المنبر الاعلامي الحر

‏صنعاء تُعيد تشكيل معادلات الردع وتزلزل هيبة الأسطول الأمريكي

ماجد الكحلاني

في تطور عسكري واستراتيجي لافت، أعلنت القوات المسلحة اليمنية الليلة ١١ يناير عن تنفيذ عملية نوعية استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية “يو أس أس هاري ترومان” وعدداً من القطع الحربية المرافقة لها في البحر الأحمر.

هذه العملية جاءت لتؤكد قدرة اليمن على اختراق الهيمنة العسكرية الغربية، وتبعث برسالة واضحة إلى العالم: صنعاء لن تقف مكتوفة الأيدي أمام استمرار العدوان والحصار.. هذه ليست مجرد ضربة عسكرية، بل تأكيد على إرادة صلبة وتصميم لا يلين في مواجهة التحالفات الدولية التي تستهين بحقوق الشعوب.

بيان القوات المسلحة اليمنية حمل في طياته أبعاداً سياسية وعسكرية متعددة. من خلال ربط العمليات بالمظلومية الفلسطينية، عززت صنعاء موقعها في محور المقاومة، مشيرة إلى أن معركتها ليست فقط دفاعاً عن اليمن، بل جزء من نضال شامل ضد الهيمنة والاحتلال.

الهجوم على حاملة الطائرات الأمريكية يحمل أبعاداً استراتيجية دقيقة. اهمها أولاً، يعكس تطوراً نوعياً في القدرات العسكرية اليمنية، من حيث استخدام الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة بكفاءة. ثانياً، يغيّر بشكل جذري قواعد الاشتباك، حيث لم تعد العمليات محصورة جغرافياً، بل باتت تصل إلى عمق المياه الدولية. ثالثاً، يوجه تحذيراً مباشراً لإسرائيل وحلفائها بأن مصالحهم الحيوية في المنطقة لم تعد بمنأى عن الخطر.

هذه الرسائل المتشابكة توضح أن اليمن بات يمتلك أدوات ردع فعالة، قادرة على فرض وقائع جديدة في الميدان. التصعيد الأخير يثبت أن صنعاء تتحرك وفق استراتيجية مدروسة، تستهدف تقييد تحركات الخصوم وفرض واقع سياسي وعسكري لا يمكن تجاوزه.

من الناحية السياسية، تستغل صنعاء هذه العمليات لزيادة الضغط على القوى الدولية لإعادة النظر في سياساتها تجاه اليمن. هذه التحركات تؤكد أن صنعاء لا تعتمد فقط على قوتها العسكرية، بل تدير معركتها أيضاً بذكاء سياسي، مستفيدة من التأييد الشعبي المتزايد داخل المنطقة وخارجها.

مع استمرار العدوان والحصار، من المتوقع أن تتصاعد حدة المواجهة. قد تلجأ الولايات المتحدة إلى تعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر، أو تصعيد هجماتها لاحتواء التهديد المتنامي. لكن القوات اليمنية، كما يظهر من بيانها، مستعدة للرد على أي تحركات عدائية، بما يعزز موقعها في مواجهة التحالف الغربي.

لاشك ان الهجمات الأخيرة تمثل لحظة مفصلية في مسار الصراع الإقليمي. وصنعاء أثبتت أنها ليست مجرد طرف ضعيف، بل قوة صاعدة قادرة على قلب المعادلات وفرض معايير جديدة للردع.

كما ان الرسائل الموجهة اليوم ليست فقط للولايات المتحدة وحلفائها، بل للعالم أجمع: زمن الاستضعاف قد ولى، واليمن مصمم على نيل حقوقه مهما كلف الأمر. فهل ستستوعب القوى الكبرى هذه الرسالة قبل فوات الأوان؟ الأيام المقبلة ستكشف الكثير.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com