عدن من «عاصمة الإزدهار» اقتصاديا الی «عاصمة الفشل» امنيا
يمني برس- متابعات
صرنا هذه الأيام لم نسمع الكثير من التصريحات من قبل ما يسمی بالإئتلاف السعودي، حول أنه قادر علی دخول العاصمة الیمنية، صنعا. فيما كنا في الأشهر الماضية نسمع ليل نهار الكثير من التصريحات الرنانة من قبل “أحمد عسيري” المتحدث باسم الإئتلاف السعودي، بأن قوات هذا الائتلاف ستدخل الی جميع المدن التي توجد فيها قوات الجيش الیمني وحركة أنصارالله، وعلی رأسها العاصمة الیمنية، صنعاء. تقليص تصريحات المتحدث باسم الائتلاف السعودي حول دخول صنعاء وبدء عمليات عسكرية في مدن يمنية اخری، يدل علی أن الائتلاف السعودي بات يواجه مشاكل حقيقية في اليمن، بسبب شراسة مقاومة الشعب الیمني وقواته المسلحة المتمثلة بالجيش وحركة أنصارالله. لا بل أصبح الیوم العجز ليس مقتصرا علی عدم مقدرة السعودية وحلفائها في دخول صنعاء فحسب، بل أن السعودية وحلفائها باتوا علی وشك ضياع المناطق التي استولوا علیها فيما سبق.
وها هي مدينة عدن وبعد أشهر من دخول القوات السعودية الیها، وبالتحديد بعد اعلانها عاصمة مؤقتة من قبل “عبدربه منصور هادي” في السابع من شهر مارس /آذار 2015 حتی الیوم، لاتزال تعاني من عدم الامن والاستقرار، وباتت تتعرض بشكل شبه يومي الی عمليات إرهابية من قبل داعش والقاعدة، بعدما كانت العاصمة الإقتصادية لليمن. السوال الذي بات يطرح نفسه الیوم هو: إذا كانت السعودية وحلفاؤها وبعدما القوا بكل ثقلهم العسكري واللوجستي في مدينة عدن، باتوا عاجزين من تحقيق الأمن في هذه المدينة الوحيدة، فكيف سيستطيع هؤلاء المؤتلفون دخول المحافظات والمدن الیمنية الاخری؟
فمن دون شك بات واضحا وجليا جدا أن صنعاء ستظل عصية علی السعودية وائتلافها الهش، بعدما باتت مدينة عدن عنوانا للفشل الأمني وحتی الإقتصادي بالنسبة للسعودية وحكومة الرئيس المنتهية ولايته “منصور هادي”، فضلا عن أن استمرار الحرب علی الیمن بات يشكل عبئا ثقيلا علی الميزانية العامة السعودية خاصة مع إستمرار إنخفاض أسعار البترول.
وليس من المعلوم حتی الآن، متی ستصغي السعودية الی الذين نصحوها بانهاء الحرب علی الیمن وافساح المجال لأهله لحل مشاكلهم عبر الطرق السياسية، لكن علی ما يبدو فان الرياض باتت تواجه طريقا مسدودا في الیمن ولا يمكن للتعنت السعودي أن يستمر أكثر من هذا. ومن المفارقات العجيبة أن عناصر القاعدة وداعش الذين حظوا بحفاوة دعم السعودية للاستقواء بهم ضد الجيش الیمني وحركة أنصارالله، باتوا الیوم يتصارعون مع الرياض للسيطرة علی عدن. حيث باتت السيارات المفخخة لداعش والقاعدة تريق دماء الكثير من الیمنيين في عدن، حتی بات البعض يطلق علی عدن بسبب التدهور الأمني الذي أصاب هذه المدينة بعد إحتلالها من قبل القوات السعودية، بأنها باتت تمثل اليوم، “مدينة الموت” وليست الحياة. حيث تبنى تنظيم داعش الإرهابي اليوم (السبت) التفجير الانتحاري الذي شهدته عدن يوم أمس عبر سيارة ملغمة، مما ادی الی مقتل سبعة وجرح ما لا يقل عن ثمانية آخرين.
واضافة الی فشل الحكومة التي يتولی قيادتها “منصور هادي” في توفير الامن والاستقرار في عدن، فان الإنفلات الأمني الذي أوجدته السعودية في هذه المحافظة من الممكن أن يؤدي الی زعزعة الامن الملاحي في باب المندب، إذاما تمكنت قوات داعش والقاعدة من إستهداف السفن التي تسلك مضيق باب المندب في التنقل بين مختلف القارات. وبالاضافة الی تردي الاوضاع الامنية في عدن بسبب الحرب السعودية، فقد لعبت العمليات العسكرية السعودية أيضا دورا أساسياً في تدمير الاقتصاد الیمني وذلك من خلال دخولها مدينة عدن، والتي كانت تعتبر العاصمة الإقتصادية لليمن.
نحن وكعامة الشعب الیمني الذي يعارض تفتيت البلاد والسيطرة علیها من قبل المجاميع الإرهابية، نتمنی خروج القوات الغازية من عدن وسائر المدن الیمنية الاخری، وجلوس جميع القوی المتخاصمة علی طاولة الحوار دون أي تدخل اجنبي، للوصول الی حلول سياسية تنهي الأزمة الأمنية والسياسية في البلاد. وإذاما تحقق الوفاق السياسي بين مختلف التيارات والاحزاب السياسية الیمنية، فان ذلك سيعني أن الجيش والقوی الأمنية اليمنية سيكون بمقدورها فرض سيطرتها علی جميع مناطق الیمن، وبذلك ستنتهي الفوضی الأمنية التي تشهدها حالیا عدن والمحافظات الاخری.
وإذا ما استمرت الحرب السعودية علی الیمن، فمن غير المستبعد أن يؤدي ذلك الی أن تصل أعداد القتلی في هذا البلد الی ما وصلت الیه سوريا، وستدمر الیمن كما دمرت سوريا. وبالطبع علی السعودية أن تعي جيدا أن عدم الأمن والاستقرار في أي من مناطق الیمن، ستكون له انعكاسات سلبية علی الوضع الأمني في المنطقة بشكل عام وفي داخل السعودية بشكل خاص. إذن من الافضل للسعودية والدول التي تحالفت معها في الحرب ضد الشعب الیمني أن ينهوا عدوانهم، ويسمحوا للشعب الیمني أن يضمد جراحه، خاصة بعدما أثبتت الأيام للرياض وحلفائها عدم مقدرتهم علی إنجاز ما كانوا يحلمون به وهو القضاء علی بعض المكونات السياسية الرافضة للإملاءات والهيمنة السعودية وتأتي في مقدمة هذه المكونات حركة أنصارالله.
* موقع الوقت التحليلي