اليمن.. صمود شعب وفشل عدوان
بقلم / نسيب حطيط
عام على بدء عدوان “الحزم” على اليمن بعنوان تأييد الشرعية المهاجرة إلى الرياض هرباً من جيشها وشعبها وحلفائها الجدد من “داعش” و”القاعدة”.
عام على عدوان لم تأذن له صورياً الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والهدف إعادة الشرعية وإلزام “أنصار الله” و”المؤتمر الشعبي” والجيش أن يعودوا إلى الحظيرة السياسية السعودية بما يسمى الاستعباد السياسي أو تجارة الرقيق التي اعتادها السعوديون ولم يتخلوا عنها رسمياً إلا في العام 1962 ظاهراً، لكنهم مارسوها حتى اللحظة بميادين الهبات والمساعدات وشراء الذمم والمواقف السياسية..
لقد استولد عدوان “التحالف العربي” على اليمن نتائج مأساوية على صعيد القانون الدولي والإنساني، تجلى بما يلي:
1- الصمت العالمي على الجرائم التي يرتكبها العدوان، والتي اضطرت مؤخراً مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لوصفها بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية،لكنها لم تتحرك حتى الآن لمحاسبة المعتدين.
2- استعمال الأسلحة المحرمة دولياً؛ من قنابل عنقودية وحارقة وغيرها، والتي يشتريها العدوان من أميركا وأوروبا المتحضرة،فالقاتل هو من صنّع وباع، وكذلك من اشترى وقصف.
3- سكتت الجامعة العربية ودولها وأحزابها ومنظماتها الأهلية، وبقي الشعب اليمني وحيداً يواجه مصيره ويقاوم جوعه ومرضه وحصاره، ولم يتحرك أحد.
4- دمّر العدوان الإرث الحضاري لليمن الغني بالآثار منذ آلاف السنين؛ في عملية انتقام صهيوني – عربي يماثل ما تفعله “داعش”بآثار سورية والعراق، ومع ذلك لم نرَ الشيخ القرضاوي وعلماء المسلمين يستنكرون كما فعلوا عندما ذهبوا إلى أفغانستان للطلب من “طالبان” عدم تدمير تمثال “بوذا”الشهير، فـ”داعش” بوجهيها الرسمي والميليشياوي تمارس الإرهاب الثقافي في اليمن وسورية والعراق..
5- عشرات آلاف الشهداء والجرحى ومئات المنازل والمساجد والحسينيات والجسور،ولم يبقَ في اليمن إلا جبالها وصخورها وشعبها المقاوم، ولم تُهزم..
هذه هي خسائر اليمن، فما هي خسائر السعودية في حرب العام الدموية؟
1- لم تستطع السعودية إعادة اليمن إلى “بيت الطاعة” السعودي، فانفعلت وارتبكت.. لقد بدأ المستضعفون بالتمرد على المملكة!
2- انكشفت عورة المملكة أمام الرأي العام، فلا هي زعيمة العرب، حيث فشل “التحالف العربي”، ولم يبق إلا الإمارات التي تناقضت معها في عدن، ولا هي زعيمة العالم الإسلامي بعد فشل “التحالف الإسلامي” وانسحاب معظم الدول التي لم تعرف أنها منتمية إليه إلا في الإعلام، وبقيت المملكة وحيدة على رصيف العدوان.
3- اعترفت المملكة بـ”أنصار الله” الذين هاجمت اليمن لإبادتهم، واضطرت للتفاوض معهم لتبادل الأسرى وإقامة هدنة على الحدود،فتراجعتوانكشفت،وبدل أن يفاوض اليمنيون حكومة هادي وبحاح و”الإخوان”،فإنهم يفاوضون المملكة دون قفازات.
4- توحّد الشعب اليمني قبائل وجيشاً وأحزاباً أمام العدوان، وأمام الغرباء من “القاعدة” و”داعش”، ورزح الجنوب اليمني تحت الإرهاب التكفيري والسيارات المفخخة، وما قالت السعودية إنها حررته من أراضٍ ومدن اليمن أخذته “القاعدة” و”داعش”، ولم يبقَ للسعودية وأتباعها اليمنيون إلا السيارات الانتحارية والاغتيالات.
5- خسرت السعودية استقرارها المالي وتصنيفها الائتمائي، وبدأت تخسر أمنها الاجتماعي بعد رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء وتخفيض منح البعثات التعليمية، وصولاً إلى محاولة الاقتراض عشرة مليارات دولار، وتخصيص شركة “أرامكو” النفطية، وذلك خلال عام واحد من الحرب على اليمن،ما أظهر عجز المملكة عن مقاومة الاستنزاف المالي.
6- خسارة المملكة حوالي عشرة آلاف عسكري بين قتيل وجريح وأسير، وهذا ما تتعرض له المملكة لأول مرة منذ تمردها على السلطنة العثمانية وحربها مع محمد علي باشا،فقد انزلقت السعودية في النار اليمنية التي أشعلتها بعدما شاركتفي إحراق العرب بـ”الربيع” الخادع.
لقد صمد اليمنيون،ما هيّأهم لاسترداد سيادتهم وحقوقهم.. قاتلوا وحدهم إلا مع بعض الشرفاء، وماتوا وحدهم، وجاعوا وحدهم، وتشردوا واحترقوا لكنهم لم يرفعوا راية الاستسلام، وهم مستعدون للصمود أكثر مهما طالت الحرب، فتاريخهم ينبئ بذلك، والأهم أن حرب اليمن – السعودية أدت إلى نتائج عكسية، فاليمن بدأت ولادته الجديدة المستقلة، والسعودية بدأ انهيارها، وإنهاء الدولة – المملكة لصالح تغيير في بنية النظام، ولا يعني هذا أن العائلة المالكة ستُعزل من الحكم،لكن لن تبقى كما كانت، وسينتقل السعوديون من طبقة الرعايا إلى مستوى الشعب، ويرتقي اليمنيون من فئة العبيد المستعمَرين إلى فئة الأسياد المستقلين.
تحية لليمن.. مع دعائنا بالانتصار.