شهداءُ وجرحى في غارات عدوانية على صنعاء ومحافظتَي الحديدة وصعدة
شهداءُ وجرحى في غارات عدوانية على صنعاء ومحافظتَي الحديدة وصعدة
يمني برس- جرائم العدوان
واصل العدوانُ السعوديّ الأمريكي، خلال عامَيْ 2015م، و2021م، ارتكابَ جرائم الحرب والإبادة الجماعية، بغاراته الوحشية المباشرة، وقصف مرتزِقته للمدنيين وعلى الأحياء السكنية والمزارع بمحافظات صعدة وصنعاء والحديدة.
أسفرت هذه الغاراتُ عن 7 شهداء أطفال ونساء، وجرح طفل، وتدمير عشرات المنازل، وتهجير أهلها، وترويع الآمنين وحالة من الحزن والقهر في نفوس عشرات الأسر المكلومة، وأضرار واسعة في ممتلكات المواطنين.
وفيما يلي أبرز التفاصيل:
1 ديسمبر 2015.. 7 شهداء أطفال ونساء في غارات على منزل مواطن في مديرية مران بصعدة:
في الأول من ديسمبر من العام 2015م، أضاف العدوان السعوديّ الأمريكي، جريمةَ حرب إلى سِجِلِّ جرائمه بحق الإنسانية في اليمن، مستهدفًا، هذه المرة بغاراته الوحشية، منزلَ المواطن علي محسن فارس، بقرية البقعة بمنطقة مران بمديرية حيدان في محافظة صعدة.
أسفرت عن 7 شهداء أطفال ونساء، وتدمير المنزل على رؤوس ساكنيه، وتضرر ممتلكات ومنازل المواطنين المجاورة، وترويع الأهالي، وتهجير عشرات الأسر.
وفي صباح يوم الثلاثاء، الذي كان يُفترَضُ أن يكون يومًا عاديًّا، كانت الأسرة تعيش حياة بسيطة، كأية أسرة يمنية، تحلم بمستقبل أفضل لأطفالها، وكانت الأُمُّ مشغولةً بأعمال المنزل، والأب خرج للعمل بجد في المزرعة؛ ليجدَ ما يعيل أسرته، والأطفال يلعبون وبعضهم لا يزال نائمًا، أَو لم يأخذ وجبةَ الحليب بسعادة ومرح وشغف، فيما أختُهم الصغيرة تساعد والدتها في تدبير شؤون المنزل.
ولكن فجأة، تحول هذا المشهد الهادئ إلى فاجعة مروعة، حينما سمعوا صوتَ تحليق طيران العدوان في سماء منطقتهم، وفي لحظة لم تمكّنهم من الخروج هبطت على رؤوسهم الغارات بصواريخها وقنابلها المدمّـرة، حَيثُ دمّـرت السقوف والجدران على أجسادهم الضعيفة، فأزهقت أرواحُهم البريئة وقطعت أنفاسهم وسفكت دماءَهم، لتودع الأسرة الصغيرة الحياة بأكملها.
خرج الأهالي من منازلهم تاركين وجبة الإفطار والأعمال في المزارع المجاورة، متجهين نحو المنزل الذي اختفى بروزه عند تفجر الغارات به، فوصلوا إلى المكان، فكانت الصورة أمامهم مأساوية للغاية، الأنقاض متناثرة في كُـلّ مكان، وجثث الضحايا تحت الأنقاض، يسمعون أصواتًا خافتة لأنين أُمٍّ كبيرة في السن، فتقترب الجموع، وترفع الدمار علها تصل إلى مكان الصوت، ولكن الطيران يحلق بكثافة على المنطقة، ويعاود القصف على منازل مجاورة، فيهرب المنقذون، ويعاودون الكرة، فيعاود الطيران.. دقائق طويلة والأرواح تحت الأحجار والسقوف والجدران تزهق، وعند خلو الأجواء تمكّن الأهالي من الوصول إلى الجثث، ليجدوها هامدة، ولا نفس أَو نبضة حياة فيها، هنا الصدمة القاسية، طفلان رضيعان، بجوار أمهما أحدهما في حضنها لا يكمل مص الحليب من ثديها، والآخر علبة الحليب بجواره منكسرة، وزهرة ذات خمسة أعوام بجسد مكشر ووجه دامٍ وعيون مغلقة، كما هو حال بقية أفراد الأسرة الشهداء.
