الجبهة اليمنية معضلة لا حل لها: اتساع دائرة الخيبة الصهيونية وانعدام خيارات المواجهة
الجبهة اليمنية معضلة لا حل لها: اتساع دائرة الخيبة الصهيونية وانعدام خيارات المواجهة
يمني برس- تقرير- يحيى الشامي
تتعزز قناعة قادة كيان العدو الإسرائيلي في حقيقة فشل استراتيجيتهم في مواجهة التحدي الذي تشكله جبهة الإسناد اليمنية، رغم كل قدرات الكيان العسكرية والاستخباراتية، لم يتمكن من وقف الهجمات الصاروخية والمسيرة التي تستهدف ليلاً ونهاراً عمق الكيان. يشرح كاتب مقال بعنوان (تواجه “إسرائيل” مشكلة الصواريخ الحوثية، وهي عالقة في محاولة إيجاد حل.) في صحيفة معاريف كيف عاد المجتمع اليهودي في داخل الكيان يعيش حالة حرب رغم نجاحه في عزل غزة نسبياً مع تحييد حزب الله وسوريا وخفض وتيرة التهديدات الإيرانية يقول: عاد “الإسرائيليون” من جديد يشعرون بأن الحياة بدأت تتحول نحو أجواء الحرب القاسية، إنه زمن حرب مفروض على المستوطنين وبالفعل “الإسرائيليون وجدوا أن الأمر لا يتطلب سوى صاروخ واحد يطلقه الحوثيون في منتصف الليل لإحداث الفوضى مرة أخرى وتقويض مشاعر الأمن”
يعبّر كاتب المقال عن المأزق الصهيوني بشكل أوضح بقوله: ومع محاولات “إسرائيل” وقف إطلاق الصواريخ المتزايد، فإنها تنضم إلى قائمة من القوى الإقليمية والخارجية التي فشلت في ردع الحوثيين، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة”. يتسع الجدل أكثر كاشفاً عن عمق الحيرة والتخبط. يقول الكاتب في جزء من مقاله: اللغز الناتج عن ذلك –يقصد طريقة مواجهة اليمنيين- حول ما يجب فعله يغذي نقاشا داخليا هنا: الاستمرار في ضرب الأهداف بعيدة المدى في اليمن أو ضرب إيران، على الرغم من أن نفوذها على الحوثيين المتفائلين محدود، الذين يستمتعون بقدرتهم على إلحاق الأذى بـ”إسرائيل” والعالم.
ويقول “إيال بينكو” الباحث البارز في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان ورئيس وحدة الاستخبارات السابق في البحرية “الإسرائيلية”: “يشعر اليمنيون بالتمكين لأنهم تمكنوا خلال العام الماضي من الإضرار باقتصادنا وسلسلة التوريد لأوروبا”.
ويضيف: “إن الهجمات التي شنتها المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وحتى الهجمات التي شنتها “إسرائيل” في السابق، لم تفعل الكثير لإحداث تغيير. إن هذه الهجمات لا تنبع فقط من الأسلحة والأموال الإيرانية، بل وأيضاً من اعتقاد عقائدي عميق بأن اليهود هم من قتلوا محمداً”. ويلفت الدكتور بينكو إلى مضمون الشعار الذي يرفعه ويتبنّاه اليمنيون هو “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود”.
في معرض حديثه عن صعوبة تنفيذ الحلول المتاحة بيد العدو الإسرائيلي يسترسل الخبير الصهيوني في شرح فرادة الحالة اليمنية حيث يقول: وعلى النقيض من الضربات ضد غزة أو لبنان المجاورتين، فإن مثل هذه المهمة -وهي الرابعة ضد اليمن منذ بدء الحرب- تتطلب “جهدا هائلا” وتخطيطا معقدا، كما أكد ذلك خبراء آخرون وتتطلب الطائرات النفاثة التزود بالوقود في الجو للوصول إلى أهدافها.
وأضاف أن المؤسسة الدفاعية “الإسرائيلية” تحاول في الوقت نفسه معرفة مدى استقلالية تصرفات المينيين ومستوى التشجيع الذي يحصلون عليه من حلفائهم.
وجهة نظر آخرى تعكس الإرباك الصهيوني يقدمها البروفيسور الصهيوني شاؤول تشوريف، وهو أميرال متقاعد في البحرية الإسرائيلية ويرأس معهد السياسة والاستراتيجية البحرية في حيفا يقول البروفيسور: “لقد نفذت الولايات المتحدة أكثر من 50 هجوما على البنية التحتية في اليمن بما فيها البنية التحتية الصاروخية مع ذلك لم يتوقف بعد إطلاق الصواريخ، لذلك لا أعتقد أن الأرقام هي القضية” وعن جدوى الضغوط الاقتصادية يقول: إنه من الصعب أيضا العثور على نفوذ اقتصادي لردع اليمنيين.
ويقول جوناثان سباير مدير الأبحاث في منتدى الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث مقره فيلادلفيا: “لا يوجد حل بسيط لليمنيين بسبب طبيعتهم، إنهم يعملون وفقاً لحسابات مختلفة”. وعن أعداء “إسرائيل” الآخرين في خلاصة استشارته لأصحاب القرار يذهب سباير إلى أن على ” إسرائيل مهاجمة إيران أولاً.
