اليمن مع غزة.. الـمَثَلُ الأعلى
اليمن مع غزة.. الـمَثَلُ الأعلى
يمني برس ـ بقلم ـ د. شعفل علي عمير
يُعَدّ النضال؛ مِن أجلِ التحرّر والسيادة من القضايا الجوهرية التي تُحدّد هُويّة المجتمعات التي تعاني من الاحتلال أَو الظلم. وفي السياق العربي، يظهر قطاعُ غزة في فلسطين واليمن كنموذجَينِ بارزَينِ يُعَبّران عن الصمود والمقاومة ضد قوى أكبر وأكثر تسليحًا.
ورغم الفروقات الجغرافية والسياسية، فَــإنَّ أوجه التشابه بين الانتصارات التي تحقّقت في غزة واليمن تعكسُ بشكل واضح إرادَةَ المقاومة ورغبة الشعوب في استعادة كرامتها، في ظل ظروف صعبة وتحديات جسيمة.
وتكمن نقطة الالتقاء بين غزة واليمن في شكل المقاومة، حَيثُ اعتمدت غزة على التحام شعبي قوي مع الفصائل المسلحة؛ مما أَدَّى إلى خلق وَحدة وطنية وتماسك اجتماعي، وفي اليمن، نجد أن المقاومة ضد التحالف الدولي بقيادة السعوديّة استمدت قوتَها من تضافر الجهود الشعبيّة مع القوى المحلية، للدفاع عن السيادة الوطنية ضد العدوان الخارجي.
استراتيجيات شعبيّة أكّـدت أن الوحدةَ الوطنية والالتفاف الشعبي قادران على تحقيق الانتصار حتى في أحلك الظروف وعلى الرغم من طول فترة الصراع والمعاناة، أظهر سكانُ غزة واليمن مستوى استثنائيًّا من القدرة على التكيُّف والتحمل. فحصار غزة وحرمانُها من الموارد لم يضعف عزيمة أهلها، وبالمثل، حرمانُ اليمن من موارده والحصار والضربات الجوية على اليمن لم تثنِ الشعبَ اليمني عن مواصلة نضاله اليومي. ويظهر هذا التشابه في صمود مجاهدي غزة والشعب اليمني من خلال قوتهم المستمدة من ثقتهم وإيمَـانهم بحتمية نصر الله سبحانَه وتعالى للمظلومين.
وفي كلتا الجبهتين، نجد استخدامَ تكتيكات الحرب اللامتماثلة التي تمكّنت من تحقيقِ انتصارات كبيرة ضد قوى الاستعمار وقوى العَمالة ممن يسمون عربًا ومسلمين؛ فاستخدمت المقاومة الفلسطينية في غزة استراتيجياتٍ تضمَّنت الأنفاق والصواريخَ المصنّعة محليًّا، بينما لجأت القواتُ المسلحة اليمنية إلى تطوير وتصنيع قدراتها الصاروخية والطيران المسيَّر في الدفاع ومن ثَم في الهجمات العسكرية ضد المعتدين على اليمن ودعم المجاهدين في غزة.
تكتيكاتٌ أثبتت أن الإبداع والقدرة على التكيف يمكن أن يتغلبا على التكنولوجيا العسكرية لدول الاستكبار العالمي، كما تدركُ حركات المقاومة أهميّةَ البُعد الإعلامي والدعم السياسي الدولي في تعزيز مقاوماتها. حاول كلا الطرفين كسبَ تأييد عالمي عن طريق تسليط الضوء على معاناتهم وحقهم في تقرير المصير. وقد نجحوا في كثير من الأحيان في حشد الدعم الجماهيري والتضامن الدولي مع قضاياهم؛ مما أعطى نضالاتهم زخمًا إضافيًّا على الساحة العالمية، وبالرغم من أوجه التشابه هذه، يجب الإشارة إلى أن كلا الشعبين يواجهان تحدياتٍ مُستمرّة، مثل إعادة البناء الاقتصادي والاجتماعي وتأمين احتياجاتهم الضرورية.
يتجاوز الانتصار في غزة واليمن حدودَ الإنجازات العسكرية ليصبحَ رمزًا لإرادَة الصمود والمقاومة في وجه الأطماع الاستعمارية لطواغيت العصر.
انتصارٌ تحمِلُ معهُ رسالةَ أمل وعزيمة لكل الشعوب التي تكافح؛ مِن أجلِ الحق والعدالة، ويؤكّـد أن الحرية والكرامة هما حقان لا يمكن التفريط فيهما، مهما كانت التضحيات، وتبرز تجارب غزة واليمن كنماذج حيّة للصمود أمام الظلم، ومن المؤكّـد أن قصص مقاومتهما ستظل تُلهِمُ الحركات التحرّرية في جميع أنحاء العالم.