معهد واشنطن للدراسات:” خيارات النقل العسكري الأمريكي بين مُكلفة أو مُعرضة للخطر بسبب العمليات اليمنية”
يمني برس |
نشر معهد واشنطن للدراسات تقريرا أعده “جيمس إي. شيبارد”، مقدم في القوات الجوية الأمريكية، أوضح فيه أن “تعطيل الحوثيين لحركة الشحن في البحر الأحمر يهدد قدرة الولايات المتحدة على نشر قواتها وتزويدها بالإمدادات بسرعة في الشرق الأوسط وخارجه”
وأكد أن الحظر اليمني للملاحة الأمريكية يمثل تحديًا مباشرًا لما عرّفته الولايات المتحدة بأنه ” مصلحة وطنية جوهرية ” لأنه لا يخفى على أحد الدور المحوري لباب المندب الممر المائي في التجارة العالمية، إذ يُسهّل نقل بضائع بقيمة تريليون دولار سنويًا، بالإضافة إلى 30% من حركة الحاويات العالمية. كما يُمثّل أيضًا طريق عبور رئيسيًا للخدمات اللوجستية العسكرية التجارية، مما يُتيح نشرًا سريعًا وفعالًا للقوات والموارد الأمريكية عبر مسارح عمليات متعددة.
ولفت إلى أن “تكتيكات الحوثيين تشمل ضربات دقيقة بطائرات مسيرة وصواريخ كروز وصواريخ باليستية على نطاق واسع. موضحا أن العديد من شركات الشحن التجارية اضطرت إلى اتخاذ الطريق الأكثر تكلفة ماليًا وبيئيًا حول رأس الرجاء الصالح. وعلى هذا النحو، تعيق قدرات الحوثيين السرعة التي تعد بالغة الأهمية للوجستيات العسكرية، مما يثير تساؤلًا حول ما إذا كانت الجماعة قد “كبحت” واشنطن وشركائها في البحر الأحمر بشكل فعال”، الأمر الذي ينبغي على واشنطن أمامه أن على الشحن التجاري لنقل ما يصل إلى 80 في المائة من المواد الدفاعية. وإلى جانب قدرات النقل البحري الخاصة بالجيش، يمكن لوزارة الدفاع الوصول إلى السفن المملوكة للقطاع الخاص أثناء الأزمات من خلال اتفاقية النقل البحري متعدد الوسائط الطوعية، مما يعزز مرونتها ويخفض التكاليف ويضمن الانتشار السريع في المسارح البعيدة.
وأوضح أن محدودية موارد البحرية الأمريكية والتزاماتها الواسعة، حالت دون تمكنها مرافقة كل شحنة غير مسلحة لحمايتها. وعلاوة على ذلك، حتى السفن المصحوبة بمرافقة تعرضت للهجوم أحيانًا في البحر الأحمر، لذا فإن استمرار التهديد البحري الحوثي سيكون له تداعيات خطيرة على أي عمليات طوارئ تكون فيها الإمدادات اللوجستية بالغة الأهمية”.
وكشف أن أي شحنة نفط تسلك من بحر العرب إلى روتردام طريق رأس الرجاء الصالح البديل، فستحتاج إلى ما يُقدر بخمسة عشر يومًا إضافيًا وما يصل إلى مليون دولار من الوقود الإضافي، لذا يُتوقع أن تعاني الشحنات اللوجستية في الاتجاه المعاكس من تأخيرات مماثلة . وحتى لو كانت شركات النقل التجارية مستعدة للمخاطرة بتجنب هذا التأخير بالعبور عبر البحر الأحمر، فإن تأمين مخاطر الحرب قد يرفع التكاليف بنحو 1% من قيمة هيكل السفينة.
وقال التقرير : “بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، فإن زيادة وقت العبور حول أفريقيا سيجعل هذا الخيار غير عملي في السيناريوهات التي تتطلب نقلًا سريعًا وآمنًا للموارد العسكرية عبر مسارح عملياتية شاسعة. فالطبيعة العالمية لتنافس القوى العظمى تتطلب من البنتاغون نقل أصوله بين مسارح العمليات في أوروبا والوسطى ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ حتى في الظروف العادية، وسيكون استخدام باب المندب إلزاميًا كلما دعت الحاجة إلى ذلك”.
