هروب المارينز وإسقاطُ الهيمنة.. إرادَةٌ يمنية لا تُقهر
هروب المارينز وإسقاطُ الهيمنة.. إرادَةٌ يمنية لا تُقهر
هروب المارينز الأمريكي من صنعاء لم يكن مُجَـرّد انسحاب عسكري، بل لحظة فاصلة في معادلة الهيمنة الأمريكية، حَيثُ فرض الواقع اليمني متغيراتٍ جديدة جعلت استمرار النفوذ الأمريكي أمرًا مستحيلًا، لم يكن قرار الرحيل خيارًا استراتيجيًّا بقدر ما كان اضطرارًا فرضته التطوراتُ المتسارعة؛ فالمغادرة جاءت على عجل، دون القدرة على فرض أية شروط أَو حتى الاحتفاظ بالأسلحة، في مشهد يعكس حجم الصدمة التي تعرضت لها واشنطن بعد أن قلبت الثورة كُـلّ الحسابات.
لأعوام طويلة، ظل النفوذ الأمريكي متغلغلًا في مؤسّسات الدولة اليمنية، خَاصَّة في الأجهزة السيادية كالدفاع، حَيثُ اعتمدت واشنطن على سياسات التبعية لإحكام قبضتها، لكن تصاعد زخم الثورة أضعف هذه السيطرة تدريجيًّا، حتى أصبح الوجود الأمريكي عبئًا لا طائل منه، وسرعان ما أدركت واشنطن أن مشروعها في اليمن ينهار، وأن الرهان على استمرار نفوذها بات خاسرًا أمام إرادَة شعب قرّر أن يكون سيد قراره.
الخروج الأمريكي لم يكن خطوةً تكتيكية لإعادة التموضع، بل اعترافا بأن اليمن لم يعد كما كان، وأن مرحلة جديدة قد بدأت تتسم بتغير جذري في موازين القوى، لم يكن الحدث مُجَـرّد انسحاب عسكري، بل انهيار لنفوذ ظل لعقود يفرض نفسه عبر التدخلات المباشرة وغير المباشرة، حتى انتهى به المطاف إلى مغادرة غير مشروطة، تعكس فشل سياسات واشنطن في إدارة المشهد اليمني.
ما حدث لم يكن نهاية المطاف، بل بداية لعصر جديد، عنوانه السيادة والإرادَة الحرة، واليمنيون أثبتوا أن الاستقلال ليس مُجَـرّد شعار يُرفع، بل موقف يُنتزع بإرادَة صُلبة، وأن من يدافع عن كرامته قادر على صناعة تاريخه بعيدًا عن أية وصاية خارجية.