الولايات المتحدة بيع للحلفاء وتنكر للأصدقاء.. بقلم / أمة الملك الخاشب
يمني برس – كتابات
المتابع لتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية بتعاقب حكوماتها ورؤسائها ولو اختلف الحزب الحاكم ما بين الجمهوري والديمقراطي لكن الأسلوب يظل نفسه وهو الملاحظ جليا أنها تتخذ نفس النمط في بيع حلفائها والتخلي عن أصدقائها بل البراءة منهم بعد طول الخدمات التي يقدمونها لها ولو كان الإخلاص والوفاء لها منقطع النظير. ويكون التخلي عن حلفائها عندما يصلون إلى وضع لا يستطيعون أن يقوموا فيه بالأدوار التي تدعمهم لأجلها، وبغض النظر عن الطرف الذي سيتولى الحكم من بعدهم، فقد كانت تتدبر أمرها بانقلاب عسكري للإطاحة بحليفها وتسليم العسكر الحكم وفق تفاهمات بينهما، أو تتفاهم مع قيادة المعارضة شرط المحافظة على مصالحها، كما حصل في الفلبين عام 1989، أو تنسحب ولا تتحمل مسئولية مشاهد الفساد والدكتاتورية التي مارسها الحليف لخدمة مصالحها وبنصائحها وتوجيهاتها لتتركه لمصيره الهالك وهكذا ديدنها، فعندما عادت بناظير بوتو إلى باكستان من منفاها بتشجيع أمريكي، كانت عودتها بداية مشهد انتهاء الجنرال برويز مشرف رغم كل ما قدم من خدمات للولايات المتحدة ومشروعها في أفغانستان، وشجع سيادة العلمانية الغربية ومحاربة الجماعات الإسلامية، وبعد أن تم اغتيالها استمر المخطط الأمريكي بالإطاحة به، من خلال ورثتها، لأن دوره في خدمة مشروع الولايات المتحدة في شبه القارة الهندية كان قد انتهى، ولحق مصير من سبقه من حلفاء الولايات المتحدة في تلك المنطقة، وكما فعلت الولايات المتحدة مع الرئيس الإندونيسي الجنرال سوهارتو بعد حكم دام 33 عاماً، وطالبته بالاستقالة في 20/5/1998 الذي قام بدوره بتسليم الحكم لنائبه بعد ساعات وفي نفس اليوم. المشهد العربي الحديث لا يختلف عن المشاهد التي سادت في آسيا وأمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا من قبل؛ فقد تخلت أمريكا عن الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي فور تقديرها أنه أصبح عاجزا عن القيام بالمهام التي من أجلها تدعمه، وبعد أقل من عشر دقائق من إقلاع طائرة بن علي لتغادر تونس إلى الأبد، توجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتحية الشعب التونسي وتهنئته بانتصاره لحقوقه، وفي مصر تخلت الولايات المتحدة عن الرئيس حسني مبارك الذي طالما انسجم مع سياساتها ومصالحها في المنطقة، وعلى الأخص فيما يتعلق بحفظ عملية السلام والعمل لها بل وخلق أزمات لمصر مع الجيران الفلسطينيين وغيرهم من أجل عملية السلام هذه، ولم يشفع له لذلك عندما بدا للولايات المتحدة أنه لم يعد قادرا على القيام بالمهمة، حيث طالبه الرئيس الأمريكي بالعمل على تسليم السلطة سلميا، وموقف أمريكا مع الرئيس صدام حسين ليس ببعيد، فبرغم ما قدم لها من خدمات على مدى سنوات طوال وإقحامه الجيش العراقي في حرب عبثية ضد الدولة الإسلامية في إيران