المقاومة بين تهديدات “الجحيم” وانتصار الإرادَة: معركة الصمود والتحدي
محمد يحيى الملاهي
كان تهديد الرئيس الأمريكي ترامب للمقاومة الفلسطينية بـ “الجحيم” إذَا لم يتم الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، مع تحديد مهلة حتى ظهر يوم السبت، اختبارا حقيقيًّا لقدرة حماس على الصمود ومواجهة ضغوط الدول الكبرى. وهذا التهديد لم يكن مُجَـرّد تصريح عابر، بل جزء من سياسة أمريكية صهيونية تهدف إلى تركيع المقاومة، من خلال إبراز العضلات عليها، ونشر الخوف والتأثير على العامل النفسي لدى الشعب الفلسطيني، وتجريد المقاومة من أوراق التفاوض.
لكن، وبرغم المهلة والتهديدات المتكرّرة، أثبتت حماس والمقاومة الفلسطينية أنها تمتلك إرادَة لا تلين، وأنها قادرة على الصمود في وجه أعتى القوى العالمية. ونجاح المقاومة في انتزاع حرية الأسرى من أنياب الاحتلال لم يكن فقط انتصارًا ميدانيًّا، بل هو انتصار سياسي وأخلاقي يعكسُ قدرة المقاومة على تحقيق ما فشلت في تحقيقه الدبلوماسية لعقود طويلة. لقد أثبتت حماس أن القوة على الأرض لا تزال فاعلة، وأن الإرادَة الفلسطينية لا يمكن كسرها مهما كانت التهديدات.
وتتميز هذه المرحلة من الصراع، أن انطلاق “طوفان الأقصى” لم يكن مُجَـرّد رد فعل عسكري، بل كان ضربة قاسية لمشروع التطبيع العربي الصهيوني الأمريكي، الذي عمل لسنوات على تهميش ودفن القضية الفلسطينية، وجد نفسه في مأزق وفشل حقيقي مع أول رصاصة أطلقتها المقاومة. وبذلك سقطت رهانات المطبعين، الذين راهنوا على أن المقاومة في غزة قد وصلت إلى نقطة الاستسلام، وأعاد رسم المشهد السياسي في المنطقة، وأكّـد أن أية محاولة لتجاوز القضية الفلسطينية مصيرها الفشل والخُسران.
وهذا الانتصار لم يكن فقط على الاحتلال، بل على من دعم الاحتلال ومن طبَّع معه ومن سكت على جرائمه وعلى من راهن على استسلام المقاومة. واليوم، من يشعرون بالهزيمة ليسوا أبناء غزة أَو المقاومة، بل كُـلّ من راهن على استسلام الشعب الفلسطيني.
أعداء المقاومة، سواء من داخل المنطقة أَو خارجها، باتوا يواجهون واقعًا صعبًا: مقاومة لا تقهر، وشعب لا يساوم، وقضية لا تموت.
وتهديدات “الجحيم” التي أطلقها ترامب، لم تستطع أن تطفئ نضال المقاومة، بل زادتها لهيبًا.
الصمود الفلسطيني ليس مُجَـرّد حالة طارئة أَو استثنائية، بل هو جزء من تاريخ طويل من النضال. لقد أثبتت المقاومة أن الرهان على الوقت لإضعافها، هو رهان خاسر، وأن أية محاولة لفرض حلول غير عادلة على الفلسطينيين لن تلقى إلا المزيد من المواجهة والتحدي.
وفي ظل كُـلّ هذه التحديات، تبقى المقاومة الفلسطينية عنوانًا للصمود، ودرسًا سياسيًّا وأخلاقيًّا لكل من ظن أن القضية الفلسطينية يمكن أن تُنسى أَو تُدفن تحت ركام التطبيع.