المنبر الاعلامي الحر

الخيل الأمريكي الأعرج يفقد البوصلة

الخيل الأمريكي الأعرج يفقد البوصلة

يمني برس ـ تقرير

المؤسف، وهو من الهوان العربي الفادح، أن تنصرف دول عربية عن ما تحيكه أمريكا ضد دول المنطقة ومنها اليمن، دون أن يكون لها موقف ينتصر للدين واللغة والتاريخ والإنسانية. وفي الحراك الأمريكي الذي بات واضحا لاستهداف اليمن بوهم تدمير قدراته الدفاعية والهجومية، تماهت هذه الدول مع النوايا الأمريكية، ظنا منها أن ذلك سينجيها من البطش الأمريكي.
حالة من الاستلاب العجيب تعيشه هذه الدول عن استيعاب دلالة التحرك الذي يأتي عقب سلسلة من الاستهدافات لدول عربية لا تزال حتى اليوم غير قادرة على النهوض، فيما دول أخرى تقع اليوم تحت التهديد، لا تمتلك حتى حق الدفاع اللفظي تجاه ما ينتظرها من مصادرة لبعض أراضيها من أجل النوايا الأمريكية بتهجير الفلسطينيين إليها.
حالة الاستلاب أيضا تجعل دولنا العربية الموقرة غير قادرة على استيعاب أن تدمير قدرات أي دولة إنما هو في المحصلة تدمير للقدرات العربية، فيما صارت الأنانية والنأي بالنفس عن أي مشكلة يمكن أن تثير أمريكا، هي الحاكمة والموجِهة لتحركات هذه الدول.

اليمن سيبقى الرقم الصعب
في جبهة غزة وجبهة جنوب لبنان هناك اتفاق لوقف إطلاق النار، وهي مسألة يطلبها بإلحاح الكيان الصهيوني وأمريكا للتفرغ من أجل التخلص من التحديات المحيطة، على طريق تهيئة الظروف من أجل تحويل المخططات الخاصة بالمنطقة إلى حقيقة، وكذلك تمكين الاحتلال من تصفية الفلسطينيين وتوسيع كيانه. ويبدو أن اليمن قد تصدر قائمة الأهداف الأمريكية، مع ذلك يبقى اليمن ذاك الرقم الصعب الذي أثبت قدرة عجيبة في قهر التحديات والصعوبات وتحقيق المعجزات، ومثل هذا البلد على أمريكا أن تخشاه، خصوصا وأن اليمن أعلن منذ وقت مبكر موقفه الرافض للبلطجة الأمريكية، وللحماية التي توفرها المؤسستان العسكرية والسياسية للكيان الصهيوني.
وحتما سيأتي أمريكا الرد اليمني الذي إنما سيجدد الإعلان عن أن الترهيب مسألة لا يمكن الأخذ بها حين تأتي من واشنطن، وحين يكون القصد منها هو الانتهاك السافر لحقوق الفلسطينيين وتمكين العدو، وستندم أمريكا لأنها ستفتح على نفسها وعلى حلفائها باب جهنم، فاليمن لا يقبل الترهيب ولن يقبل الاستسلام لهذه البجاحة في فرض الإرادة الأمريكية. لذلك فإن ذهابها إلى مناطق ملغمة يعني انتحارها.

نهاية عهد الاستفراد بتوجيه أحداث المنطقة
ما يحاول العدو الأمريكي تسويقه بأن اليمن تمثل تهديدا للأمن العالمي ساذج ويلعن نفسه، فهو المكشوف في مقاصده وأهدافه المتمثلة في حماية الكيان الصهيوني، وهذا الهدف يعكس في ذاته حجم هذا الإستغباء للعالم، إذ يحلل الكيان الأمريكي لنفسه الدفاع عن الاحتلال الإسرائيلي ويرفض أن يكون هناك أي صوت أو تحرك للدفاع عن الشعب الفلسطيني، وهذه الازدواجية التي تؤكد انفصام الشخصية الأمريكية يلمسها العالم لكنه لا يقول شيئا، واليمن في كل الأحوال معني بالدفاع عن نفسه، كما أن له الحق في كسر القاعدة الأمريكية التي ترى في الدفاع عن العدو الصهيوني حقاً، والدفاع عن الشعب الفلسطيني باطلا.
انتهى عهد الاستفراد بتوجيه أحداث المنطقة لخدمة الأجندة الإسرائيلية الأمريكية، وابتدأ عهد الأصوات الحرة التي ستبقى العامل الذي لم ينكسر ولم يتراجع، والنصر حليفه طالما وهو يسير على أسس ومبادئ وقيم.

