موجات الفساد والفوضى تجتاح المناطق المحتلة
موجات الفساد والفوضى تجتاح المناطق المحتلة
في ظل الانهيار لحكومة العمالة والارتهان في المناطق المحتلة، تتعرض موارد البلاد للنهب والتهريب المنظم، مع الاستيلاء على أراضي البلاد ومؤسساتها لصالح نافذين ولصوص. يأتي ذلك في الوقت الذي تتزايد فيه التحذيرات من خطورة استمرار التدهور الاقتصادي والمعيشي والخدمي في تلك المناطق وتأثيره على الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
تتعرض الموارد الأساسية للبلاد، في مناطق حكومة العملاء، لما يفوق وصفه بـ”النهب المنظم”. حيث تقوم قيادات ورموز من هذه الحكومة بنهب كل ما يصل إليهم، من أموال وأراضٍ، وتجارة غير مشروعة بثروة البلاد من النفط والغاز، مع فرض جبايات باهظة.
وتترافق مشاهد فوضى النهب والفساد مع انهيار جميع مظاهر الدولة، بدءًا من تهاوي أسعار الصرف وصولاً إلى نهب أبسط مقومات الحياة الكريمة للمواطن. جميع هذه العوامل تشير إلى أن تلك الأدوات العميلة تسابق الزمن لخلق حدث مروع يتجاوز ما يُعلن عنه من احتمالات انهيار كاملة لمنظومة الحكم في المناطق المحتلة.
في السياق ذاته، نبه محللون محليون إلى أن الفساد وصل إلى مرحلة تؤكد أن المناطق الواقعة تحت سلطات حكومة المرتزقة تستعد لحالة سقوط ، ما دفع الجميع إلى نهب ما يستطيعون. ووصف ناشطون إعلاميون ما يحدث من تهريب للغاز والنفط عبر البر والبحر، وإنشاء مصافٍ وأنابيب خاصة، واستيلاء على حقول وقطاعات كاملة، وحيازة شركات وهمية وبنوك لغسيل الأموال، بأنه كارثة تفوق الخيال.
كما أشار الناشطون في منشورات على منصات التواصل الاجتماعي إلى أن عمليات النهب قد شملت كافة الموارد والإيرادات، بالإضافة إلى تهريب العملة الأجنبية للخارج، والاستيلاء على أراضٍ ومحافظات كاملة ومؤسسات.
ارتفاع أسعار الغاز المنزلي وفضيحة فساد كبيرة
شهدت أسعار الغاز المنزلي، منذ مطلع الأسبوع، ارتفاعاً جديداً في أسواق عدن المحتلة وما جاورها، وذلك بعد أيام من أزمة حادة عاشتها المدينة، أفضت عن كشف ناشطين وصحافيين، عن تفاصيل وخفايا فضيحة فساد جديدة تمثلت في تهريب أكثر من 70% من الغاز المنتج في مأرب إلى القرن الأفريقي، مؤكدين أن عدداً من النافذين والتجار قاموا خلال العام الماضي بإنشاء عدد من محطات الخزن المركزية الضخمة في محيط محافظتي لحج وعدن، بهدف تعبئتها بالكامل ومن ثم خلق الأزمة عبر القطاعات القبلية المفتعلة.
ووفقاً لما نشرته وسائل الإعلام، فإن سعر أسطوانة الغاز المنزلي سعة 20 لتراً ارتفع إلى 9500 ريال يمني، بعد أن كان يُباع بسعر 8500 ريال، في حين كان السعر قبل الأزمة الأخيرة 7500 ريال، ما زاد من الأعباء المعيشية على المواطنين مع اقتراب شهر رمضان.
ووفق ما تناقلته وسائل الاعلام، كشفت حكومة المرتزقة تحت ذريعة ما أسمته الحرب في اليمن عن ضياع أكثر من نصف الدخل القومي للبلاد والمقدر بحوالي 250 مليار دولار، وتدهور قيمة العملة بحوالي 700 في المائة، ووصول معدل التضخم التراكمي إلى 183في المائة، وارتفاع نسبة البطالة إلى80 في المائة. وأكدت أن ذلك جاء في جلسة حوارية عقدت يوم الأربعاء الماضي، ضمن فعاليات منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع حول التعاون والتكامل التنموي وآليات تعاون الدول المانحة والمنظمات الدولية والمحلية مع حكومة المرتزقة.
