غزة مُستمرّة في تغيير وجه العالم
غزة مُستمرّة في تغيير وجه العالم
يمني برس ـ بقلم ـ سند الصيادي
عقد في صنعاء المؤتمر الدولي الثالث “فلسطين قضية الأُمَّــة المركزية” بمشاركة شخصيات من مختلف القارات، والذي يأتي في إطار الاهتمام الجاد والصادق بالقضية الفلسطينية والمناصرة للشعب الفلسطيني، وسعيًا لحشد وَتكامل الجهود لإعادة تشكيل المواقف الإقليمية تجاه القضية الفلسطينية.
لا يتعلق الموضوع هنا بتفاصيل المؤتمر ومقرّراته، وإنما بالمشهد العام الذي يعقد فيه هذا المؤتمر، وتحديدًا في صنعاء التي تعرضت ولا تزال لأكبر وَأشنع حملة عسكرية ودينية وَسياسية وثقافية وإعلامية، والتي جند ضدها في هذه السياقات كُـلّ جهلاء الأرض لقتالها، ها هي تقدم اليوم نفسها قبلة لكل أحرار العالم والأمّة، إذ يعقد هذا المؤتمر وصنعاء لوحدها تقدم كافة أشكال الإسناد للأشقاء في فلسطين في مواجهة طواغيت العالم، متجاوزة التنظير إلى الميدان.
وعلى أعتاب هذا المؤتمر والتحولات الجارية في الثقافة الجمعية للإنسانية، نستذكر مراحل مرت في التاريخ العربي والإسلامي المعاش والقريب حملت تفاصيلها عنوان التشهير بالتنظير.. بين المناهج والمذاهب والقوى في الداخل الإسلامي عُمُـومًا والعربي على وجه الخصوص.
في تلك المراحل نجح الطرف الأقوى إمْكَانات وإعلاماً بتسيد المشهد وَحصد الجمهور وَغير قناعاتهم تجاه الطرف الآخر الذي لا يملك هذه الأدوات وانزوى مكلومًا يشكي ضعفه وقلة حيلته أمام ما يواجهه من حملات.
كانوا يجردون هذا الطرف بتقسيماته العربية والإسلامية ليس من الإسلام والعروبة وحسب، بل من الإنسانية وَالآدمية، يساعدهم في ذلك أن المرحلة لم تكن قد جرى فيها تمحيص واختبار عملي لصدق هذه التنظيرات من عدمها بشأن الطرفين عُمُـومًا، اليوم نحكم عليها بأنها كانت مرحلة ضبابية ظالمة وَمجافية تمامًا للحقيقة.. وَنحن نعيش مرحلة اسمها التطبيق العملي، التي نسفت كُـلّ القناعات السابقة والجهود الكبيرة للتشهير للآخر والتحسين للذات.
جاء اختبار غزة الذي لم يكن الأول لطبيعة المواقع والتمترسات، غير أنه كان الأشد وضوحًا وَتمييزاً في تفاصيله الأليمة والدامية وفي إفرازاته التي ستعيد إنتاج العالم بوجه مختلف ومغاير، جاء كتشخيص لنزعة الدين والعروبة والإنسانية معًا، ليس على مستوى الأُمَّــة وحسب وإنما على مستوى العالم أجمع، فسقط فيه كُـلّ المنظرين، المترفين، أدعياء الدين والأممية والوطنية، وَنجح فيه أُولئك القلة، المنبوذون، المخونون، وظهرت مواقف إيجابية من دول وقوى ومكونات ما كنا لنكتشفها لولا هذا الاختبار العصيب، سبحان الله.
العبرة، أن الله حق والأرض له وَالعاقبة، ولن يترك الباطل دون أن يفضحه ويغلبه، كما لن يترك الحق دون أن يظهره وينصره.