الجريمة شملت الأولاد والأحفاد من بينهم طفل في عمر أسبوع، وأخوه سنتين، وجدته، وأخته، وأمه وعمته.. يا الله كم هو المشهد يقطع الأكباد، غطى الحزن والألم كُـلّ بيت في القرية، حين فقد الأهالي عزيزيهم بطريقة بشعة، ويعاني الناجون من صدمة نفسية عميقة، نتيجة لما شاهدوه من دمار وخسائر في الأرواح، ويعيش السكان في حالة من الخوف والرعب المُستمرّ؛ خوفًا من تكرار مثل هذه الإبادة بحق فلذات أكبادهم ونسائهم وأُمهاتهم.
مشاهد الدمار وإخراج الجثث من تحت الأنقاض، ورص جثث طفلين رضيعين وأختهم الصغيرة بجوار أمهم وأخواتهم من بين الدمار، وتبعثر المنزل بجدرانه وسقوفه بشكل كامل، وبكاء ودموع الأهالي وحزنهم أثناء مشاهد الإبادة الجماعية بحق أسرة بكاملها، تؤكّـد طبيعة الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدوان بحق الشعب اليمني.
يقول أحد المنقذين: “هذه جرائمُ سلمان، يا سلمان، الله المستعان أين العروبة أين الدم العربي؟ إن كنت عربيًّا مسلمًا، فهل هذه الجريمة تعبر عن عروبتك، أنت عميل، لا فيك رحمة ولا شفقة، من يقتل الأطفال في اليمن لا يمت للإسلام بصلة، إنّا لله وإنّا إليه راجعون”.
والد الأسرة كبير في السن، يقبل حفيده الشهيد ويبتهل إلى الله، بأن يجعل الله كيد الأعادي في نحورهم.. متابعًا “ما هي رجالة أن يضرب أطفال وحريم، ما قال الله ولا رسوله، يا رب أفرع من عندك، لمن ندعو غيرك.. يا الله انتقم ممن ضرب بيوتنا، وأهلك نسلنا”.
تبكي النساء، فهذه تبكي أمها، وتلك تبكي أختها وهذه تبكي جارتها، في مشهد كربلائي حزين، لا يكاد وصفه في عبارات، أَو اختصاره في مجلدات تعكس ألم وحزن القلوب المكلومة.
1 ديسمبر 2015.. خسائرُ في المنازل والممتلكات في قصف سعوي على حي العشاش بصنعاء:
وفي الأول من ديسمبر عام 2015، أضاف العدوان السعوديّ الأمريكي جريمة جديدة إلى سجل جرائمه بحق الشعب اليمني، حَيثُ استهدف بغاراته العنيفة حي العشاش السكني بمديرية بني مطر بصنعاء، مخلِّفًا وراءه دمارًا هائلًا في المنازل والممتلكات، وحالة رعب في نفوس الأطفال والنساء، وموجة تشرد ونزوح نحو المجهول، وتضاعف المعاناة.
تحوَّلت بيوت العشاش الآمنة إلى هياكلَ مشقَّقةٍ وسُقُفٍ متهجمة بغير نوافذ وأبواب، وأصبحت أحلام ساكنيها مسكونة بالرعب ومحفوفة بمخاطر الإبادة، ففي لحظات معدودة، تحولت حياة هؤلاء الأبرياء إلى جحيم، حَيثُ هربوا من منازلهم وهم يحملون ما تبقى من ممتلكاتهم القليلة، تاركين وراءهم ذكريات محفورة في جدران بيوتهم المدمّـرة، لا أثاث سلم، ولا متاع باقٍ.
تكبد السكان خسائر مادية فادحة، حَيثُ دمّـرت منازلهم وممتلكاتهم، مما زاد من معاناتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، كما أَدَّى القصف إلى نزوح العشرات من الأسر؛ مما زاد من أعداد النازحين داخليًّا في اليمن، وتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية.
ويعيش السكان في حالة من الخوف والرعب المُستمرّ، حَيثُ لا يعرفون متى ستستهدف منازلهم مرة أُخرى، وتسبب العدوان الغادر في تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين، حَيثُ يعانون من نقص المياه والكهرباء والغذاء والدواء منذ 9 أعوام.