عوامل الفشل الإسرائيلي وانعدام الخيارات من وجهة نظر خبراء صهاينة
يعزو خبراء صهاينة الفشل الصهيوني في مواجهة التحدي الميني إلى عدة أسباب، منها عدم قدرتهم على تحديد نقاط الضعف الحقيقية في اليمن وإصرار اليمنيين على المقاومة، بالإضافة إلى الخلافات الداخلية بين القادة الإسرائيليين حول كيفية التعامل مع هذا التحدي. من هذه الزاوية يرى بعض الصهاينة أن كيانهم يعاني أزمة حقيقية في التعامل مع الجبهة اليمنية، خاصة بعد فشل كل المحاولات العسكرية والاستخباراتية لتحييد هذا التهديد، يجد بعضهم الأمر أكثر وضوحاً ويطالب قادته بالتعامل معه أنه حقيقة، بأن “إسرائيل” عاجزة عن فرض إرادتها على اليمنيين. يزداد هذا الإحباط الإسرائيلي بسبب عدم قدرة أجهزتهم الاستخباراتية على تحديد نقاط الضعف في البنية التحتية اليمنية، ما يجعل الهجمات الإسرائيلية غير فعالة. وهكذا يستمر تدوير المشكلة في الأوساط الصهيونية وتتفاقم على إثرها الخلافات حول كيفية التعامل مع هذا التحدي، يرى البعض أنّ الحل يكمن في تصعيد الهجمات، بينما يرى آخرون أنّ هذا النهج غير مجدٍ، وفي كلا الحالتين أثبتت الجبهة اليمنية قدرتها على إلحاق خسائر فادحة بكيان العدو الإسرائيلي، كما كشفت عن ضعف استراتيجياتها العسكرية والاستخباراتية.
ونستعرض جزءا من أحاديث ساخنة دارت بين خبراء ومحللين صهاينة في الأوساط الإعلامية العبرية:
شارون روفا –عضو كنيست صهيونية سابقة-: “صحيح ان المواجهة مع اليمن معقدة وعلينا ان نعمل هنا بطريقة ذكية في تعزيز القوى المعتدلة داخل اليمن وربما تزويدهم بالمال والسلاح من اجل ان يقاتلوا بعضهم البعض”.
“هناك قيود على القدرات الإسرائيلية للتعامل مع التحدي اليمني، وقد تحدثنا عن ذلك مسبقا، فمن الممكن ان نفكر بضرب اليمن يوميا وتكلفة هذا الامر والجدوى منه هي موضع شك، والفكرة لدى الحوثيين هي الاستمرار، ونحن نرى في خطابهم نفس خطاب نصر الله، نفس الطريقة في الكلام والحديث عن الصبر واننا نعد لكم المفاجآت. وهم يريدون الاستمرار والتسبب بإنهاك أعصابنا، ونحن نحتاج بالمقابل للصبر مثل كل أمر في الحرب، وعلينا ان نعمل لتوفير الرد عليهم وجمع المعلومات في اليمن”.
حالة الشعور بالعجز انعكست على التعليقات الإعلامية التي أكدت أن القادة الصهاينة يفشلون أكثر مع الوقت في مواجهة اليمنيين، وأن ما لجأ الاحتلال إليه حتى الان لم ينجح في ردع الجانب اليمني.
مذيع في القناة 13 الصهيونية:
“أنا أقول حقا ليس لدينا حل مقابل التهديد اليمني، فنحن نرى صفارات الإنذار في منطقة الوسط نتيجة صاروخ أُطلق من اليمن، وقد شغلت شظايا الاعتراض صفارات الإنذار وأنا أشعر أنني أطحن الماء في الأسئلة، فنحن نجد أنفسنا في وضع لا نجد فيه حلا أمام هذا الوضع على الاقل في الفترة الزمينة القريبة. هل هذا حكم القضاء الذي نحن مجبرون على التعايش معه وسيستمر إفساد ليالينا”.
في السياق ذاته يقول يوسف يسرائيل وهو مراسل للقناة 13 الصهيونية:
“أعتقد ان هذه هي استراتيجية الحوثيين، وهي استراتيجية الإقلاق، وأعتقد أن الترسانة الصاروخية لديهم أكبر مما ظننّا، وهي صواريخ بعيدة المدى لألفي كيلومتر، وهم يدركون أنهم قادرون على إطلاق صواريخ ليلة تلو أخرى، وهم يدركون أنه حتى لو لم تصب هذه الصواريخ فإن هذا الأمر سيتسبب بإزعاج كبير للمؤسسة الأمنية والإسرائيليين عموما، وهذا الأمر يشوش الحياة، ويجب أن نقر بصراحة بأنه ليس لدى إسرائيل ما يكفي من الأدوات لمواجهتهم، لأن الهجمات على هذه المسافة البعيدة هي هجمات مركبة ولا أعتقد أنها ستحل المشكلة”.
ومع الوقت يبدو أنّ معضلة الصهاينة تتعمق أكثر في خلاصة النقاشات المرصودة. لا يختلف اثنان من المحللين الصهاينة في أن تكاليف الحرب على اليمن تفوق بكثير المكاسب المحتملة، كما أن استهداف البنية التحتية المدنية لا يضعف قدرة اليمنيين على المقاومة بقدر ما يعززها، ما يجعل هذه الاستراتيجية باهظة الثمن وغير مجدية، وقد تؤدي إلى عواقب وخيمة على كيان العدو وعلى المنطقة بأسرها.