المنبر الاعلامي الحر

لا يَنصر القُدس إلا مُؤمن ولايَخذله إلامُنافق

لا يَنصر القُدس إلا مُؤمن ولايَخذله إلامُنافق

يمني برس-بقلم- سيما حسين

اقتضت مشيئة الله وحكمته أن يجعل القضيّة الفلسطينية محورًا مفصليًا للنصر، وشاء الله بمقتضى علمه أن يجعلها الاختبار الأهم والمقياس الأدق في تمحيص وغربلة أبناء الأمة الإسلامية والعربية على وجه الخصوص،وأن تكون المعيار الأساسي في تحديد مواقف أهل الحق والنُّصرة والوفاء،ومواقف المُرتَهنين بيد الأمريكي والإسرائيلي والعملاء والخونة ممن هم محسوبين على الإسلام وهم واقعًا لايَمُتُّون له بأيّ صِلة.

 

وفي خِضمّ كل المراحل التي عانى منها الشعب الفلسطيني وتجرَّع ويلاتها، منذ النّكبة الفلسطينية وحتى اليوم وجدنا القضية الفلسطينية بحق هي العلامة الفاصلة والفارقة للتمييز بين الخبيث والطيب، ومرآة الحقيقة التي كشفت لنا أوجه النِّفاق المُتلبِّسة باسم الدين، والمُتسَربِلة تحت عباءة التملُّق والدَّجل، والمُلتَحية بلِحية التزييف والإضلال والانحراف،والمُسبِّحة بحمد قرن الشيطان وأوليائه.

فكم من علماء سوء ظلّوا يتشدَّقون بنصرة القضية الأقدس على كل مِنبر، وكم من حكام وزعماء استمروا في تحريك مصالحهم باسم قضية الأُمّة، ويومًا بعد يوم كانت الصورة تتضح أكثر وأكثر فجاءت أحداث السابع من أكتوبر لتكون صفعة قوية ومُدوية رطمت بالقناع الأبيض المُمثِّل دور حامي أقدس مقدسات الأمة، فكشفت لنا عن دياثة مايخبئ القناع تحته من سواد قاتم وضلال وكذب، وعمَّا يُخفيه من عمالة وانبطاح وانسياق وراء الأطماع والمصالح الشخصية وانجرار وراء التطبيع العَلني بكل بجاحة وجُرأة ودون أي استحياء من كل مايُرتكب من جرائم بشعة بحق الإنسانية في فلسطين ودون أي اكتراث لنداءات الاستغاثات المبحوحة بالقهر والظلم والقتل.

 

لقد تمايزت الصفوف، واتضحت المواقف، وتكشفت الأقنعة، وفُتح السِّتار عن طاولة التطبيع، وافتضحت مؤامرات ماخلف الكواليس لتكون على مرأى ومسمع العالم الإسلامي فهل من مُدَّكِر؟!!

 

هذه المرحلة ليست كقبلها، وأحداثها المتسارعة والمُزلزلة تحتاج لمواقف عظيمة بحجمها، وأبناء الأُمة اليوم أمام أصعب الاختبارات وأهمها، وأمام مُنعطفات خطيرة يجدر بهم أن يحذروها، وأمام سُبل كثيرة قد فرَّقت بهم عن سبيل الله، فعليهم أن يُحدِّدوا وجهتهم ويُثَبِّتوا بوصلتهم نحو القدس كي لاينصرفوا عن أهم قضاياهم أو يغفلوا عن عدوهم الحقيقي.

 

كانت القدس ولازالت هي القضية الجامعة والتي وحَّدت الأمة، فهي مركز الدائرة التي لفَّت الأحرار حولها بحبل من الله بعد أن اعتصموا به وتوكلوا عليه فشكّلوا مِحورًا للجهاد والمقاومة ورسموا حدود هذه الدائرة وخطوطها الحمراء المُلوَّنة بدماء تضحياتهم واستبسالهم فداءً لأقدس قضاياهم وأولها وأهمها، ستكون هذه الدائرة حبل المشنقة لكل الأعداء ابتداء من العملاء والمنافقين اللذين تجردوا عن كل المبادئ والقيم الإنسانية والأخلاقية وباتوا رِجسًا يلوث الأمة وكاهلًا يثقلها حمله ، وقداسة القضية وطهاراتها لاتقبل أن تنجسها شرذمة ملعونة بمواقفها المُتخاذلة والغادرة، فالقدس بقداستها وعظمتها ونقاء قضيتها وعدالتها وأحقيتها ستكون الفاضحة الكاشفة لأبناء الأمة فلاينصرها إلامُؤمن ولايخذلها إلامُنافق.

 

فيا أُمة الإسلام، أما والله إنّكم لمُمتَحنون، وقد فُتِنتم بالقضية،وحُمِّلتم الأمانة، ودُعيتم للنُّصرة، وقد نادى فيكم داعي الجهاد أن انفروا خفافًا وثقالا،وإلا تنفروا يُعذِّبكم الله ويستبدِل قوما غيركم، واعلموا أن الله مدَّ لكم حبله فاعتصموا به، ووعَدَكم بالنَّصر فتوكلوا عليه،وقد شاء تعالى بإذنه أن يجعل القدس دُرّة النصر الموعود، والحق الذي سيُرتجع لأهله فلا تُفرِّطوا في حقكم، ولا تغفلوا عن عدوكم.

 

ولاعُذر للجميع أمام الله فماقد مررنا به من أحداث باهرات، وآيات جليَّات واضحات، لهي كفيلة بايضاح أهل القضية وناصريها، ومن خانوها وانسلخوا عنها،وماحصل ويحصل من جرائم بشعة وظُلم كبير تكاد السماوات يتفطَّرن منه، وتنشق الأرض، وتَخِرّ الجبال هدّا، لِهَول مايُرتكب بحق إخوتنا في غزة،كلّ هذا كان كافيًا لاستنهاض الأمة وايقاضها من غفلتها وتبيين مظلومية الشعب الفلسطيني على مر السنين، ويقينًا أنَّه من لم يتحرَّك فيما مضى فلن يتأثر بماهو آت، فأيّ شيء ينتظره الجامدون أكثر من ذلك ولم يبقَ مُحرّم إلا وانتُهِك ولاعرض إلا واستُبيح،ولادم إلا وأُريق.

 

ستظل القدس ختمًا إلهيا للأمة، لتختم على جبين كل فرد فيها دون أي استثناء، فإما أن تختم بختم الحُرية والعزة والغلبة لمن ناصرها وساندها ووقف معها في محنتها، وإما أن تختم بختم الخزي والذل والقهر لكل من فرّط فيها وتنصل عن مسوؤليته لنصرتها، وبالقدس يكون الختام الأكبر لنصر عظيم مؤزر قد وَعَدنا الله به في وعد الآخرة وهي نواة معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس وثمرة نصر الله وعزته.

 

فطوبى لمن ناصر القضية قولًا وفعلًا، وقبَّح الله وجوهًا تنصلت عن مسؤولياتها وفرَّطت فيها وتواطأت بيد أعداءها وتنكرت لدينها أو صمتت وتفرّجت دون أن يكون لها موقف عملي يُبرئ ذمتها أمام الله، ومايشهده العالم اليوم من مواقف مُشرِّفة أو متخاذلة فإنها تُغنينا عن التعريف بالاسم وتكفينا للتمييز بين حزب الله النُّجباء عن حزب الشيطان الطُّلقاء.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com