في محاولة استغلال وصفت بالفاشلة وجّه نائب ما يسمى برئيس مجلس القيادة الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، المدعو عيدروس الزبيدي، الوزراء التابعين للانتقالي في حكومة الرياض بتكثيف اللقاءات مع نقابات من أسماهم “عمال الجنوب”، في تحول جديد في مسار الاستقطاب السلبي على طريق الصراع بين شركاء “الرئاسي” وحكومته على الموارد الطبيعية والبشرية.
ووفقاً لتقرير نشرته جريدة القدس اللندنية، فإن خطاب ما يسمى بالمجلس الانتقالي واهتمامه بالنقابات العمالية، يعد محاولة منه للتخفيف من حدة الغضب الشعبي ضد المجلس من الفئات الفقيرة في مناطق سيطرته، جراء تخليه عن مسؤولياته في مواجهة ما سبق وتبناه في خطابات عديدة منذ تأسيسه عام 2017، معلناً انحيازه للناس، لكنه عندما صارت له كتلة كبيرة في ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي، بالإضافة إلى سبع حقائب في حكومة الفنادق، وسيطرته على السلطة المحلية في أربع محافظات، وفي مقدمتها عدن، لم يعمل شيئاً باتجاه التخفيف من معاناة الحياة المعيشية، بينما صارت قياداته في خانة الثراء.
تأتي هذه التوجيهات وهذا الخطاب المرتبك والمتناقض، بالتزامن مع مسار تصاعدي لاحتجاجات وتظاهرات للنقابات العمالية والصحية والتعليمية في عدن، حيث ندد مئات المحتجين من منتسبي النقابات، باستمرار تردي الأوضاع المعيشية، وعجز حكومة الفنادق عن السيطرة، حيث رفع المتظاهرون الغاضبون في عدن، والذين تجمعوا في ساحة خور مكسر، والعديد من المحافظات المحتلة لافتات تؤكد مطالبهم برحيل قوات تحالف العدوان وبإعادة هيكلة المرتبات الحكومية، والعودة بها إلى ما كانت عليه قيمتها عام 2015، وإيقاف التدهور المتواتر في الأوضاع المعيشة، من خلال السيطرة على قيمة العملة وإيقاف عجلة غلاء الأسعار، ومعالجة وضع الخدمات العامة.
تصاعد وتيرة الاستيلاء على الأراضي وعقارات الدولة
تشهد المحافظات المحتلة، والتي يديرها الاحتلال السعو-إماراتي عبر حكومة المرتزقة وما يسمى بالمجلس القيادة الرئاسي و”المجلس الانتقالي” سعاراً غير مسبوق للاستيلاء على أراضي الدولة، بالتزامن مع أزمة خانقة في الغاز المنزلي نتيجة احتكاره وتهريبه إلى دول القرن الأفريقي. مراقبون يرون أن هذا التوجه يعكس ترقباً لحدث كبير قد يكون انهيار نظام الحكم.
رئيس ما تسمى بهيئة مكافحة الفساد في مناطق المرتزقة أكرم الشاطري، كشف عن منح خلدون علي محمد (إحدى الشخصيات المتنفذة في حكومة الفنادق) أرضاً واسعة في دار منصور بمحافظة لحج لرشاد هائل سعيد أنعم بمساحة 1,488,480 متراً مربعاً. المدعو الشاطري تساءل عن دور محافظ لحج في هذه الصفقة وفساد هيئة الأراضي.
