المنبر الاعلامي الحر

وداعًا سيد المقاومة.. لكنك باقٍ فينا للأبد

وداعًا سيد المقاومة.. لكنك باقٍ فينا للأبد

يمني برس ـ بقلم ـ عبد الغني حجي

يا لدموع الأحرار كيف انهمرت كالسيل الجارف، ويا لقلوب المظلومين كيف اعتصرها الحزن حتى كاد أن يخنقها! إن رحيلك يا سيد المقاومة وجعٌ لا تطيقه الأرواح الحرة، فقد كنت للأُمَّـة شعلة مضيئة في لياليها الحالكة، وكنت للعدو كابوس يقضّ مضجعه، لا ينقشع ولا يزول.

أي حر يبكيك، أي مظلوم يشعر أن الأرض قد ضاقت عليه بفقدك، لقد كنت أكثر من قائد، كنت الأمل حين يخيّم اليأس، والصوت الذي لا يهادن، والقلب الذي لا يعرف الخضوع، علمتنا كيف يكون الشرف طريقًا لا يحيد، وكيف يكون الإباء موقفًا لا يُساوَم عليه، وكيف تكون العزة نهجًا لا ينكسر.

نم قرير العين، فقد أرهبت “إسرائيل” وأثخنتها جراحًا لا تندمل، كنت السيف المسلول على رقابهم، الرعد الذي يرعد في سمائهم، والهزة التي تزلزل كيانهم، لم ينعموا يومًا بحياة مستقرة، لا في سلم ولا في حرب، فقد كنت معركتهم المُستمرّة، لم تصالحهم يومًا، ولم ترضَ بالدنيّة، بل كنت عنوانًا للشموخ الذي لا يُطاول، والصخرة التي تتحطم عليها أحلامهم الاستعمارية، كم مرت عليهم السنوات وأنت في الميدان، تكتب تاريخًا جديدًا للأُمَّـة، ترسم بدمك وعرقك خريطة العزة، وتجعلهم يتجرّعون الخوف صباحًا ومساءً.

كنت الصوت الذي دوّى في وجوه الظالمين، والخطيب الذي زلزل بخطاباته قلاعهم، والمنبّه الذي أيقظهم من حلمهم بأنهم سادة هذه الأرض.

لقد مرغت أنوف الصهاينة في التراب، وسقيتهم كأس الذل وهم في صَغار، بينما أنت بقيت شامخًا عزيزًا، لم ينحنِ رأسك إلا لله.

أتدري يا سيدي؟ أنك من حفظ للأُمَّـة كرامتها، وأعدت إليها كبرياءها الضائع، وجعلت فلسطين تعود إلى موقعها في قلوب الأحرار، وأجبرت العدوّ على أن يعترف بك، أن يخشاك، أن يحسب لك ألف حساب، حتى بعدما رحلت، لم يهنأ بموتك، ولم يشعر بالنصر؛ لأَنَّه أدرك أن نهجك لم يمت، وأنك زرعت في قلوبنا روحك، فأصبح كُـلّ واحد منا نصر الله يحمل ذات القيم والمبادئ، ولا يساوم.

نعم، نعلم أنك في العليين، في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر، ونعلم أنك فزت فوزًا عظيمًا، لكننا لا نستطيع أن نراك إلا بيننا، معلمًا، ملهمًا، قائدًا، كيف لنا أن نقبل أن يغيب وجهك الذي كان لنا أماناً، وصوتك الذي كان لنا وعدًا بالنصر؟ كيف نستوعب أن ذلك الصوت الذي دوّى في الأرض رعدًا قد هدأ، وذلك الجسد الذي وقف سدًّا منيعًا قد غاب؟

لن ينسى اليمن سيد المقاومة، لن ينساه أحرار العالم، لن ينساه كُـلّ قلب خفق حبًا لفلسطين، كُـلّ روح تاقت للحرية، سيبقى ذكرك مشعلًا منيرًا في دروب الثائرين، وجرحًا غائرًا في صدور الطغاة، وستبقى روحك حيّةً في قلوب من عرفوا معنى الكرامة.

وداعًا يا سيد المقاومة.. لكنك باقٍ فينا، للأبد.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com