احتضان أمريكا للإرهابيين في سوريا .. مشعلو الحرائق رجال إطفاء
يمني برس |
ما يحدث الآن في سوريا، من المحتمل كثيراً أن يتكرر في العراق، فتوطين تنظيمي القاعدة وداعش المتطرفين في تلك الأنحاء على يد الولايات المتحدة وحلفائها- الاحتلال الإسرائيلي وتركيا- الذين يتعهدون تلك التنظيمات بالرعاية والتدريب والتمويل، كان من أجل ما يحدث اليوم، فقد حركوا ورقتها وفق بوصلة مصالحهم وأطماعهم في سوريا والمنطقة، وقد نشهد قريباً سيناريو مشابهاً في العراق.
في هذا السياق، كشف محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، أن 11 ألف مقاتل من تنظيم داعش تم تدريبهم في معسكر للجيش الأمريكي شمال سوريا، قد يهاجمون مدناً عراقية مثل الموصل أو تكريت خلال الأشهر المقبلة، مؤكداً أن هذا يعكس بوضوح خوف الأعداء من استقلال دول المنطقة، مشدداً على أن الجرائم التي ارتكبت تنفيذاً لهذا المخطط الذي وصفه بالشائن في المنطقة هي أسوأ مما ارتكبه هتلر، مشيراً إلى أن التاريخ أثبت أن الغرب لا يرحم حتى حلفاءه، وأن نهب موارد الدول الأخرى هو أحد أهم أولوياته، ولأجل ذلك تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى إضعاف الدول ونهب ممتلكاتها.
وعن تفاصيل استخدام الولايات المتحدة للتنظيمات الإرهابية المتطرفة، والتلاعب بتصنيفاتها حسب ما تقتضي المصالح الأمريكية، قال كاتب أمريكي إن إدارة بايدن لا تغازل النفاق فحسب، بل إنها تتزوجه، موضحاً أن “التقارير الواردة من شبكة (إن بي سي) تشير إلى أن الولايات المتحدة تفكر في إزالة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة، القاعدة سابقاً) من قائمتها السوداء للإرهاب”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة “سلمت هيئة تحرير الشام، مقاليد السلطة في سوريا، وهي ترتدي ألبسة الإرهاب الملطخة بالدماء”.
وعن تغيير الولايات المتحدة موقفها من الجماعات التي اتهمتها ذات يوم بأنها هي التي دبرت ونفذت حادثة الحادي عشر من سبتمبر، وتسعى الآن لإسقاط تصنيفها بأنها إرهابية، قال الكاتب الأمريكي جيري نولان، في مقال تحليلي نشره موقع “ذا أيسلندر”، بعنوان “واشنطن تستهزئ بالعدالة: من أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى إعادة تسمية الإرهاب”، إنه “في عام 2012، أعلن جيك سوليفان، الذي كان يعمل تحت إشراف وزيرة الخارجية كلينتون، بشكل سيئ السمعة، أن “القاعدة في صفنا في سوريا”، وعلق الكاتب على ذلك بالقول: “يا له من إرث. لقد تم الآن إعادة تسمية المجموعة التي دبرت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي خلفت أكثر من 3000 قتيل، كشريك ملائم في رقعة اللعبة الأمريكية. ولكن ماذا يجب أن يفكر فيه أهالي ضحايا الحادي عشر من سبتمبر/أيلول وهم يشاهدون هذه القيامة غير المقدسة تتكشف أمام أعين الجميع؟”
وتابع: “إن هيئة تحرير الشام ليست إصلاحية، وليست معتدلة. إنها نفس تنظيم القاعدة، لكنها أصبحت الآن مزينة بشعار جديد وبدلات جديدة، وتطلق عبارات طنانة شاملة لإغواء السُّذَّج. وتحت هذه الواجهة تكمن أيديولوجية سفك الدماء والإرهاب والفوضى نفسها. مؤكداً أن “احتضان واشنطن لهيئة تحرير الشام لا يسخر من ضحايا الإرهاب فحسب، بل يبصق على قبورهم”.
وأوضح أن الولايات المتحدة تزدري العدالة بشكل مذهل، مشيراً إلى أن “عقوباتها المتمثلة بقانون قيصر لم تستهدف سوريا فحسب، بل إنها هندست خنقها. وتحت غطاء “معاقبة النظام”، فككت واشنطن بشكل منهجي اقتصاد أمة بأكملها، وحولت البقاء إلى ساحة معركة. ثم جاءت الضربة الرئيسية: إضفاء الشرعية على الإرهابيين المأجورين.. نفس الوكلاء الذين سلّحتهم وأطلقت العنان لهم، باعتبارهم “هيئة حاكمة”. وهذا ليس مجرد سخرية بل إنه يتجاوز السخرية. والآن يسمّي مهندسو الدمار مشعلي الحرائق رجال إطفاء، تاركين الشعب السوري ينخل رماد السيادة”.
وأضاف: “دعونا لا نبالغ في التعبير: هذه ليست سياسة خارجية. إنها سياسة الموت حيث تكون الأرواح بيادق، والأخلاق اختيارية، والفوضى عملة. ضحايا الحادي عشر من سبتمبر: منسيون. المدنيون السوريون تحت حكم هيئة تحرير الشام: أضرار جانبية. المقاومة: مذمومة لأنها تجرأت على المقاومة”.
وأكد نولان أن “هيئة تحرير الشام ليست مستقبل سوريا، بل هي السرطان الذي ينتشر في أنقاضها، وواشنطن تمسك بالمشرط”، متسائلاً: “ماذا تحقق هذه الرقصة الغريبة مع الإرهاب؟”، ومجيباً في الوقت نفسه: “إن الأمر كله يدور حول السيطرة، وخطوط الأنابيب، والنهب الإمبراطوري، على حساب دولة فاشلة أخرى وشعب مدمر”.
وخلُص في ختام تحليله إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها خطوط حمراء، ولا مبادئ، ولا خجل، وأن دليل الإرهاب الذي تتبناه محفور في نسيج مشروعها الإمبراطوري. “وبالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يشاهدون في حالة من عدم التصديق، فإن السيناريو لم يتغير، فقط الجرأة”.
إبراهيم القانص