مصادر إعلامية كشفت أن مقربين من المسمى برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، حولوا مبنى حكومياً في عدن إلى سكن خاص منذ عام 2018، ورفضوا الخروج بحجة توجيهات من الزبيدي. كما تم الاستيلاء على منشآت حكومية كثيرة وعقارات تابعة للدولة وتأجيرها بأسعار بخسة لفترات طويلة، مثل منتجع الفيل الذي تم تأجيره بمبلغ 200 ألف ريال، بينما دخله الشهري 50 مليون ريال، والنادي الدبلوماسي المؤجر بالمبلغ نفسه وإيراداته الشهرية 35 مليون ريال، وحديقة الكمسري التي أُجرت بـ 500 ألف ريال ودخلها الشهري 60 مليون ريال، وحديقة عدن نيو التي تم تأجيرها بمبلغ 150 ألف ريال ودخلها الشهري يصل إلى 30 مليون ريال.
والجمعة الماضية، كشفت مصادر مطلعة في عدن عن تحويل مقربين للمدعو رئيس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً “عيدروس الزبيدي”، مبنى حكومي إلى سكن خاص لهم في مدينة عدن. وحسب المصادر، فإن أولئك المقربين الذين يشغل أحدهم منصب مدير مالية الانتقالي، بالإضافة إلى عضو في الانتقالي قاموا بتحويل مبنى المعهد التقني التابع للاتصالات الواقع في جبل جولد مور بمنطقة التواهي إلى سكن خاص لهم منذ عام 2018م.
وأوضحت أنهم يرفضون الخروج من المعهد مؤكدين أن لديهم توجيهات مباشرة من الزبيدي بالسكن في المعهد، مستغلاً حالة الفوضى وغياب سلطات دولة فعلية في عدن منذ مطلع العام 2016م، لتمكين مقربيه وأبناء منطقته من الاستيلاء على الممتلكات العامة.
وبيّنت المصادر أن هذه الممارسات تأتي ضمن سلسلة من سياسة البسط والنهب المنظم التي تطال المنشآت الحكومية وملحقاتها، بالإضافة إلى أراضي وعقارات الدولة، منها أراضي حرم جامعة عدن، وحوش مؤسسة النقل البري، ونادي النصر الرياضي، وكذلك غيرها من أراضي المواطنين في عدن وأبين وحضرموت وسقطرى وغيرها من المناطق الواقعة في نطاق حكومة المرتزقة التي تشهد صراعات ضارية بين فصائلها وشركائها على الموارد.
كواليس حراك أوروبي بقيادة فرنسا
وافادت مصادر إعلامية بأن فرنسا التي تستحوذ شركاتها على قطاعات نفطية شرق اليمن تسلمت من “اللجنة الرباعية” ملف إدارة النفط، مشيرة إلى أن وصول البعثة الأوروبية إلى حضرموت كان ضمن مساعي تهدئة الخلافات المتصاعدة هناك بين القوى المحلية وعلى رأسها المدعو المحافظ مبخوت بن ماضي والمدعو عضو الرئاسي عن حضرموت فرج البحسني.
وكان السفير الفرنسي رفقة سفراء أوروبيين التقوا خلال الايام الماضية بالمدعو البحسني ومنازعِهِ المدعو بن ماضي على إيقاع تصعيد جديد فجرته مصافٍ متنقلة لتكرار النفط يشرف عليها بن ماضي ويرى البحسني فيها محاولة لنهب النفط من المحافظة.
ويثير ملف النفط شرق اليمن خلافات بين أعضاء ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي المعين سعوديا. في الوقت ذاته، يسعى ما يسمى بالمجلس الانتقالي للسيطرة على قطاع نفطي مهم في حضرموت عبر ما يسمى بهيئة النفط في عدن وذلك ردا على إبرام المرتزق رشاد العليمي رئيس ما يسمى بمجلس القيادة صفقة تمكن نجله من الاستحواذ على قطاع النفط إس 5 وهو من أكبر الحقول النفطية في شبوة.
وانتقلت البعثة الأوروبية إلى عدن حيث التقت رئيس حكومة المرتزقة المدعو أحمد عوض بن مبارك والذي عاد فجأة إلى المدينة في حين تستعد المدينة لاستقبال المدعو رشاد العليمي بعد خلافات مع ما يسمى بالمجلس الانتقالي، التي حالت دون زيارته للمدينة قبل أشهر.
