المنبر الاعلامي الحر

في مستهل العام الجديد: هل يحول اليمن “MQ_9” إلى “مسخرة الصناعات الأمريكية”

في مستهل العام الجديد: هل يحول اليمن “MQ_9” إلى “مسخرة الصناعات الأمريكية”

يمني برس ـ تقرير | إسماعيل المحاقري

مرة ثانية في ظرف ثلاثة أيام -وفي مستهل العام الميلادي الجديد- طائرة أمريكية من طراز “MQ_9” تقع في مرمى الدفاعات الجوية اليمنية، الزمان فجر الأربعاء، والمكان محافظة مارب، والنتيجة إسقاط الطائرة بصاروخ أرض جو محلي الصنع.

قد يكون الخبر أعلاه روتينيا واعتياديا نظرا لتكرار هذه العمليات ونجاحها الكبير بفضل الله أولا وأخيرا، لكن الدلالات العسكرية والأمنية تشير إلى أن الولايات المتحدة مأزومة وتعاني في اليمن حقيقة لخسارة نفوذها إثر خروجها المذل في اعقاب ثورة 21 سبتمبر 2014 وما تلا ذلك من ضرب وتعطيل لعناصر قوتها وتأثيرها، وتساقط خلاياها التجسسية الواحدة تلو الأخرى.

لا يشك اثنان في قيمة عمليات الدفاعات الجوية، وتأثيراتها ضمن معركة الإسناد لغزة وتحصين الجبهة الداخلية، والكثير من المراقبين قد تحدث وأسهب في هذا الموضوع، حتى الأوساط الأمريكية أقرت بإحباطها وفشل مهام طائراتها التجسسية على مدى عقد من الزمن، لكن لا ضير في التذكير ببعض الدلالات، ومحاولة فهم خلفيات الإصرار الأمريكي على الاستعانة بهذا الأسطول رغم فشله الذريع.

الطائرة “إم كيو9” يبلغ أقصى ارتفاع لها نحو 45 ألف قدم، وفي هذا المدى لم يعد هناك أدنى شك بأن الدفاعات الجوية اليمنية تملك القدرة على إسقاط الأهداف المعادية ومنعها من تنفيذ المهام العدائية إن لناحية رصد وجمع المعلومات عن تحركات الجيش وقواعده ومنشآته الاستراتيجية، أو لجهة ضرب الأهداف الثابتة والمتحركة، ويدخل ضمن ذلك محاولات تنفيذ جرائم الاغتيالات بحق القيادات الوطنية.

من خلال النجاح المتكرر للدفاعات الجوية بفضل الله في تصيد الطائرات الأمريكية “إم كيو9” بصواريخ أرض جو محلية الصنع تقدم القوات المسلحة شاهدا إضافيا على تطورها العسكري والتقني وثبات أدائها في رصد الأهداف المعادية وإفشال مهامها، وهذا يدحض مزاعم استهداف الولايات المتحدة للرادارات اليمنية وأجهزة الرصد رغم كفاءتها المحدودة.

تؤكد القوات المسلحة -بإسقاط نحو 14 طائرة من طراز “إم كيو9” خلال عام وفي مناطق مختلفة- أن الدفاعات الجوية تملك مخزونا استراتيجيا من الصواريخ أرض جو محلية الصنع، وبطاريات جوية تكفي لنشرها على امتداد الجغرافية ومسرح العمليات في المحافظات الحرة، وهذا لا يمنع أنها تملك إمكانات لبلوغ ارتفاعات أكبر مع المضي في مسار التطوير والتحديث لكسر التفوق الأمريكي الصهيوني في المجال الجوي.

في تسع سنوات من عمر العدوان على اليمن، استطاعت الدفاعات الجوية إسقاط 4 طائرات “MQ_9” لكنها خلال عام واحد من تاريخ المشاركة في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس أسقطت 14 طائرة من نفس النوع، وهذا دليل على تنامي القدرات ونجاح خطط التطوير للحد من محاولات استباحة الأجواء اليمنية.

في الجانب الاقتصادي تزداد خسائر الولايات المتحدة بتساقط هذه الطائرات إذ تقدر قيمة الطائرة الواحدة من هذا النوع بـ32 مليون دولار، بدون تكاليف التشغيل والذخائر والمعدات الإضافية التي يتم تزويدها بها في حالة الاستخدام البحري. والخسارة الأكبر تتمثل في سمعة الطائرة ومستقبل صناعتها بعد تحولها إلى “مسخرة الصناعات الأمريكية” بدلا عن التفاخر بها.

أمام إنجازات الدفاعات الجوية اليمنية تزداد التعقيدات التي تواجهها الولايات المتحدة في حربها الأمنية ضد اليمن، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تصر الأولى على استخدام هذه الطائرات رغم معرفتها المسبقة بأنها لن تعود؟.

تملك الولايات المتحدة وتحالفاتها الغربية مصادر ووسائل متعددة لجمع المعلومات، ورصد التحركات العسكرية، بما فيها الأقمار الاصطناعية ذات التكاليف الباهظة، ونظرا لمساحة اليمن الكبيرة وتضاريسه الوعرة بات واضحا أنه لا غنى لأمريكا عن العناصر البشرية والطائرات التجسسية التي تستطيع التحليق في الأجواء ليومين متتاليين لتشكيل بنك أهداف يعطيها السبق والأفضلية في معركة البحار ومنع استهداف العمق الصهيوني بالصواريخ والطائرات المسيرة.

في التحليل قد يكون استخدام الطائرات التجسسية سهلةِ الاستهداف طعما للرصد وتحديد أماكن انطلاق الصواريخ المضادة للطيران من الأرض اليمنية بغية استهدافها، وهذا يتطلب سرعة استجابة للطرف المعتدي لتدمير المنظومة الجوية، وكذلك الطرف المدافع لإخفاء قدراته وتمويهها، وهو ما نجح فيه اليمن وفشلت فيه أمريكا.

–  للولايات المتحدة اجيال من المسيرات التجسسية المتطورة عن إم كيو ناين، وعدم ادخالها خط المواجهة يعكس القلق الأمريكي من قدرة الدفاعات اليمنية على إسقاطها، وبالتالي توجيه صفعة أخرى للصناعات الأمريكية، وسبق أن أشرنا إلى هذا الموضوع الذي يؤكد أيضا عدم معرفة الأمريكيين بما يخفيه اليمن المحاصر من مفاجئات، وهذا يفسر تأخير استخدام القوات الأمريكية لطائرات RQ20 لذات الاغراض.

إدخال الولايات المتحدة أجيالا جديدة من الطائرات التجسسية المقاتلة الى الميدان اليمني رغم ضبابية المسرح يعني إقرارا أمريكيا بفشل “إم كيو ناين” وإنهاء خدماتها، والاعتراف بتنامي القدرات اليمنية والتحديات التي قد تسقط أي منظومة أخرى.

بموازاة ذلك خسرت أمريكا نهاية العام المنصرم طائرة مقاتلة من طراز F/A-18 في سواحل البحر الأحمر، ما ضاعف الخسائر الأمريكية وأثار الكثير من التكهنات وعلامات الاستفهام حول سردية سقوط تلك الطائرة بنيران صديقة، وقدرة البحرية الأمريكية على استعادة حطامها حفاظا على أسرارها قبل وقوعها بيد البحرية اليمنية.

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com