المنبر الاعلامي الحر

من وحي دروس الشهيد القائد.. غزة وحالة تفريط المسلمين في تحمل مسؤوليتهم

إبراهيم يحيى الديلمي

مما لا شك فيه أن أمتنا أصبحت تعيش اليوم في حالةٍ مزريةٍ تُعدُّ الأسوأ والأخطر عبر كل مراحلها التاريخية التي مرت بها على الإطلاق، حيث باتت تعيش في حالةٍ مؤلمةٍ من التفتت والضعف والانحطاط، وهي الحالة التي دفعتها إلى حالةٍ أشد منها يمكن التعبير عنها بحالة التراخي في أداء مسؤوليتها تجاه ما يحصل من جرائم أمام عينيها، هذا ناهيك عن السكوت والتفريط وعصيان أوامر الله ورسوله، ما جعل منها في نهاية المطاف فريسةً سهلةً للعدو يذبحها متى شاء وأنى يشاء.

كل ذلك جاء نتيجة عددٍ من العوامل أهمها:

• الابتعاد عن الله والتماهي المذل مع سلوك ونهج كل الأنظمة العميلة التي تحكمها، ولا يهمها إلا تحقيق مصالحها ومصالح من تعمل لمصلحتهم، وليس لمصلحة الأمة والدين والأوطان.

• عدم معرفة الأمة بقائدها الحقيقي الذي لا يخشى في الله لومة لائم، والذي يجب عليها اتباعه وموالاته وطاعته بما يحقق لها الأمن والعزة والنصر على مستوى كل البلدان.

ولعل هيمنة هذين العاملين هو ما أنتج مواقف عقيمة وسلبية أمام قضايا تخصها، وهي تكاد تكون القضايا الأكثر حساسية على مستوى العالم برمته.

التفريط في غزة وفقدان الولاء لله:

كان تفريط الأمة في سكان وأهالي غزة هو المصيبة والكارثة الأعظم، فمنذ ما يقارب العام ونصف العام، وقطاع غزة المحدود المساحة والمغلق جغرافيًا، ما يزال يمر بأسوأ كارثة إنسانية شهدها التاريخ الإنساني عمومًا، وذلك نتيجة العدوان الإسرائيلي الحاقد والفظيع على القطاع، والذي أدى حتى يومنا هذا إلى استشهاد وجرح 167457 إنسانًا، وأحدث دمارًا هائلًا وغير مسبوق في كل شيء في القطاع، في ظل حصارٍ خانقٍ ومنعٍ تام لدخول أي قدر، ولو بسيط من المساعدات الإنسانية.

كل هذا وأمة المليار مسلم لا زالت متسمرةً في مكانها، تسمع وترى وتشاهد كل جرائم الإبادة الجماعية اللا معقولة بحق إخواننا في غزة، ولم تحرك ساكنًا لنصرتهم، وكأنها أمام قضيةٍ لا تهمها ولا تعنيها البتة، وهذا هو التفريط بعينه، التفريط في النصرة، التفريط في الالتزام بتعاليم الله وأوامره ونواهيه وفقدان الولاء له.

عقاب الله آتٍ:

يقول الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) في ملزمة دروس من غزوة أحد متحدثًا عن عمومية مجال الخسارة في غزوة أحد، واستحقاق العامة لتلك الخسارة نتيجةً لسكوت الناس: “من أين جاءت هذه الخسارة؟ هل الخسارة على النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) وحده أم خسارة على الكل؟ كانت خسارة على الكل؛ لأن أولئك الذين تثاقلوا – كما قال الله عنهم – تنازعوا، وفشلوا، وعصوا، استحقوا أن يؤدبوا، استحقوا أن يؤدبوا فعلاً، والأدب يأتي عامّ؛ لأن الآخرين سكتوا، ألم ينزل هؤلاء من الجبل والآخرون يشاهدونهم؟ لم يتكلموا، عندما يسكت الناس فالسكوت أحياناً يعبر عن الموقف الجماعي، فيكون الكل مستحقون للعقوبة”.

إذن وبحسب ما قاله الشهيد القائد (رضوان الله عليه) هناك عقوبة إلهية ولا شك ستحل بكل الفئات المتخاذلة في أمتنا، وهي الفئات التي نسيت مسؤوليتها أمام الله تعالى تجاه ما حدث ولا زال يحدث من جرائم إبادةٍ بحق إخوتنا المؤمنين والمجاهدين في غزة وكيف لا تعاقب وتحاسب؟! وهي الأمة الساكتة المتخاذلة عن النصرة والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ، أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ، فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ. إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا، وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ التوبة (39)

ويوضح الشهيد القائد أن هذه العقوبة قد تكون عبارة عن ضربة يتعرض لها المسلمون العصاة من الخارج بسبب ما ارتكبوه هم، يقول (رضوان الله عليه):

“متى ما عصى الإنسان، ويعصي وهو في موقع مهم جداً، ويتحمل مسؤولية للبشرية كلها، استحق أن يضرب على يد الآخرين؛ ولهذا قال الله: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ – يوم أحد – فَبِإِذْنِ اللَّهِ} يهيئ أن تضربوا؛ لتؤدبوا؛ لأنكم عصيتم، وتنازعتم، وفشلتم، وأنتم من تحملون رسالة مهمة، وقيادتكم قيادة عظيمة، رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ما ينبغي أن تتنازعوا مع وجوده، ولا ينبغي أن تعصوه، ولا ينبغي أن تفشلوا وهو قائدكم، وأنتم أيضاً من تحملون رسالة للبشرية كلها.

كما يؤكد الشهيد القائد (رضوان الله عليه) أن عقوبة من فرطوا من المسلمين عقوبة إلهية لابد أن تصيب المسلمين في الدنيا وأنها تكون مفاجئةً لهم يقول (رضوان الله عليه): “والقرآن الكريم أكد على أن العقوبات تحصل في الدنيا، وأي عمل يعمله الناس العقوبة هنا تكون مفاجئة، عندما مال المشركون مالوا وفاجأوا المسلمين، وهم يجمعون الغنائم، كانت هزيمة منكرة للمسلمين”.

ويقول أيضًا: “عقوبة إلهية؛ لأن الله سبحانه وتعالى، كما قال: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(الفتح: من الآية4) متى ما عصاه من هو يتحمل مسؤولية، ويحمل رسالة، المسلمون جميعاً في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في هذا المكان هم كانوا طليعة من يصلح البشرية كلها، عندما عصوا استحقوا العقوبة، ولكن كما قال الله {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} العفو يفسره بعض المفسرين بأن معناه: [العفو عن الذنوب، العفو عن الإثم]. الموضوع ليس موضوع إثم والاّ ما إثم، الموضوع موضوع عقوبات وقتيّة هنا في الدنيا، الإثم هناك في الآخرة”.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com