جُمعة رجب.. تفرُّدٌ يمني واستحقاق
جُمعة رجب.. تفرُّدٌ يمني واستحقاق
يمني برس ـ بقلم ـ دينا الرميمة
قليل هم أبناء الأُمَّــة الإسلامية الذين حافظوا على هويتهم الإيمَـانية والروحية الإيمانية، التي ربى النبي الكريم أمته عليها، وتخلى عنها الكثير نتيجة الاستهداف المتعمد من الأعداء لسلبها منهم وتمزيق الأُمَّــة شر ممزَّق ليجعلوها خانعة وذليلة ومتواطئة معهم في كُـلّ أفعالهم وحروبهم ضد الإسلام وأهله.
وقد اتضح ذلك جليًّا من خلال العدوان على غزة، الذي غضت الأُمَّــة الطرف عنه، وتركت غزة وشأنها تواجه ما يمارسه الصهاينة وحيدة بدون ناصر إلا من رحم ربي من الأحرار، وعلى رأسهم اليمن التي وقفت مع غزة قولًا وفعلًا، وهي الدولة التي لا تزال تجابه حرباً وحصاراً منذ عشر سنوات، على الرغم من قسوتها وبشاعتها نهضت من تحت ركامات الدمار لتكون سنداً وعوناً لغزة، أمر لم يتوقعه أحد، وأثبته اليمنيون الذين ما زالوا على عهدهم للنبي الكريم منذ أن توجّـهم بالهوية الإيمانية بعد أن أرسل إليهم الإمام علي -عليه السلام- مبعوثاً إليهم حاملاً رسالته إليهم، يدعوهم فيها للإسلام، وطواعية دخل اليمنيون الإسلام جماعات وأفرادًا فور انتهاء قراءتها برغبة أذهلت الإمام عليًّا فأنشد فيهم قصدية شعرية ختمها بقوله:
فلو كنت بواباً على باب جنة
لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
ومن فوره أرسل للنبي رسالة يخبره بإسلام أهل اليمن فاستبشر النبي بذلك وسجد حمداً وشكراً لله ثم قال: «آتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبًا وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية» قالها معجبًا ومحبًّا لأهل اليمن، الذين نسب نفسه إليهم بقوله: «وأنا رجل يماني» وهم الذين من أول فجر الدعوة الإسلامية في مكة كان منهم من آمن به وبدعوته كعمار بن ياسر ووالديه اللذان كانا أول شهداء الإسلام.
ومنهم الأوس والخزرج، قبيلتان سابقتا الزمن فور سماعهما بنبي مرتقب في شبه الجزيرة العربية فهاجرتا واستقرتا في يثرب انتظاراً لظهوره، وما إن ظهر حتى آمنتا به، واستبدل برجالها قريش التي حاربته وأخرجته من مكة؛ فأووه وتقاسموا مع أصحابه الأرض والدور ومثلوا أروع معاني الإخوة في الإسلام، وناصروا النبي، وكانوا له العون والسند في كُـلّ معاركه ضد فلول الشرك، وَأَضَـافَ إسلام اليمن قوة كبيرة للإسلام وكان انتمائهم له انتماء صادقًا جسدوه بأفعالهم جهاداً وتضحية، استحقوا بها مسمى الأنصار، وكانوا أهلاً للتتويج بأعظم هُوية وأحق بها، جسدوها على مدى التأريخ، حصنتهم ضد رياح حضارة الغرب الكافر، وكانوا بها أكثر وعياً تجاه حرب العدوّ الناعمة، وبها حافظوا على قيم ومبادئ دينهم، وكانوا الشعب الأكثر غيرة على دينهم وأرضهم، وبها انتصروا على أعتى عدوان تآمر فيه الشرق والغرب عليهم، وأصبحوا مَثَلًا للبطولة ويتغنى الكثير بشجاعتهم وتفانيهم في سبيل نصرة الحق غير آبهين بقوة الأعداء؛ لأَنَّهم يعلمون أن عاقبة أمرهم إما نصرٌ يعزون به وتعزُّ به الأُمَّــة ودينها، أَو شهادة فيها حياة أبدية عند ربهم يُرزقون!! وبهذا تفردوا بقوة واجهوا بها الصهاينة والأمريكان عدوهم الأزلي؛ دفاعًا عن شعب مسلم مظلوم، كما تفردوا بإحياء الجمعة الأولى من رجب، كان فيها إسلامهم كموروث ديني، حمداً وشكراً لله على نعمة الإسلام والهداية، وعيد ديني ثالث فيه نعمة إسلام وهُوية.