ترمب وسياسة التخويف
أحمد الشريف
يكفي اليمن فخراً ممثلا في قيادته الثورية الحكيمة وقواته المسلحة الشجاعة بمختلف أفرعها بأنه أسقط هيبة أمريكا وكسرها إلى الأبد وأثبت من خلال تحديه ومواجهته للغطرسة الأمريكية والدخول معها في حرب مباشرة دفاعا عن اليمن وسيادته وعن الحق العربي الفلسطيني
بأن أي شعب مهما كان ضعيفا إذا ما تحرر من عقدة الخوف وأمتلك إرادته الوطنية الحرة قادر على مواجهة أية قوة تعتدي عليه والتصدي لها بل والانتصار عليها وهذا ما جعل إدارة المجرم ترمب تصب جُم غضبها على اليمن حيث تقوم قواتها بقصف الأحياء السكنية في صنعاء المحروسة وعدد من المحافظات خاصة محافظة صعدة فتقتل المدنيين الذين جلهم من الشيوخ والنساء والأطفال وتدمر الأعيان المدنية ثم تُعلن في بياناتها العسكرية للشعب الأمريكي وللعالم بأنها قامت باستهداف معسكرات من تسميهم الحوثيين وأنها قتلت الصف الأول من قياداتهم ودمرت مخازن الصواريخ وو…الخ، متفاخرة بأنها قد قضت على قوات الحوثيين تماما كما كان يفعل ناطق تحالف العدوان احمد عسيري في بياناته العسكرية مع بداية شن العدوان على اليمن عام 2015م الذي دخل عامه الحادي عشر قبل أيام قليلة ، لكن الغريب والعجيب في حماس إدارة المجرم ترمب واستماتتها في الدفاع عن إسرائيل بل ولتصبح وكيلة عنها ومستعدة أن ترتكب أفظع الجرائم من أجل عيون الكيان الصهيوني والدفاع عن قادته المجرمين قد يقودنا إلى البحث عن معرفة السبب والتوقف أمام هذا الإصرار الأمريكي العجيب لخوض معارك جانبية تخفيفاً عن الجيش الصهيوني ومساندة له وفي نفس الوقت تبريرا لجرائمه وكأن ما يقوم به من قتل وتدمير وحصار وتهجير لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والاعتداء على جنوب لبنان وسوريا هو دفاع عن نفسه وأنه مظلوم ومعتدى عليه، بينما سر اندفاع إدارة المجرم ترمب لخوض حرب شاملة ضد اليمن دفاعا عن هذا الكيان اللقيط يكمن في وعد قيادة هذا الكيان لترمب بأنهم سيضغطون على اللوبي الصهيوني المتحكم في السياسة الأمريكية لتعديل الدستور الأمريكي بحيث يسمح لترمب بخوض الانتخابات القادمة عام 2028م للحصول على ولاية رئاسية ثالثة لحكم أمريكا والتحكم في مصير العالم الخاضع لأمريكا والخائف منها من خلال عنجهيته وغطرسته والتي يمارسها حالياً في الأشهر الأولى من تسلمه لولايته الثانية لأنه وجد من لم يعترض على تصرفاته ولا يوجد من يقول له لا، وقد علقت فرنسا على هذه التصرفات بعد فرضه رسوما جمركية تستهدف الاقتصاد العالمي ككل ولا تستهدف بلد بعينه بالقول: أن ترمب يتصرف وكأنه سيد العالم ولا يستبعد أن تكون هذه التصرفات الجوفاء بداية لتحول ترمب إلى غورباتشوف آخر فيتم على يديه تفكيك أمريكا وما يؤسف له أن الحكام في العالم العربي قد أصبحوا جميعهم وبدون استثناء ما عدا اليمن يدينون لهذا الطاغية ترمب بالولاء والطاعة ومستعدون أن ينفذوا له كل توجيهاته وأكبر برهان لهذا الخضوع المهين أن من قابلهم ترمب من الحكام العرب في البيت الأبيض أو تواصل معهم تلفونيا لم يكن أيا منهم يجرؤ على أن يناقشه أو يعترض على ما كان يمليه عليهم فظهروا متبلدين أمامه مثل القطة المخنوقة، بينما رئيس أوكرانيا عندما استقبله ترمب في البيت الأبيض وكان معه نائبه ورغم الضغوط التي مورست عليه على الهواء مباشرة بهدف إحباطه وتخويفه ولكنه تماسك ورفع صوته مدافعا عن نفسه وعن قضيته بصوت مرتفع، وعليه وانطلاقا من الخوف والرعب الذي زرعته أمريكا وخاصة إدارة ترمب في قلوب ونفوس الحكام العرب وكأنه بالنسبة لهم إله يجب أن يعبد والعياذ بالله لا يمكن للعرب في ظل وضعهم الحالي أن تقوم لهم قائمة ولا يمكن لهم أيضا أن يمتلكوا شجاعة الاعتراض على ما يقوم به القادة الصهاينة بضوء أخضر أمريكي من إجرام لم يشهد له التاريخ مثيلا في حق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حيث لم يكتف الجيش الصهيوني بالقتل اليومي والتدمير المُمنهج وإنما فرض على أبناء القطاع حصارا خانقا حيث تم إقفال المعابر ولم يسمح بإدخال أية مساعدات انسانية عبرها بهدف أن يموت سكان غزة جوعاً وعطشاً وهذا ما هو حادث مُنذ أكثر من شهر.