أي حماقة أمريكية ستنعكس وبالا عليها
سيبقى اليمن درعاً وسلاحاً للفلسطينيين، وسيستمر في تطوير قدراته ولن ترهبه الشيطنة الأمريكية والهزال الذي تعانيه الأنظمة العربية، فلن يقف مكتوف الأيدي أمام نوايا الإبادة للشعب الفلسطيني؛ ما يعني بطبيعة الحال أنه لن يسمح لأيٍّ كان أن يصل بسمومه إلى اليمن.
التهديد بالحصار ليس إلا تعبيرا آخر عن هذا الهزال في التفكير وافتقار أمريكا للخيارات الطبيعية من أجل إركاع اليمن، ولو أنهم قرأوا النفسية اليمنية لما تجرأوا على التدخل في شؤونه، وسيأتيهم من الفعل ما يفرض عليهم احترام الإرادة اليمنية، واحترام حق شعوب المنطقة بما فيها الشعب الفلسطيني بأن تحيا على أراضيها بأمان مستقلة بقرارها. بالتالي فإن أي تحرك أمريكي سينعكس وبالا عليها، فاليمن لن يصمت، وسيواجه، وسيفرض إرادته لحماية المنطقة وتوفير الأمن والأمان لشعوبها، وستجد أمريكا نفسها بطبيعتها تحصي خسائرها جرّاء نمو أوهامها إلى حد تصور أن كل المنطقة تابعة لها.
بالنسبة للدول التي ستكون في صف العدو الأمريكي وربما تموّل أي عمليات تحتاج لضخ المال، ستكون قد دخلت رهانا خاسرا وراهنت على الخيل الأمريكي الأعرج، حين يبدأ اليمن بتفعيل قدراته واستخدامها. حذر من ذلك عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، كما حذر منها وزير الدفاع اللواء الركن محمد العاطفي.
يقول اللواء العاطفي لأمريكا وحلفائها بمختلف مسمياتهم “لسنا فقط مستعدين لمواجهتكم، بل سنكون نحن من يحدد ساعة الفصل، وسنضمن أن تذوقوا مرارة الهزيمة مرة أخرى، ونحن باقون قولاً وفعلاً “.
ويضيف: “لقد حاولتم مراراً وتكراراً النيل من إرادتنا، ولكنكم لم تتعلموا دورس الهزيمة. وأعلموا أن ما واجهتموه في الماضي ما هو إلا مقدمة لما سيأتي، لأن ما ينتظركم هو الجحيم بعينه”.

الموقف المفترض تجاه أمريكا
العالم يتجه إلى التخلص من هذه الهالة الأمريكية التي تخنق أنفاسه، ولا يبدو الأمر مستحيلا، كما أن الحاجة إلى ذلك باتت ملحة، وتفرص على دول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا أن تكون في المستوى اللائق بتاريخها الذي يسبق أمريكا ربما بآلاف السنين، وكان من أبرز شواهد ذلك دعوة الرئيس الفرنسي ماكرون الدول الأوروبية إلى وضع صيغة جديدة للعلاقة مع أمريكا، والتخلص من هيمنة أمريكا الجديدة تحت إدارة ترامب على أوروبا، بالتزامن دعوة رئيس الحكومة الفرنسية، فرانسوا بايرو، إلى تأسيس حلف دفاعي أوروبي مستقل على غرار “الناتو”، ولكن بعيداً عن أي مشاركة أمريكية. وأكد أن الوضع الراهن يتطلب إعادة تقييم من قبل أولئك الذين “كانوا يعتقدون أن أمن أوروبا يمكن أن يُكفل من قبل الولايات المتحدة”. موقف طبيعي من أمريكا التي يتبادل قادتها الأدوار، فرئيس يزعم الوقوف إلى جانب الدول ورئيس بعده يأتي ليطالب بقيمة المساعدات، ويكفي نموذجا لذلك طرد الرئيس الأوكراني من البيت الأبيض.
كل هذه المعطيات هي شواهد لكل من يريد أن يفهم من أنظمتنا العربية بأنه لا أمان من الانجرار وراء رغبات أمريكا، وأن الأجدى هو بالتحصين من سمومها وشرورها من خلال التفاف الوطن العربي حول قضاياه، واتخاذ الموقف الواحد الرافض لانتهاك سيادة الدول واستهداف المجتمعات.

المصدر: موقع أنصار الله

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com