يشرح أحد الناجين من الغارات قائلًا: “الساعة التاسعة والنصف صباحًا ونحن نائمون في منازلنا، لم نكن نتوقع أن يستهدفنا العدوان مع أبنائنا وأطفالنا، استهدفوا منزلنا دون أي مبرّر، وهرعنا جميعًا خارج المنازل، ولم نعد إليها إلا بعد أن توقف تحليق الطيران، وانتهت الغارات المباشرة، وتبخرت سحب الدخان، والغبار المتصاعد من الحي، كُـلّ ما جمعناه طوال العمر ذهب في لحظة، العدوان يمارس الإرهاب بعينه بحق شعبنا اليمني، تدمير كُـلّ مقومات الحياة”.
1 ديسمبر 2021.. جرح طفل في قصف مرتزِقة العدوان بمنطقة الجرادية بالحديدة:
وفي الأول من ديسمبر 2021م، ارتكب مرتزِقة العدوان السعوديّ الإماراتي الأمريكي، جريمة حرب جديدة بحق الطفولة في اليمن، مستهدفين بقذائف الهاون منطقة الجرادية بمديرية الجراحي، أسفرت عن جرح طفل، وترويع الأهالي، وتضرر الممتلكات.
هنا طفل على سرير المستشفى، بطونه وأمعائه بأيادي الجراحين، يحاولون تنظيفها من شظايا القذيفة الغاشمة، ويعيدونها لمواضعها وخياطتها، في مشهد جراحي دام، وَأثر قذيفة تفتك بالطفولة والبراءة في آن واحد، وشكلت جرحًا غائرًا في ضمير الإنسانية.
في يوم كان يفترض أن يكون كأي يوم آخر، تحول هدوء منطقة الجرادية، إلى صراخ ودموع، فلم يكن صوت انفجار قذيفة الهاون مُجَـرّد صوت، بل كان صرخة مدوية أضافت جرحًا جديدًا إلى جراح اليمن النازفة.
في ذلك اليوم المشؤوم، كان الطفل محمد علي حسن الحداد برفقة عمه وجده في مزرعتهم، كأي طفل يمني يساعد أسرته، ويحلم بمستقبل أفضل، فجأة، تحول هذا الحلم إلى كابوس، عندما سقطت قذيفة هاون غادرة على الشعب، لتدمّـر لحظاته السعيدة، وتنهي عمله، أدمى قلوب أهله وذويه.
هرعت الأم المذعورة إلى ابنها، لتجده غارقًا في دمائه، وتصرخ من هول الصدمة، نُقِلَ على عجل إلى المستشفى، وعيناه تملؤهما الدموع والحسرة، في غرفة العمليات، كان الجراحون يكافحون لإنقاذ حياة الطفل، بينما كانت الأم تنتظر بقلق شديد خارج الغرفة، تدعو الله أن يعيده إليها سالمًا.
كان المشهد داخل غرفة العمليات مروِّعًا، فشظايا القذيفة قد تسببت في أضرار بالغة في بطن الطفل وأمعائه، كان الجراحون يعملون بكل ما أوتوا من قوة لوقف النزيف وخياطة الأمعاء المقطعة، ولكنهم كانوا يواجهون صعوبات كبيرة؛ بسَببِ شدة الإصابة.
تقول والدة الطفل الجريح: “الهاون من عند المرتزِقة، كان ابني في [الشِّعْب] أي “المزرعة” هو وجده وعمه وداوود هادي، ابني جريح في غرفة الإنعاش، فيه شظايا دخلت من ظهره إلى بطنه، ما ذنبُه هو طفل، حسبي الله ونعم الوكيل”.
لم تكن هذه الجريمة لتؤثر فقط على الطفل ووالديه، بل امتدت آثارها لتشمل المجتمع بأكمله، حين تسبب القصف في حالة من الهلع والخوف بين الأهالي، الذين اضطروا إلى ترك منازلهم والنزوح إلى مناطق أكثر أمنًا؛ خشية على أطفالهم، وأنفسهم.
إن استهداف الأطفال الأبرياء جريمة حرب لا يمكن التسامح معها، وستظل عالقة في الذاكرة اليمنية حتى تحرير آخر ذرة تراب من الغزاة والمحتلّين وعملائهم.