فشل العدوان على اليمن ينفجر داخل البنتاغون.. مطالباتٌ بإقالة وزير الحرب
يمني برس |
تحوَّلَ العدوانُ الأمريكي على اليمن إلى بوابةِ فضائحَ وانتقاداتٍ مُستمرّةً لإدارة ترامب ووزارة الحرب الأمريكية بشكل خاص.
فإلى جانب الفشلِ العملياتي الذريع والمتناقض بشكل صارخ مع دعايات “الحسم” التي رفعتها الإدارة الجديدة، كشفت تقاريرُ جديدة عن أزمات متتالية يعيشها البنتاغون فيما يتعلق بتسريب معلومات حول خطط العدوان، وكذلك التعامل الإعلامي مع تفاصيله، الأمر الذي طال حتى وزيرَ الحرب الأمريكي نفسه.
وكشفت صحيفةُ “نيويورك تايمز” الأحد، أن وزيرَ الحرب الأمريكي بيت هيجسيث، سرَّبَ معلوماتٍ عن خطط العدوان على اليمن في محادثة أُخرى على تطبيق “سيغنال” التجاري للمراسلات، لأشخاص من خارج الدائرة المعنية بالأمر، من ضمنهم زوجته ومحاميه.
وتعتبر هذه ثاني فضيحة من هذا النوع بعد أن قام كبار مسؤولي الأمن القومي في إدارة ترامب -بما في ذلك وزير الحرب- بتسريب خطط بدء العدوان على اليمن في محادثة أُخرى على التطبيق نفسه، في مارس الماضي، من خلال دعوة أحد الصحفيين إلى المحادثة بالخطأ.
ووَفقًا لـ”نيويورك تايمز” فَــإنَّ من ضمن المعلومات التي سرَّبها وزيرُ الحرب الأمريكي في المحادثة الثانية، جداولَ طلعات مقاتلات (إف-18) التي تعتدي على اليمن.
وكانت إدارة ترامب قد حاولت لملمة الفضيحة الأولى من خلال الادِّعاء بأن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض لم يقدم “خطط حرب” فعلية في المحادثة على تطبيق “سيغنال” مع أنه فعل ذلك، لكن الفضيحة الثانية وتسريبها يؤكّـد وجودَ فوضى فعلية داخل البنتاغون.
وجاءت تسريبُ الفضيحة الجديدة بعد يومين فقط من قيام وزير الحرب الأمريكي بإقالة ثلاثة من كبار موظفيه “الأكثر ولاءً له” حسب تعبير صحيفة “بوليتيكو”، بتهمة تسريب معلومات حسَّاسة، وقد أشَارَت الصحيفة إلى أن هناك أنباءً عن إقالات أُخرى قد تحدث داخل البنتاغون.
وَنقلت شبكة “سكاي نيوز” عن نائبة السكرتير الصحفي للبيت الأبيض آنا كيلي قولها بشأن الفضيحة الأخيرة لوزير الحرب الأمريكي: إن من قاموا “بتسريب” المحادثة هم “مسؤولون كبار تم طردهم من البنتاغون الأسبوع الماضي؛ بسَببِ قيامهم بتسريب معلومات، وهو ما يعني أن مِلف اليمن مرتبط بهذه الإقالات.
وقد سلّطت وسائل إعلام أمريكية مؤخّرًا الضوء على أن البنتاغون أصبح يلتزمُ بسياسة تكتُّمٍ شديدةٍ وغير مسبوقة بشأن تفاصيلِ العمليات في اليمن، ويرفض تقديم أية إجابات على أبسط الأسئلة بشأن هذا الموضوع، برغم أن وزيرَ الحرب نفسه كان قد وعَدَ بالشفافية؛ الأمر الذي اعتبرت التقاريرُ أنه يعزِّزُ المعلوماتِ المتزايدةَ بشأن فشل العدوان على اليمن في تحقيق أية أهداف، وكذلك المخاوف من استنزاف موارد الجيش الأمريكي بلا جدوى.