لا تخدم سوى النظام الأمريكي المتضرر الأكبر من ثورة الإمام الخميني بعد فقد مصالحه مع الشاه إلا أن ذلك لم يشفع له فكان نهاية نظامه على يد أمريكا ولولا أنها وجدت في العراق حركات مقاومة ضد الاحتلال الأمريكي لما انسحبت بعد عشر سنوات ارتكبت فيها أبشع الجرائم هناك. لهذا فإن التحالف مع أمريكا لا يشكل ضمانا لحماية الحلفاء من الحكام من غضب شعوبهم، وهناك مقولة للبروفيسور عبد الوهاب المسيري -رحمه الله- :”إن العلمانية الغربية تعتقد بأن الإنسان أداة استعمال، وعندما تنتهي فاعليتها تلقى جانبا، وهكذا تتعامل الولايات المتحدة مع حلفائها أو عملائها أو المراهنين عليها أو المحتمين بها فالدرس الكبير والأساسي الذي على الكل أن يدركوه أن إرادة الشعوب أقوى من إرادة أمريكا وأن الولايات المتحدة لا تبالي أبدا مع من تتحالف حتى لو تحالفت مع عدوها بالأمس لحفظ مصالحها وأنها لا تكلف نفسها أن تقدم أي تضحية لحماية أو الدفاع عن أي دكتاتور أو زعيم إذا شعرت أنه أصبح عبئا عليها، وأن الفزاعات من “الأصولية الإسلامية” و”أعمال العنف والإرهاب” ضد إسرائيل التي كان يلجأ بعض الحكام العرب إلى استخدامها لتبرير وجودهم بدعم الولايات المتحدة لم تعد تجدي نفعا حتى لدى الإدارة الأميركية وحلفائها الغربيين خصوصا بعد تكشف وسقوط الأقنعة أن هذه الجماعات التي تدعي أنها اسلامية المسماة داعش والقاعدة ماهي إلا صنيعة الاستخبارات الأمريكية الإسرائيلية لخدمة مصالحها في المنطقة ولتبرر تواجدها وتدخلها في شئون الدول العربية والإسلامية ثم تأتي لتقدم نفسها كداعية للديمقراطية وكحامية لحقوق الإنسان، وكصديق وفي وحمل وديع لا يؤذي أحداً وأكثر ما يزعجها ويثير سخطها هو أن تشعر أن الشعوب توجه بوصلة العداء والسخط ضدها لأنها عملت جاهدةً بكل الطرق والأساليب أن تعمل على خلق عدو وهمي للشعوب العربية والإسلامية يسمى العدو الفارسي والرافضي لحرف الشعوب عن العدو الحقيقي وهو العدو الإسرائيلي وحليفه الأمريكي. (النظام السعودي هل حان الوقت لتتخلص منه أمريكا؟) فوجئ العالم والنظام السعودي بتصريحات الرئيس أوباما في صحيفة أتلاتنيك الأمريكية وهو يكيل سيل التهم للنظام السعودي لكننا لم ندهش أبدا لأن من يقرأ التاريخ يستطيع التنبؤ والتوقع بما حصل خاصة تاريخ أمريكا فبعد كل ما أسلفت في هذه القراءة البسيطة من ذكر لتاريخ أمريكا يستطيع الاستنتاج لهذه النتيجة من تنكر للخدمات وبيع للحلفاء حتى أي شخص ولو لم تكن عنده خلفية سياسية فالنتيجة المتوقعة لا تحتاج لمحلل سياسي أو عبقري فقط تحتاج لشخص يمتلك خلفية تاريخية من تاريخ الولايات المتحدة. كما أن السيد عبد الملك ظل يحذر النظام السعودي الأحمق المتصهين الغبي منذ أول خطاب ألقاه بعد العدوان بأن أمريكا لن تنفعهم وبأنها أول من سيرميهم ويتخلى عنهم بعد أن تأخذ ما تريده منهم وبعد استخدامهم في خدمة مصالحها لكن هل آن الأوان لأمريكا أن تتخلص وتتبرأ من النظام السعودي بعد خدمة ما يقارب ثمانين عاما حسب تعبير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق في رسالته الشهيرة لأوباما؟ التي نشرت على الملأ وفي مختلف وسائل الاعلام مع أنه من المفترض أن رسالة كتلك أن تكون في منتهى السرية بين البلدين؟ وكان يصفه بالسيد أوباما لأنه ظل سيدهم وتاج رؤوسهم منذ توليه سدة الحكم في أمريكا مثله مثل سابقيه من الرؤساء المتعاقبين على حكم الولايات المتحدة، ويرى بعض المراقبين أن النظام السعودي لا يزال يأمل ويعول أن تتغير نظرة الولايات المتحدة لهم بعد نهاية حكم أوباما حيث أنه في آخر سنواته ولا زال يتقرب للنظام الأمريكي بكل ذل وغباء وهوان لعل وعسى أن يرضى عنه ويشيد به وبخدماته في الشرق الأوسط لكن لا يستبعد أن النظام الأمريكي هو أول من سيطالب بمحاكمة آل سعود بتهمة ارتكاب جرائم حرب في اليمن وغير اليمن لتظل صورة الولايات المتحدة ناصعة البياض. وفي تصريحات الناطق باسم البيت الأبيض الأخيرة باستبعاد قرب حل سياسي في اليمن مؤشر قوي أن أمريكا لاتزال هي المتحكم بقرار العدوان على اليمن وبأنها لا تزال تستفيد من نظام آل سعود الغبي والعميل حتى آخر لحظة، وأنها لم ترتو بعد من دماء اليمنيين، ولا تزال متعطشة للمزيد من الخراب والدمار والقتل في اليمن وفي كل المنطقة لكن بأيادي آل سعود، وأنها ستظل تستخدمهم إلى أن تشعر أنهم أصبحوا عبئا عليها ثم تقول لهم إني بريئة منكم كما يتبرأ إبليس من أتباعه ويقول إني أخاف الله رب العالمين، وهي ستقول بلا شك لخدامها إني أبحث عن مصالحي ولا يهمني أحد من العالمين لكن السنن الإلهية وقصص التاريخ تثبت أن الله ناصر المستضعفين وأن نهاية كل دولة مستكبرة ستكون وخيمة، ومثلما يتوقع أغلب المحللين عدم صمود نظام آل سعود أكثر من عامين قادمين أو أقل لأن عمر دولتهم أصبح في مرحلة الشيخوخة، ولأن الله إذا أراد إهلاك قرية سلط سادتها وكبراءها يهلكون ويفسدون في الأرض ليعجل بزوالهم فجرائمهم التي ارتكبوها في اليمن وفي سوريا وفي البحرين وفي العراق حتى في حق المعارضين لهم ولو بكلمة من أهل نجد والحجاز مثلما تم إعدام الشهيد نمر النمر ومن معه بدم بارد وبعده مئات ممن تم إعدامهم دون وجه حق، فالبعض يعدم لمجرد نشره تغريدة في تويتر منتقدة لهم وكل تلك الدماء ستكون هي المزلزلة لعروشهم والمعجلة بزوالهم، وأنا أضيف هنا أنه ليس فقط نهاية النظام السعودي وسقوطه سيكون على أيدي اليمنيين لكن نهاية الدول المستكبرة بما فيهم أمريكا وإسرائيل ستكون على أيدي المخلصين الصادقين من نذروا حياتهم وموتهم لله رب العالمين، وهؤلاء هم المتبعون لأهل البيت وللإمام علي -عليهم السلام- بصدق وإخلاص واستشعار مسئولية أن تكون من شيعة أهل البيت الصادقين العارفين بحقهم، هؤلاء هم أنصار الله من تخاف منهم ومن شعارهم أمريكا وإسرائيل فلا بد أن تزول أمريكا وإسرائيل من الوجود ستكون بإذن الله حقيقة واقعية وليست مجرد شعارات. نشر في مجلة الهدهد الالكترونية العدد الخامس