المشروع القرآني صوت الحرية في زمنِ الطغيان
المشروع القرآني صوت الحرية في زمنِ الطغيان
يمني برس- بقلم- الشَموس عبدالحميد العماد
ثائرٌ لا يفنى ومشروعٌ لا يموت، كأن عصرًا يُولد من جديد، تبدد فيه الظلام، وشهق فيه النور أوائل أنفاسه، ولو كان حديثًا لتلاشى، ولو كان هتافًا لانتهى؛ لكنه كان أعظم، وحيثما تجدُ حقًا، تجدُ حرًّا شريفًا كالسيد الشهيد القائد/ حسين بدر الدين الحوثي، الذي أطلق مشروعه القرآني من جبل مرّان في مديرية حيدان بمحافظة صعدة، المشروع الذي طغى صوتهُ لكبح ما يُسمى بالسياسة الكبرى، التي تعني كيفية إعداد شعبٍ إعدادًا جيدًا للعبودية عن طريق الشاشة الصغيرة، وهو يبتسم في سعادةٍ وغفلة .
لقد كان سلوك الإمام الحسين عليه السلام منذ خروجه من المدينة وحتى يوم استشهاده في كربلاء، منطويًا على المعنوياتِ العالية، والعزة، والشموخ، وفي الوقت ذاته، مغمورًا بالعبوديةِ والتسليم المطلق لأمر الله، وهكذا كان دائمًا وفي كلِّ المراحل، وهكذا كان الحسين بدر الدين من بداية انطلاق المشروع القرآني، بإمكانياتٍ محدودة للغاية، وهكذا انطلق، وهكذا لقيَّ الله شهيدًا، وهكذا أحيا أمةً تمتلك كل شيء وليس بحوزتها شيء .
إن المشروع القرآني الذي أسسه الشهيد القائد/ حسين بدر الدين الحوثي كان بمثابة تحولٍ جوهري في ثقافة وسياسة المنطقة، التحول الذي حمل مؤشرات مستمدة من العناصر التكوينية للرؤية القرآنية، الرؤية التي أسست هيكلًا قويًا شديد الثبات، وكان من الطبيعي جدًا أن تُحارب السلطة العميلة آنذاك هذا الهيكل بكلما تملك، وبأوامرٍ أمريكية، وإشراف أمريكي بحت ومع ذلك، فالشهيد القائد لم يتوقف، ولم يتوانَ، ولم يسكت، وأطلق شعار البراءة من أعداء الله، وأعداء رسوله، وأعداء الإنسانية .
لقد وعى الشهيد القائد بمخططات أمريكا وإسرائيل مُبكرًا، فانطلق من واقع المسؤولية، مُستشعرًا هذا الخطر البالغ جدًا الذي يُعدّه الغرب الكافر بكل عتاده وبكلِّ ما يستطيعون، سَعَوا إلى سلخ ثقافة الأمة المسلمة، والتقليل من شأن معتقداتها، وإفساد وتدجين كل فرد فيها؛ ولأجل ذلك انطلق الحسين مؤمنًا، مُجاهدًا، مُحتسبًا، مُضحيًا، متوكلًا على الله، ولم يثنه كل ما قامت به السلطة آنذاك من ظلمٍ وطغيان وإجرام بحقهِ وبحق آل بيته وبحق أنصاره؛ ولذا لم تختلف مظلومية كربلاء عن مظلومية مرّان، فهنيئًا للحُسينان، ولا عجب! فهذا ما توارثه آل البيت، وهذا ما تعلّموه، لم يعرفوا الخنوع قط، ولن يعيشوه .
وما هي الثمار إذا لم تكن كاللوحة الأسطورية الشجاعة اليمانية التي رسمها الشعب اليمني في مساندة غزة!، في وقتٍ تشللت فيه كل أيادي العالم، وأصروا إلا أن يكونوا خانعين وأذلاء، فما الذي دهانا إلى ذلك لو لم تكن الثقافة القرآنية التي أبادت في أذهاننا ثقافات مغلوطة دُجنت بها الأمة، فاليوم كان الشعب اليمني في ساحات الجهاد المقدس يُقاتل طغيان الأرض، أمريكا وإسرائيل، وكانت الشعوب في ساحاتِ الملاهي ترقص، وإذا ما وُجد حرٌّ، فسرعان ما يُكبح صوته ويُفنى وحيه .
وبقي الحسين حيًّا بقلبِ كل بطولة يُسجلها يمن الإيمان، وبفؤادِ جُلّ المعارك التي ذاق فيها أعداء الله بأس اليماني وشدته، وطال عيشنا ما عاشت الهوية، ودُمنا في الزمان مادامت الحرية.
والسلامُ عليكَ وعلى أخيكَ، وعلينا إلى يومٍ يرثُ الصالحون أرضَ الله، ولا خوفْ على أمةٍ أنتَ وأخوك قادتها يا نور الهُدى .