ويأتي تحوُّلُ البنتاغون إلى سياسة التكتم الكامل، بالتزامن مع الإقالات، بعد مجموعة من التصريحات التي نقلتها وسائل إعلام أمريكية منها “نيويورك تايمز” و”سي إن إن” عن مسؤولين في البنتاغون بشأن التكاليف الهائلة للعدوان على اليمن والتي تجاوزت مليارَ دولار في غضون ثلاثة أسابيع فقط.
بالإضافة إلى المخاوفِ الكبيرة لدى قادة الجيش الأمريكي في المحيطَين الهادئ والهندي بشأن استنزاف مخزونات الأسلحة الدقيقة ضد اليمن، وفوق ذلك كله الاعترافات بأن الغارات على اليمن لا تحقّق أيَّ نجاح في تدمير القدرات العسكرية اليمنية.
وهذه التفاصيل كان من المتوقع أن تبرُزَ في مرحلة ما في ظل غياب الإنجازات، كما حدث في عهد إدارة بايدن، لكنها هذه المرة برزت بسرعة لافتة بعد أقلَّ من شهر واحد فقط على بدء العدوان؛ الأمر الذي يبدو أنه أجبر البنتاغون على التحول إلى سياسة التكتم ومحاولة اتِّخاذ إجراءات صارمة بشأن تصريحات مسؤوليه.
وقد اعتبر المتحدث السابق باسم البنتاغون، جون أوليوت، أن ما يحدث في وزارة الحرب الأمريكية منذ فضيحة تسريب خطط شن العدوان على اليمن يمثل “انهيارًا كاملًا”، مُشيرًا إلى أنه “من الصعب تصوُّرُ بقاء الوزير هيجسيث في منصبه لفترة أطول”.
ونقلت شبكةُ “سكاي نيوز” عن أعضاء في مجلس الشيوخ مطالباتٍ بإقالة الوزير هيجسيث؛ بسَببِ مخاطر التسريبات بشأن اليمن.
وإلى جانب ما تُظهِرُه هذه الفوضى من انفجارٍ عكسي واضِحٍ للعدوان على اليمن، فَــإنَّها تُثيرُ أَيْـضًا تساؤلاتٍ عما إذَا كانت الإدارةُ الأمريكيةُ تبحَثُ عن “كبش فداء” لتحميله مسؤوليةَ الفشل العملياتي الذريع للعدوان، والذي بدأت ملامحُه وأصداؤه العكسية تظهرُ بوضوح منذ أول الأيّام والأسابيع بشكل جعل إدارة ترامب محاصَرةً تمامًا وعاجزةً حتى عن الاستمرار في ممارسة التضليل الإعلامي بنفس المستوى الذي كانت تمارسُه في البداية.
وَنقلت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية عن مسؤولين في البنتاغون قولهم: إن هناك “قِصَصًا أُخرى أكثرَ ضخامة” قد يتم تسريبها خلال الأيّام القادمة في سياق الفوضى التي تشهدها الوزارة.
وعلى أية حال فَــإنَّ هذه الفوضى تمثل نموذجًا واضحًا للنتائج العكسية للعدوان على اليمن والتي يمكن القول إنها كانت متوقَّعةً بناءً على نتائج فشل العدوان الذي شنته الإدارة السابقة، حَيثُ أسفرت تلك الجولةُ عن اعترافات وتصريحات فاضحة بشأن حدودِ قدرات الجيش الأمريكي والبحرية الأمريكية، وانهيار أدوات ووسائل الردع أمام اليمن.
وعلى الرغم من أن تلك الاعترافاتِ لم تأتِ في سياق فوضى تسريبات كما يحدُثُ الآن، فَــإنَّها شكَّلت فضيحةً جليةً، حتى أن إدارةَ ترامب استثمرتها بشكل كبير في حملتها ضد بايدن وإدارته.