26 مارس.. كشف حقائق وإزاحة ستار
26 مارس.. كشف حقائق وإزاحة ستار
يمني برس-بقلم-إلهام الأبيض
لطالما تسترت قوى الشر منذ عقودٍ من الزمن، ويتصدر يوماً سيُسجل في التاريخ على مدى الدهر والعصور. السادس والعشرون من مارس تجلت فيه حقائق فاضحة لقوى الشر على مستوى الشرق الأوسط والعالم أجمع. ليس تاريخ ميلاد، ولم يكن تاريخ صدارة، إنه تاريخ يوم مليء بالدماء في أرض اليمن السعيد. دون وجه حق ودون أي مبررات، تحلق طائرات الشر في سماء اليمن لتلتهم أرواح الناس وتسفك الدماء بالجملة، ولا يهم إن كانت الأرواح صغاراً ورضعاً أم كباراً ومقعدين، نساءً أو مرضى، الأهم هو حصد المجازر.
لطالما كانت قوى الشر تتستر خلف ستار من الخداع والتضليل لعقودٍ طويلة، ولكن السادس والعشرون من مارس، الذي شهد أحداثًا مأساوية قبل عشرة أعوام، أصبح نقطة تحول في تاريخ الشرق الأوسط والعالم بأسره. هذا اليوم ليس مجرد تاريخ عادي، بل هو يوم يختزن في طياته حقائق فاضحة تكشف عن الوجه القبيح للمجتمع الدولي الذي يتغنى باسم حقوق الإنسان وحقوق الطفل والمرأة.
في منتصف الليل، قام تحالف قوى الشر بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بتنفيذ عمليات عسكرية على أرض اليمن السعيد. كانت تلك العمليات تتم دون أي مبررات منطقية، ودون احترام لسيادة الدول أو أرواح البشر. طائرات الموت حلقت في سماء اليمن، لتجرف معها أحلام وآمال الملايين من الأبرياء، وتلتهم أرواحهم بلا رحمة. يعتبر يوم 26 مارس 2015 تاريخًا مفصليًا في تاريخ اليمن.
تُعتبر الحرب في اليمن من أكثر الحروب دموية في المنطقة، مسببةً معاناة إنسانية هائلة. لكن على الرغم من ظروفه الصعبة خلال عشرة أعوام، لم يتوانَ اليمن عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال. وقد تجسد هذا التضامن في سلسلة من العمليات العسكرية غير المسبوقة في البحر الأحمر، مُشكّلةً تحديًا جديدًا لإسرائيل وداعميها. هذه العمليات، والتي تمثل حرب بحار غير مسبوقة، أظهرت قدرة اليمن على إحداث اختراقات استراتيجية وإظهار صموده في وجه القوى الكبرى.
لم تُحدث هذه العمليات تأثيرًا على المجال العسكري فحسب، بل أيضًا على المستوى السياسي والدبلوماسي. فقد أربكت هذه العمليات إسرائيل وحلفاءها، وأظهرت ضعف استراتيجيتهم العسكرية في البحر الأحمر. كذلك، أظهرت استعداد اليمن للتحدي وعدم الخضوع لضغوط القوى الكبرى، مُثبتةً إرادةً صامدة في دعم المقاومة الفلسطينية. العمليات اليمنية في البحر الأحمر لم تكن مجرد أفعال عسكرية، بل رسالة قوية تشير إلى تغيير في موازين القوى في المنطقة.
تُمثل العمليات البحرية اليمنية التي استهدفت مصالح إسرائيلية في البحر الأحمر تحولًا مُهمًا في دعم المقاومة الفلسطينية. فعلى الرغم من المعاناة الشديدة التي يُعانيها الشعب اليمني، أثبت اليمن قدرته على التحدي ودعم القضايا العادلة، مُغيّرًا معادلة القوى في المنطقة. هذه العمليات، مع ما تمثله من إرادة صامدة وتضامن مع المظلومين، تُشكل دافعًا قويًا لمزيد من التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية والضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها.
فتجد أن الجميع علق مع اليمن ولم يتزحزح عن دائرة الهزيمة ومربع الخسارة في المواجهة مع اليمانيين، ويمكن أن يتعظ الصهاينة بذلك، وإن هم كابروا يمكنهم العودة إلى غابر التاريخ، ففي اليمن سقطت رؤوس الاستعمار القديم تمامًا كما سقطت هيمنة العصر الحديث.
الصواريخ اليمنية لا تغادر سماء الكيان الغاصب، وإن غابت يومًا تحضر الطائرات المسيرة، وجنوبًا حيث البحر الأحمر ترابط قوات البحرية، في تكامل عسكري أصاب الصهاينة بالإحباط، وأسقط محاولة الاستفراد بغزة، وأيقظهم من سكرة الإنجازات في المنطقة، ليجدوا أنفسهم أمام جبهة لا نهاية لتعقيداتها، معلنين عجزهم عن مواجهة منفردة مع اليمن، باحثين عن تحالف دولي وربما أعرابي.
والثبات على العهد الذي قطعه اليمن منذ الساعات الأولى، بالانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني، مُسطرًا موقفًا متكاملاً، عسكريًا رسميًا وشعبيًا، مُتحملًا تبعات الموقف. وقد أفشل تحالفًا دوليًا في البحر الأحمر، وأسقط أهداف العدوان الأمريكي البريطاني، ووسع عمليات البحرية، وطالت يدُه الطولى عمق الكيان الغاصب، كاشفةً عن خلل كبير في أنظمة الدفاع الصهيونية. ليُمثل حضور اليمن أحد أهم العراقيل أمام حلم التوسع والهيمنة، ويفرض على العدو الانكفاء أو الدخول في مواجهة معقدة، ما بعدها لن يكون كما قبلها، ولهم في عشر سنوات عبرة كافية إن كانوا يعقلون.