وأضاف: “النقل البحري هو وسيلة النقل الأكثر فعالية من حيث التكلفة المتاحة للخدمات اللوجستية العسكرية. أما النقل الجوي فهو أكثر تكلفةً ومطلوبٌ أكثر، لكن البنتاغون سيواصل استخدامه لإعادة التمركز الاستراتيجي الفوري للقدرات عالية القيمة. يستكشف القسم التالي كيف يمكن للجيش أن يزيد من استخدام وسيلة نقل ثالثة: النقل البري”.
بديل بري؟
وأكد التقرير أن “الحوثيين بفضل قدراتهم الصاروخية والطائرات المسيرة، سيستطيعون استهداف سفن الشحن في جميع أنحاء البحر الأحمر، ومعظم بحر العرب، وشمال المحيط الهندي، مع أن إصابة السفن المتحركة من مسافات بعيدة أمرٌ صعب” وبناءً على ذلك، فإن استخدام مجموعة متنوعة من طرق النقل، بالإضافة إلى باب المندب، قد يُسهم في تخفيف خطر الحوثيين”.
واقترحت شبكة عبر الجزيرة العربية (TAN) التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية إنشاء 300 مركز لوجستي – مطارات وموانئ بحرية ومراكز برية – عبر شبه الجزيرة العربية لتنويع خيارات الشحن. على سبيل المثال، يُمكن لبعض السفن تجاوز المضيق والرسو في جدة؛ ومن ثم يُمكن نقل حمولتها جوًا أو برًا. وكما ذُكر سابقًا، تقع جدة ضمن نطاق نيران الحوثيين، لكن إدخال هذه الطرق البديلة وغيرها من الطرق سيُسبب معضلات استهداف للجماعة، ويُتيح مرونة أكبر في عملية صنع القرار الأمريكية، بهدف تعزيز السلامة العامة والمرونة”.
كما تم اقتراح خيار آخر هو “الممر البري بين الإمارات وإسرائيل، وهو طريق تجاري يمتد من ميناء حيفا الإسرائيلي عبر الأردن والمملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة، ليصل إلى الخليج العربي متجنبًا البحر الأحمر تمامًا”. و”تعمل شركتا نقل بالفعل على طول هذا الطريق، وهما شركة “تروك نت” الإسرائيلية وشركة “بيور ترانس” الإماراتية، وقد تكونان من أبرز المرشحين للتعاقد مع الجيش الأمريكي”. كون الممر “مجهز حاليًا لاستيعاب ما يصل إلى 350 شاحنة يوميًا ، وهو ما ينافس أو حتى يتجاوز شبكة “تان” العاملة بكامل طاقتها”.
وأضاف أنه مهما كانت الخيارات التي تختارها واشنطن، ستظل البدائل المرنة والقادرة على الصمود ضرورية ما دام الشحن البحري مهددًا. ومع المزيد من الاستكشاف واتخاذ تدابير أمنية مناسبة، مثل تعزيز الدفاعات الجوية في موانئ التفريغ، يمكن لكلٍّ من الممر البحري العابر لقناة السويس والممر الإماراتي الإسرائيلي تلبية هذه المتطلبات، وتلبية احتياجات النقل العسكري في منطقة الشرق الأوسط، وربما حتى تقليص أوقات التسليم إلى مواقع في الأردن والكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ولتخليص الولايات المتحدة من هذا المأزق اقترح التقرير “تصعيد الحملة الحالية على الحوثيين إلى ما هو أبعد من الضربات الجوية الأمريكية. ويتطلب الأمر تهديدًا موثوقًا من القوات البرية اليمنية، بالتنسيق مع شركاء موثوقين مثل السعوديين أو الإماراتيين. يجب دعم المجلس الرئاسي للقيادة، وهو كيان حكومي يمني معترف به من الأمم المتحدة، لاستغلال الفرصة التي تتيحها الضربات الجوية الأمريكية”.
كما اقترح “توسيع التعاون الأمني. من خلال تسريع واشنطن الجهود الدبلوماسية لحشد تحالف راغب من الدول التي ستستفيد من أمن البحر الأحمر، بما في ذلك الشركاء الإقليميون مصر وإسرائيل والأردن والمملكة العربية السعودية” على أن تكون قوة المهام البحرية “أسبايدس” التابعة للاتحاد الأوروبي، وإن كانت تعاني من نقص الموارد، نقطة انطلاق جيدة لتمكين تقاسم الأعباء الدفاعية مع القوات الأمريكية.