وعندما قام اليمن بعملية إسناد للشعب الفلسطيني في غزة من خلال استئناف منع الملاحة الصهيونية في البحرين العربي والأحمر وقصف يافا المسماة اسرائيليا تل أبيب بالصواريخ الفرط صوتية عقب توجيه مهلة أربعة أيام للكيان الصهيوني لرفع الحصار وإيقاف العدوان والالتزام بما تم الاتفاق عليه عبر الوسطاء بما فيهم أمريكا ولم يستجب القادة الصهاينة لهذه المهلة فاستمر اليمن في إسناده لقطاع غزة بعد أن تخلى عنه العرب والمسلمون وواجه العدوان على غزة صمت دولي مريب قامت إدارة ترمب بالتصدي للموقف اليمني وخالفت القوانين الأمريكية التي لا تسمح لأي إدارة أمريكية بشن حرب على دولة أخرى إلا بموافقة الكونغرس فشنت الحرب على اليمن بحجة الدفاع عن الملاحة الدولية التي لم تتعرض لأي أذى من قبل اليمن وقد واجه هذا العدوان الأمريكي على اليمن دفاعا عن اسرائيل نقدا حادا في الداخل الأمريكي فقد صرح مسؤولون أمريكيون بأن هذا العدوان محسوب على دافع الضرائب في أمريكا ومخالفاً لقوانينها، بينما الحقيقة المُغيبة التي قد لا يعرفها هؤلاء المنتقدين هي بأن السعودية والإمارات والبحرين من تكفلت بدفع تكلفة العدوان على اليمن وهو ما جعل إدارة ترمب تواصل عدوانها الذي يزداد شدة بتجاهل تام للانتقادات التي تعترض عليه لأنها تعرف أن الممول لعدوانها خارجي من السعودية ودول خليجية ولذلك لن يترتب عليه أية تبعات تؤثر على إدارة المجرم ترمب داخلياً وكذلك لن يحاسب ترمب على ما قام به من أجل عيون إسرائيل التي عشمته بولاية ثالثة لحكم أمريكا في مقابل أن يتحول إلى عبد طائع لها يحقق لها كل أهدافها في فلسطين والشرق الأوسط وربما يتحقق لها ذلك بفضل خنوع الحكام العرب وإذلالهم حيث يعتقدون بأن تحركهم للاعتراض فقط على تصرفاته وليس بالدخول في عمليات إسناد للشعب الفلسطيني في غزة سيطيح بكراسيهم ويحرمهم عروشهم التي يتحكمون من خلالها بشعوبهم فأذلوها تماما وجعلوها لا ترى إلا ما يراه لها حكامها مستمدين قوتهم عليها من قوة فرعون الذي انتهى به الحال إلى الغرق، وهو ما جعل هذه الشعوب عاجزة حتى عن الخروج إلى الشارع في مظاهرة نصرة لفلسطين وتنديدا لما يحدث لأبنائها في غزة من قتل وخراب ودمار وذلك أضعف الإيمان، ومن هنا نؤكد أن اللوم بالدرجة الأولى على ما يحدث من انهزام وذلة يقع على الحكام العرب الخانعين وليس على قادة الكيان الصهيوني المستقوين عليهم الذين وجدوا أمامهم الميدان مفتوحا من جهاته الأربع يسرحون فيه ويمرحون ويعملون فيه ما يشاءون والعرب والمسلمين يتفرجون على اعتداءاتهم وكأنهم يشاهدون مباراة بين فريقي كرة قدم ويصفقون للفريق الفائز، ولله في خلقه شؤون.