صرخة غزة تعري العالم
صرخة غزة تعري العالم
يمني برس- بقلم- خلود عبد الواحد همدان
في زمن بات فيه الدم يسفك جهارا نهارا على أرض غزة، وتدفن البراءة تحت الركام بآلة صهيونية لا تعرف الرحمة، وتحصد الأرواح البريئة بذخيرة أمريكية لا تفرق بين مقاتل وطفل رضيع، في هذا الزمن الذي يطبق فيه الصمت العالمي المريب ككفن ثقيل على ضمائر ماتت أو كادت تموت، ويتكئ فيه المتواطئون على فراش الخذلان يشاهدون مسلسل الرعب المدمي الذي يخرجه المخرج الرعديد الصهيوني بدم بارد، وتتولى رعايته أم الإرهاب أمريكا بوقود الحقد، ويموله من باعوا ضمائرهم من أبناء جلدتنا، من أصبحوا مجرد أحذية على أقدام جلادنا في المنطقة.
ثم ماذا بعد..؟! على الشاشات تبث المجازر مباشرة وحصرية، تعرض فصول الإبادة الجماعية بكل تفاصيلها البشعة، ويمعن عالم النفاق بالمشاهدة، لا بعين المتألم فحسب، بل بعين من اعتاد المشهد، وتأقلم مع الألم، حتى بات روتينا يوميا لا يحرك ساكنا.
تلك المشاهد التي تدمي القلب وتسجر الفؤاد حزنا جسيما لكن لا شيء بعد لا يتحرك ليوقف هذا الطغيان ليردع هذا العدوان لينجد تلك الضحايا من الأطفال والنساء لا يساند لا يدافع لا يقاطع بل يزداد جمودا وتخاذلا وتكبلا وتبلد فيقمع ويلجم ثم ماذا بعد؟! يفتر يمل يتثاقل لا يبالي ثم لا يهمه أمر المسلمين فلا يعد منهم ثم يرضخ للطغاة ويتولاهم فيصبحون ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾. يسارعون في موالاة الأعداء خوفا من دائرة تصيبهم، متناسين أن الدائرة الحقيقية هي دائرة الخزي والندم التي ستصيبهم حين يأتي وعد الله بالفتح والنصر.
وفي خضم هذا المشهد المؤلم، غزة تذبح من الوريد إلى الوريد، غزة تباد غزة تتألم غزة مثخنة بالجراح ثم تصرخ من عمق الألم يا فاقدين الضمائر يا عديمي الإنسانية غزة تنادي يا عرب أين أنتم؟! وهل أحد سيستجيب لا والله فهم تحت أقدام بن غفير خانعون مهانون أذلاء منحطون يتشبثون بكراسي السلطة ورغد العيش ومترفون بحب المال والبنون ويذرون ورائهم يوما عبوسا قمطريرا.
لكن غزة ليست مجرد ألم وجراح. غزة العزة المظلومية الواضحة الجلية غزة حيث تقطن الحرية غزة منبع الصمود والثبات غزة حامية المقدسات غزة الصلابة والإرادة والبسالة والعنفوان غزة العصية على العدو المحتل غزة زوال الكيان اللقيط الأرعن غزة عنوان العزيمة الربانية الإيمانية حين تنوب عن أمة بأكملها لتخوض معركة ضارية استجابة لله وللأقصى الشريف المحتل غزة الصوت المدوي المرعب لكل متصهين مستوطن غزة باقية وستبقى لتدوس على رأس الظلم والطغيان والكبرياء والصلف، غزة باقية حتى تقلد وسام النصر والغلبة غزة باقية حتى ترفع بيارق النصر من على مآذن القدس بإذن الله والعاقبة للمتقين.