السعودية تنهي إقامة مرتزقتها في فنادقها
وسط انهيارات متصاعدة وفشل في إدارة الوضع إضافة إلى تحركات إقليمية – دولية بملف اليمن، كشفت مصادر صحفية محسوبة على المسمى بالمجلس الانتقالي، التأكيد برضوخه لضغوط دولية بإعادة المدينة إلى سلطة ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي.
وتوقعت المصادر عودة المرتزق رشاد العليمي إلى عدن خلال الأيام المقبلة، مشيرة إلى أن العودة جاءت عقب ضغوط للعودة للعمل من الداخل. وكان المدعو بن مبارك، رئيس حكومة الفنادق، وصل سرا إلى المدينة لأول مرة منذ أشهر. وأنهت السعودية في وقت سابق هذا العام استضافة أعضاء ما يسمى بالمجلس القيادي الرئاسي في الرياض، ما أجبر أعضاءه بمن فيهم رئيسه على الانتقال إلى دول أخرى أبرزها ألمانيا حيث يقيم المرتزق العليمي وأسرته حاليا.
وكان ما يسمى بالمجلس الانتقالي قد صعَّد من هجماته على ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي، خلال الأيام الأخيرة وصولا إلى التهديد بإعلان ما أسماه بـ”حكومة جنوبية انفصالية”.
وتعاني عدن -على مدى فترات تعاقب الحكومات المعينة بالمناصفة بين الرياض وأبوظبي- من موجات انهيار متعاقبة في الخدمات والعملة مع توقف المرتبات وسط رشقات تبادل الاتهامات بين طرفي العمالة. ويأتي قرار إعادة ما يسمى بمجلس القيادة الرئاسي إلى عدن وسط موجة حراك دولي وإقليمي، والتي كان آخرها زيارة وفد سعودي إلى واشنطن. وهو الحراك الذي يجري في أجواء من التشاؤم بأن نتائجه لن تكون سوى بداية لموجات تصعيد جديدة.
فشل ذريع واتهامات متبادلة
فيما تسود الساحة في المحافظات المحتلة اليوم حالة من الفشل الذريع على كافة الأصعدة، تشوبها اتهامات متبادلة بين الأطراف المختلفة، في ظل السيطرة الكاملة التي تفرضها القوات السعودية والإماراتية على مجريات الأحداث، تتزايد التساؤلات حول مفهوم “الشرعية” التي يروج لها كل من الرياض وأبوظبي، بجانب العناصر المرتزقة التي تعمل تحت مظلتها.
فقد أسفر تدخل قوى العدوان في تلك المحافظات عن تدهور الأوضاع المعيشية بشكل كارثي. إذ تفشت الفوضى واختل التوازن الأمني، ما أدى إلى انهيار اقتصادي حاد. ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، وازدادت معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات خطيرة. تحت هذا الظل القاتم، وصل المواطنون في تلك المناطق إلى قناعة بضرورة التحرك لطرد الاحتلال ومرتزقته .
تتسارع الأنباء حول استنزاف الثروات اليمنية وتهريبها عبر شبكات معقدة من الفساد، بينما تزداد السيطرة العسكرية على المناطق. يُلاحَظ أن عمليات النهب واستغلال الثروات الوطنية تتزايد، وهي ثروات يُفترض أن تُعزِّز من حياة اليمنيين. هذه الظواهر تثير تساؤلات عميقة حول الفكر الذي تسعى الدولتان (السعودية والإمارات) لتطبيقه من خلال الوصاية الخارجية، والذي يبدو أنه يهدف إلى تكريس شرعنة النهب المنظم.
لقد تجاوزت شرعية الفساد والانفلات الأمني حدود الفشل في الجانب الاقتصادي، لتعمق الخلل الأمني وتخلق حالة من القلق وعدم الاستقرار. تزايدت حالات الفساد واستغلال المناصب والموارد بشكل صارخ، حيث استغلت بعض الشخصيات السياسية والعسكرية ما اختلقته هي من موجات الفوضى والنزاع لمصلحتهم الخاصة، ما يعكس أن “شرعية الفساد” لم تُعزِّز إلا الأزمات وتعميق معاناة المواطنين، لتضعهم أمام ظل عصابات تتستر وراء مسمى دولة، متجاهلة أبسط حقوقهم.
المصدر : موقع أنصار الله