونية ما هي إلا وقود لهذه العمليات الفدائية، وهي المحفز الأول للفلسطينيين الباحثين عن خير وسيلة للدفاع عن أرضهم، دون الاكتراث بتبعات هذا النوع من العمليات.

ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء ركن محمد الصمادي أن عمليات الذئاب المنفردة في فلسطين تندرج تحت ما يسمى بالعمليات الاستشهادية أو العمليات الفدائية، وهي مؤثرة كونها تجعل الداخل الاسرائيلي يعيش بحالة من الخوف والقلق والفزع وعدم الشعور بالأمن والأمان.

ويضيف الصمادي في حديثه لموقع نون بوست، أن هذه العمليات تشكل هاجسًا كبيرًا وتحديًا للاحتلال الإسرائيلي، لأنه ليس من السهولة التنبؤ بمكان حدوثها أو زمانه؛ مما يؤثر على ما يسمى بقوة الردع الإسرائيلية.

ويشدد الصمادي على أن نتائج هذه العمليات لا تقاس بعدد القتلى والإصابات بين الصهاينة، لكن لها فاعلية كبيرة جدًا على المعنويات، وخاصة إذا استمرت وتيرتها سواء كان في الضفة الغربية أو في الداخل الإسرائيلي.

ويلفت الصمادي إلى العديد من العوامل التي أدت إلى ازدياد العمليات الفردية، ومنها الإجرام الإسرائيلي وأعمال القتل والتهجير القسري والابادة العرقية والعقوبات الجماعية والتنكيل بالشعب الفلسطيني في المعتقلات واعتداءات المستوطنين على أموال وحريات الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى سياسة التهويد التي تقوم بها حكومة اليمين المتطرف.

إلى جانب العمليات التي ينفّذها فلسطينيون، تأتي العمليات الفردية الأردنية لتمثّل تحديًا إضافيًا للاحتلال، حيث يصعب التنبؤ بها أو منعها بسبب طبيعتها المفاجئة والمستقلة، كما أنها تساهم في الحفاظ على زخم القضية الفلسطينية وتدعيم المقاومة بوسائل جديدة تتحدى حسابات الاحتلال.

ونجح الأردنيان عامر قواس ورفيقه حسام أبو غزالة باجتياز الحدود الأردنية، يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 2024، والاشتباك مع القوات الإسرائيلية قرب منطقة البحر الميت، قبل أن يُقتلا برصاص جيش الاحتلال.

وأعلن الجيش الإسرائيلي حينها عن إصابة جنديين عملية إطلاق نار جنوبي البحر الميت على بعد نحو 3 كيلومترات من مستوطنة إيلوت، وسط استنفار أمني كبير شهدته المنطقة.

وفي سياق متصل، شكلت العملية التي نفّذها العسكري الأردني المتقاعد، ماهر الجازي، يوم 8 سبتمبر 2024، وأدت لمقتل 3 عسكريين إسرائيليين عند جسر “اللنبي” بين ضفتي نهر الأردن، سابقة من نوعها، وسط توتر العلاقات بين عمان وتل أبيب.

ويعتقد الصمادي أن سبب العمليات الفردية التي تنطلق من الأردن جاءت بسبب الغضب الشعبي الشديد من الأردنيين تجاه ما يحدث في الاراضي المحتلة، وتنفيذ مثل هكذا عمليات لا يتطلب سوى وجود الرغبة والإرادة والعقيدة للتنفيذ.

من جانبه، رجّح النائب الأسبق لرئيس هيئة الأركان الأردنية، الفريق قاصد محمود، استمرار العمليات الفردية التي تحدث من وقت لآخر على الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة والتي تستهدف جنود الاحتلال.

وأشار في مداخلة مع قناة “العربي”، إلى أن هناك غضبًا شديدًا من الأردنيين تجاه ما يحدث في الأراضي المحتلة، فضلًا عن استفزازات المخطط الإسرائيلي الصهيوني الذي لا يتوانى عن نشر خرائط ويعتبر الأردن جزءًا من إسرائيل.

ونوّه الخبير العسكري إلى أن هذه العمليات لها أبعاد، أبرزها كلفة تأمين العدو وهو ما يرفع التكاليف على الاحتلال لمواجهتها أو الحد منها لإفشالها في مراحل مبكرة.

نقلا عن “نون بوست”
قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com