الرئيس المشاط يرسم ملامح المرحلة: لا تهدئة مع واشنطن.. واليمن في قلب معركة الأمة من رأس عيسى إلى غزة
يمني برس|
في توقيتٍ بالغ الحساسية من عمر المواجهة المفتوحة مع العدوان الأمريكي، وعند النقطة التي تتقاطع فيها الدماء اليمنية والفلسطينية في خندقٍ واحد، ترأّس الرئيس مهدي المشاط اجتماعًا استثنائيًا لمجلس الدفاع الوطني، خرج منه بخطاب استثنائي، بدا كخارطة طريق استراتيجية للمرحلة القادمة، في ظل تصعيد أمريكي متوحش، وتحولات دولية تزداد تعقيدًا.
الرئيس المشاط، وبنبرة صارمة لا تحتمل التأويل، أعلن انتهاء مرحلة “ضبط النفس”، ليحلّ محلها نهجٌ جديد عنوانه: “التصعيد بالتصعيد”، مشيرًا إلى أن الغارات الأمريكية، وآخرها استهداف ميناء رأس عيسى، لن تمر دون ثمن.
لم يكن الخطاب انفعالًا مؤقتًا، بل إعلانًا صريحًا لتحول مبدئي واستراتيجي في مقاربة صنعاء للعدوان، مع رسالة مزدوجة الاتجاه: لواشنطن، بأن اختبار الصبر اليمني قد انتهى، وللإقليم بأن صنعاء اليوم ليست على الهامش، بل في صدارة معادلة الردع الإقليمي.
في ثنايا كلمته، بدا الرئيس المشاط وكأنه يتحدث باسم غزة بقدر ما يتحدث باسم صنعاء، مشددًا على أن العدوان على اليمن ليس سوى وجه آخر للمخطط الصهيو-أمريكي الذي يسعى لإخضاع شعوب المنطقة وكسر إرادتها، من البحر الأحمر إلى فلسطين، ومن الخليج حتى أقصى المحيط.
هذا الربط بين اليمن وفلسطين، كما يراه المراقبون، لا يستند إلى عاطفة فقط، بل يعكس بناء تحالف ميداني وأخلاقي يعيد رسم خريطة المواجهة في المنطقة، ويمنح اليمن شرعية إضافية في معركته ضد الهيمنة الأمريكية وربيبتها “تل أبيب”.
وعلى الصعيد العسكري، حمل الخطاب إشارات لا تخفى؛ استعدادٌ تام، وتطورٌ مستمر في القدرات، ورسائل توحي بأن اليمن لم يُفصح بعد عن كامل ترسانته، وأن مفاجآت قادمة قد تغيّر قواعد الاشتباك.
وفي موازاة الجبهة العسكرية، سلط الرئيس الضوء على متانة الجبهة الداخلية، مؤكداً أن الرد لا يُختزل في الصواريخ والطائرات، بل يمتد إلى الإعلام والاقتصاد والأمن والموقف الشعبي الموحد خلف القيادة الثورية ممثلة بالسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي.
واحدة من أبرز رسائل الخطاب تمثلت في إعلان واضح عن استقلالية القرار اليمني، بعيدًا عن أي مناشدات أو وساطات دولية. لم يكن خطاب استجداء أو مهادنة، بل خطاب من يملك زمام المبادرة، ويخوض معركته بقرار سيادي محض، لا يقبل الإملاء أو التهديد.
ووفقًا لمحللين، فإن خطاب 20 أبريل يُمثّل نقطة تحوّل فارقة، فالرئيس المشاط لم يقدّم مجرد بيان موقف، بل دشن مرحلة مواجهة جديدة، تتّسم بالندية، وجرأة القرار، ووضوح الاتجاه.
ولعل أبرز ما يلخص هذه المرحلة الجديدة، هو ما اختتم به المشاط خطابه: “من رأس عيسى إلى غزة.. دمٌ واحد وسلاح واحد ومعركة واحدة”، في تأكيدٍ على وحدة الجبهات واتساع رقعة المعركة التي لم تعد تُخاض من موقع دفاعي، بل هجومي استباقي.
ومع هذا التحول، يصبح من الواضح أن أي رهان على إنهاك اليمن قد سقط، إذ باتت صنعاء تقاتل اليوم ضمن أفقٍ أوسع: أفق فلسطين، أفق الأمة، وأفق السيادة التي لا تُساوم.