المنبر الاعلامي الحر

دور الغرب في صناعة الرأي العام المعارض

محمد الجوهري

لا يزال دور الغرب في تشكيل الرأي العام المعارض عنصرًا محوريًا في السياسة العالمية. يتجلى هذا الدور من خلال مجموعة متنوعة من الأدوات بما في ذلك الدعم الإعلامي، والتدخل السياسي، واستخدام التكنولوجيا، بالإضافة إلى الضغط السياسي والعقوبات.

تعتبر وسائل الإعلام الغربية، مثل بي بي سي وCNN، من أبرز الأدوات في تشكيل الرأي العام. هذه القنوات تقدم تغطية شاملة للأحداث في الدول التي تشهد قلاقل سياسية، مما يساهم في خلق وعي سلبي لدى الجماهير وكذلك لدى المجتمع الدولي المهتم بالقضايا المحلية. على سبيل المثال، خلال الاحتجاجات في إيران عام 2009، كانت التغطية المبالغ فيها من وسائل الإعلام الغربية دافعًا لزيادة الضغط الدولي على الحكومة الإيرانية ودعم أكبر للمعارضة.

علاوة على ذلك، تعمل بعض الحكومات الغربية بدعم جماعات المعارضة في الدول التي تواجه صراعات سياسية. في سورية قدمت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية دعمًا لجماعات المعارضة خلال الحرب الأهلية، مما ساعدها على تعزيز موقفها ضد النظام. هذا النوع من الدعم يمكن أن يكون له تأثير كبير على تشكيل الرأي العام وخلق قوى مناهضة للسلطة.

تلعب التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي أيضا دورا حيويا في تشكيل الرأي العام المعارض. منصات مثل فيسبوك وتويتر تمنح الأفراد القدرة على التعبير عن آرائهم والوصول إلى جمهور واسع. خلال الربيع العربي، استخدم الناشطون هذه الوسائل لتنظيم الاحتجاجات ونشر المعلومات، مما ساهم في إسقاط بعض الأنظمة في المنطقة، وتمارس هذه الوسائل دوراً ممنهجاً في تحريض الرأي العام في بلد معين، حيث تعمل في إيران وفنزويلا -على سبيل المثال- على إبراز المنشورات السلبية لتأجيج الرأي العام، والتركيز على الأصوات الساخطة وحجب الأراء المناهضة للسياسة الأمريكية.

أيضاً تستخدم الدول الغربية العقوبات كوسيلة للضغط على الحكومات المعارضة بذرائع مثل انتهاك حقوق الإنسان أو قمع المعارضة. في فنزويلا، فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على البلاد بسبب مواقفها السياسية، ومع تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية بسبب العقوبات، فرضت واشنطن عقوبات إضافية على الحكومة بذريعة تدهور الأوضاع الإنسانية والسياسية، مما ساعد في تعزيز موقف المعارضة. هذا النوع من الضغط يمكن أن يؤدي إلى تغييرات كبيرة في السياسات المحلية.

تقدم منظمات غير حكومية مثل Freedom House برامج تدريب للمعارضين في مجالات مثل حقوق الإنسان والديمقراطية. في اليمن تم تدريب نشطاء موالين لأحزاب اللقاء المشترك من قبل منظمات دولية، على كيفية تنظيم الحملات السياسية والتركيز على إثارة الضجيج الإعلامي، ما أسهم في خلق رأي عام موالٍ للغرب قبل أحداث 2011.

بالإضافة إلى ذلك، تسعى الدول الغربية إلى بناء تحالفات مع حركات المعارضة، مما يوفر لها دعما سياسيا ودبلوماسيا. في بيلاروسيا دعمت الدول الغربية المعارضة بعد الانتخابات المثيرة للجدل في 2020، حيث تم تقديم الدعم الدولي للمرشحة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا.

في النهاية، يظهر دور الغرب في صناعة الرأي العام المعارض من خلال مجموعة متنوعة من الأدوات والتدخلات بذرائع مختلقة مثل “تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان”، إلا أنها قد تثير تساؤلات حول السيادة الوطنية والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول، حيث يُنظر إليها على أنها انتهاك لحق الدول في تقرير مصيرها. على سبيل المثال في حالة ليبيا، تدخل حلف الناتو في عام 2011 لدعم المعارضة ضد نظام معمر القذافي، مما أدى إلى الإطاحة به. ومع ذلك، فإن هذا التدخل أثار جدلاً واسعاً حول مدى شرعيته وتأثيره على السيادة الليبية، حيث أدت الفوضى الناتجة عن التدخل إلى صراعات داخلية مستمرة.

في سورية، كان الدعم الغربي للمعارضة المسلحة خلال الحرب الأهلية مثار جدل كبير. واعتبره كثيرون بأنه تدخل يهدد السيادة السورية ويزيد من تعقيد الصراع. كما أن الدعم الغربي لجماعات المعارضة في فنزويلا، والذي تمثل في فرض عقوبات على الحكومة تسبب في موجة من الفوضى وعدم الاستقرار الداخلي للبلاد.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com