عزيمةٌ من نور.. وعشرٌ من نار
يمني برس || مقالات:
عشرُ سنواتٍ مرّت، لم تكنْ مجردَ أرقامٍ تُحصى، بل كانتْ دهرًا من التضحياتِ الجسام، وبحرًا من الدماءِ الزكية، وسماءً مُلبدةً بغيومِ الحزنِ والألم، ومختبرًا قاسيًا صقلَ العزائمَ، وطوّرَ القدرات، وأظهرَ المعادنَ النفيسة. عشرُ سنواتٍ عجاف، ذاقَ فيها اليمنُ الأبيُّ صنوفَ العذابِ، وتجرّعَ مرارةَ الحصارِ الظالم، واكتوى بنارِ الحربِ المستعرة، وشاهدَ بأمِّ عينِهِ الدمارَ والخرابَ ينهشُ جسدَ الوطنِ الغالي. عشرُ سنواتٍ، كانَ يُرادُ لها أن تكونَ نهايةَ الحلم، وقبرًا للطموح، ومحوًا للهوية، ولكن… هيهات!
فقدْ أثبتَ اليمنُ، في هذهِ السنواتِ العِجاف، أنَّهُ شعبٌ لا يعرفُ المستحيل، وأنَّهُ أمةٌ لا تنحني للعواصف، وأنَّهُ قصةُ صمودٍ أسطوري، لم يشهدْ لهُ التاريخُ مثيلًا. صمودٌ تحدّى قوى الظلمِ والطغيان، وتجاوزَ كلَّ التوقعاتِ، وأذهلَ العالمَ بأسره، وأثبتَ للعالمِ أجمع أنَّ الإرادةَ الحرةَ لا تُقهر، وأنَّ الحقَّ يعلو ولا يُعلى عليه، وأنَّ النصرَ حليفُ المؤمنين، مهما طالَ الطريق، ومهما اشتدَّ الكرب.
عشرُ سنواتٍ، واليمنُ يعاني، ويُقاسي، ويُضحي، ويُناضل، ليس فقط من أجلِ نفسه، ومن أجلِ استعادةِ حريتِهِ وكرامتِهِ وسيادتِهِ، بل من أجلِ نصرةِ قضايا الأمةِ العادلة، والدفاعِ عن المستضعفينَ والمظلومينَ في كلِّ مكان، ومواجهةِ الظالمينَ والمستكبرينَ في كلِّ زمان. عشرُ سنواتٍ، واليمنُ يُجسدُ معانيَ العروبةِ الأصيلة، والإسلامِ الحقيقي، والإنسانيةِ النبيلة.
عشرُ سنواتٍ، واليمنُ يُناصرُ فلسطينَ، ويقفُ إلى جانبِ غزةَ الصامدة، ويُعلنُ للعالمِ أجمع، وبصوتٍ يجلجلُ كصوتِ الرَّعد، أنَّ القدسَ عاصمةٌ أبديةٌ لفلسطين، وأنَّ القضيةَ الفلسطينيةَ هي القضيةُ المركزيةُ للأمة، وأنَّ تحريرَ فلسطينَ هو واجبٌ دينيٌّ ووطنيٌّ وإنسانيٌّ، لا يمكنُ التخلي عنهُ أو التهاونُ فيه. عشرُ سنواتٍ، واليمنُ يُرسلُ السفنَ إلى غزة، ويُطلقُ الصواريخَ على الكيانِ الصهيوني، ويُعلنُ الحربَ على أمريكا وإسرائيل، ويُحاصرُ السفنَ المتجهةَ إلى الموانئِ الفلسطينيةِ المحتلة، ويُقدمُ الغالي والنفيسَ في سبيلِ نصرةِ الأقصى، وتحريرِ الأرضِ المقدسة.
عشرُ سنواتٍ، واليمنُ يُفاجئُ العالمَ بقوةٍ عسكريةٍ متنامية، وقدراتٍ دفاعيةٍ متطورة، تُزلزلُ عروشَ الطغاة، وتُرعبُ قلوبَ المستكبرين. فبعدَ أن كانَ اليمنُ يعتمدُ على السلاحِ البسيطِ والمتواضع، أصبحَ اليومَ يمتلكُ صواريخَ باليستيةً دقيقةً، وطائراتٍ مسيرةً متطورة، وقدراتٍ بحريةً قادرةً على الوصولِ إلى أيِّ مكانٍ في المنطقة.
عشرُ سنواتٍ، واليمنُ يُرسلُ رسالةً واضحةً إلى العالمِ أجمع، رسالةً مفادُها أنَّ الظلمَ لا يدوم، وأنَّ الحقَّ ينتصرُ في النهاية، وأنَّ الشعوبَ الحرةَ قادرةٌ على تحقيقِ المستحيل، إذا ما آمنتْ بقضيتها، وتوحدتْ كلمتها، وتضافرتْ جهودها، وتسلحتْ بالإيمانِ والعزيمةِ والصبر، وطورتْ قدراتها، واعتمدتْ على نفسها. رسالةٌ تُؤكدُ أنَّ اليمنَ ليسَ مجردَ رقمٍ في معادلةِ الصراع، بل هو قوةٌ فاعلةٌ تُغيرُ وجهَ التاريخ، وتُعيدُ كتابةَ الجغرافيا، وتُلهمُ الأجيالَ القادمة.
فسلامٌ على اليمن، أرضِ العروبةِ والإيمان، ومهدِ الحضارةِ والتاريخ، ومنبعِ العزةِ والكرامة، ومصنعِ الرجالِ الأبطال، وقبلةِ الثوارِ الأحرار. وسلامٌ على شعبِ اليمن، الصابرِ المجاهد، الذي لم يلين ولم يستكين، ولم يرضخ ولم يستسلم، بل ظلَّ صامدًا شامخًا، يُقاومُ ويُجاهد، ويُعلي كلمةَ الله، ويُدافعُ عن الحقِّ والعدل، ويُنصرُ المظلومين، ويُحاربُ الظالمين، ويُفاجئُ العالمَ بقوتهِ المتنامية.
وإنَّ غدًا لناظرهِ قريب، وغدًا سيكونُ اليمنُ أكثرَ قوةً وعزةً وكرامة، وغدًا ستنتصرُ فلسطين، وغدًا ستتحررُ الأمة، وغدًا سيسودُ العدلُ والسلامُ في الأرض. هذا وعدُ الله، ووعدُ اللهِ حق.
بقلم/غيداء شمسان غوبر*