المنبر الاعلامي الحر

نفحاتُ الرحمة

نفحاتُ الرحمة

يمني برس ـ بقلم ـ ريما فارس

شهرُ رمضان ليس مُجَـرّد شهر يصوم فيه الإنسان عن الطعام والشراب، بل هو زمنٌ تتجلى فيه الرحمة الإلهية بأبهى صورها، حَيثُ يفيض الله بعطائه على كُـلّ ضعيف، ويواسي كُـلّ قلب حزين. في هذا الشهر، يشعر المرء أن تعاطف الله معه يزداد، سواء كان ضعفه جسديًّا أَو نفسيًّا، فالله رؤوفٌ بعباده، لا يكلّفهم فوق طاقتهم، بل يفتح لهم أبواب التيسير والرخص، وكأنه يقول لكل منهك: “لست وحدك، أنا معك”.

حينما يعجز الصائم عن إتمام صيامه لمرضٍ أَو عجز، يجد في التشريع الإلهي رحمة واسعة، فقد أباح الله الفطر لمن لا يقوى عليه، وبدّل الصيام بالكفارة لمن استطاع، ليؤكّـد أن العبادة ليست مشقة، بل قربٌ ومحبة. وما أجمل قول النبي ﷺ: “إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه”، وكأن الرحمة في هذا الشهر تمتد لتشمل حتى تلك اللحظات التي يعجز فيها العبد، فلا يحرمه الله من أجره، بل يبدله بما يناسب حاله.

أما من أثقلته الأحزان، فَــإنَّ رمضان يأتي إليه كرسالة صبر، ليمنحه من السكينة ما يجعله يحتمل، ومن الرضا ما يهوّن عليه، ومن الأمل ما يجعله يؤمن أن لكل ليلٍ فجرًا. هو شهرٌ تكون فيه الدموع أقرب إلى الله، والأنين مسموعٌ في السماء، والدعاء مستجاب، وكأن كُـلّ من انكسر يجد في رحابه جبرًا، ومن فقد عزيزًا يشعر أن الله يعوّضه بحنانه، ومن حاصرته الهموم يرى أن الفرج ليس بعيدًا. ألم يقل النبي ﷺ: “ما أصاب عبدًا همٌّ ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك… إلا أبدله الله فرحًا”؟ رمضان هو ذلك الوعد الإلهي لكل حزين، أن الله لا ينسى أحدًا، وأن رحمته أوسع من كُـلّ ألم.

وهكذا، يمضي رمضان بين صيامٍ وصلاةٍ ودعاء، لكنه في جوهره أكثر من ذلك، هو شهر الطمأنينة لكل من شعر أنه ضعيف، وسندٌ لكل من ظن أنه وحيد، ونورٌ لكل من أظلمت حياته، وكأن الله أراد أن يكون رمضان رسالة حبّ لعباده، يقول لهم فيها: “أنا معكم، فأقبلوا عليَّ بقلوبكم، تجدوني أقرب إليكم من حبل الوريد”.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com