الصماد وأثرُ أعماله في قلوب الناس
الصماد وأثرُ أعماله في قلوب الناس
صالح الصماد -سلام الله عليه- وعلى روحه الطاهرة النزيهة التقية رمز “اليد النظيفة”، والقلب النقي بالمحبة السليمة، والنفس الراقية الزكية؛ فسلام الله عليه خريج المدرسة القرآنية بمفهومها الصحيح.
امتاز باتساع فكره وَعقله لم يكن متقوقع داخل نفسه بل كان منفتحاً على الآخرين داخليًّا وَخارجيًّا يسمع لهموم شعبه وَمعاناتهم؛ فكان متحَرّكاً، جعل من مسؤوليته خادماً لشعبه مما جعلهم يضعونه “تاجاً على رؤوسهم”.
لم يقدم مصالحه الشخصية على مصلحته العامة، بل كان شعبه محور فكره وَاهتمامه وَعمله، وَكان يأخذ من آرائهم وَيضعها في عين اعتباره، كان مقداماً شجاعاً لا يهاب أحداً إلا الله سبحانه، وَمما قاله: “كلّ الشجاعة تنتهي إلا الشجاعة المرتبطة بالله سبحانه، قد تنتهي شجاعتك عند رؤيتك لطقم عسكري، أَو تنتهي عند رؤية دبابة، أَو تنتهي عند سماع طائرة إف ١٦ إلا الشجاعة المرتبطة بالله التي ليس لها حدود لا تنتهي بل تزداد وَتقوى”.
لم تكن فترة توليه للرئاسة فترة كبيرة لكنه استطاع أن يرسخ في أذهان الناس ما هي المسؤولية الحقيقية التي تكون على عاتق الإنسان؟ ما هو تعريف المسؤولية من المفهوم القرآني؟ ما هي المسؤولية التي تجعل الإنسان يكون مسؤولاً أمام الله وَرسوله حين يقف المسؤول أمام الله وَيسأله ماذا قدمت لشعبك وَلأمتك وَعالمك من إنجازات كانت تفيدهم وتكون في خدمتهم؟
الصماد الرجل الأمين على نفسه وشعبه وأمته كان مخلصاً لهم فكان الرابط بينهم وَبينه رابطاً روحياً، فيه محبة وإخاء وَتعاون، هو رجل استثنائي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، بكينا عليه بكاء شديداً، وَما زلنا حين نذكره تغرورق عيوننا بالدموع عليه ألماً وَجرحاً على فراقه العزيز، الذي كان شعبه يحبه كَثيرًا لأصالته، وَطيبته، وَإخلاصه، وَأمانته، وَخوفه على شعبه؛ فأحسسنا بصدق إحساسه في أقواله وَأفعاله وَتصرفاته.
ترك أثراً وجدانيًّا عميقاً وكَبيرًا في قلوب الناس، كان محبوباً وما زال؛ فمن أحبه الله أحبته الملائكة وَسائر خلقه وَانتشر حبه بين الناس، هذه “الكاريزما” الجذابة الخَاصَّة به جعلته يدخل قلوب الناس مباشرة من دون حواجز وَجعلت خطاباته كلها تتملك أرواحهم وَعقولهم فكان الشعب ينصت له بكل حب وشوق وَاهتمام.
جعل الله سبحانه له دوراً مهماً وَبصمة لن تنسى في حياة هذا الشعب الذي يفتقر إلى مسؤولين كما الصماد يفنون حياتهم في “خدمة وحب شعبهم وبلادهم” وَيجعلون بلادهم من أول اهتماماتهم في تقدمها وَتطورها إلى الأمام، وفي وصيته قال “ما كنت إلا خادماً لعباد الله وَهذا شرف عظيم امتنه الله عليَّ”.
قال السيد القائد عبد الملك الحوثي -حفظه الله وَأعزه وَنصره- “المدرسة التي ينتمي إليها الشهيد -رحمة الله عليه- الصماد هي مدرسة علي بن أبي طالب، مدرسة الدين المحمدي الأصيل، التي لا تجعل للسلطة في أعلى موقع فيها قيمة الحذاء، قيمة النعل، إذَا لم تكن وَسيلة لإحقاق حق، وَإقامة باطل وخدمة الأُمَّــة؛ التي ترى أن على المسؤول كلما كبرت مسؤوليته أن يكون أقرب في حياته حتى المعيشة من واقع فقراء بلده، فقراء أمته؛ كي يستذكر على الدوام معاناتهم، كي يعيش همهم وَأوجاعهم وَآلامهم.
فالصماد -سلام الله عليه- كانت “نيته” لشعبه لا تحمل إلا الخير الواسع الذي يريده لهم فطموحاته ليست شخصية بل طموحات عامة، كان يريد أن يحقّق الخير الكثير لهم، وفي اجتماع له مع المحافظين وَالمشرفين عن أهميّة المسؤولية قال لهم: “اهتموا بتقديم الخدمات بالمتاح وَالممكن لو وجدت “النوايا” وَالحرص وَالاهتمام بما تقدمونه للناس”، لو تمعنا في كلامه وَفي عبارة (النوايا) لوجدنا أن “النية تسبق العمل” فهي مهمة جِـدًّا لإنجاز أي عمل يكون متاحاً وَممكناً أَو قد يكون مستحيلاً في نظر الآخرين لكن عند من تكون نيته متوفرة سيكون ممكناً.
فالنوايا هي نوايا العزم.. نوايا التصميم.. نوايا الإرادَة.. نوايا الخطى للأمام.. نوايا الخير التي يسعى لها الإنسان لتكتب له أعمال صالحة ترضي الله وَرسوله وتكون ثقيلة في ميزان عمله وتيسر له حياته بالخير الواسع.
هذه النوايا الخيرة لو توفرت في قلوب المسؤولين وَالناس لكانت طاقة جبارة لإقامة العدل وَالخير في أصقاع الدنيا وعملوا بهذه الطاقة لما يفيدوا أوطانهم وعبادهم.
كان الصماد سلام الله عليه (الدينامو المحرك للدولة) بحركته، وطاقته، وإخلاصه، وجهده، وعمله، ووفائه فحقّق خلال مدته القصيرة إنجازات كثيرة نذكر أهمها:
– أسس جيشاً قويًّا سائراً على خطى القرآن وَأسس دينه المحمدي الأصيل.
– صنع الأسلحة المتطورة بكل أنواعها والتي كانت حصناً منيعاً لليمن من أي غزو أَو استعمار.
– ترجم مشروع شعبه إلى “يد تبني وَيد تحمي” مشروع عظيم ما زال مُستمرًّا متناميًا في تطور وَتقدم إلى الأمام.
– أصبح اليمن رقماً صعباً خلال مدة قصيرة من توليه للرئاسة.
– خاطر بحياته؛ مِن أجلِ شعبه وَبلاده حتى لا يغزوها أحد.
– أسس علاقة قوية منسجمة مندمجة واعية بينه وَبين شعبه وَكانت ثمرته أنهم “يحبهم وَيحبونه” ولن ينسوه أبداً وَسيؤرخ في تاريخهم العظيم فكانت “ثروته الحقيقية” هي حب الناس له.
– أنجز مشروع الشجاعة المرتبطة بالله التي لا تضاهيها أية شجاعة أُخرى.