أمريكا من بغداد إلَـى لحج.. فظائعُ جديدةٌ في مسلسل الانتهاكات وفصل جديد في اليمن
يمني برس- تقريرــ محسن علي الجمال
نظرةٌ قصيرةٌ على ما يجري في وطننا الحبيب وَخُصْوُصاً في المحافظات الجنوبية التي وطأتها قدمُ المستعمر الجديد من الأعراب المستعربة ودخول قوات المارينز الأمريكي إلَـى قاعدة العند الجوية ومدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت بعتادها العسكري بعدَ فشل تحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، وتعودُ بنا الذاكرة إلَـى شهر مارس من العام 2003 حينما احتلت القوات الأمريكية بغداد بذريعةِ السلاح الكيماوي والقضاء عليها، وظن العراقيون حينها أن الفرجَ قد أتى ولكن أمراً مرعباً كان بانتظار العراقيين الذين قدموا ورودهم ورياحينهم للقوات الأمريكية للترحيب بهم.
ورغم عدم ظهور حقائق وأدلة لسبب غزو العراق إلا أن ذلك لم يحرج الإدَارَة الأمريكية فقد قالها الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بأنه حتى لو لم يكن وجود أسلحة محظورة فانه سيقوم باجتياحها وهو ما يكشف النوايا الخبيثة لواشنطن.
واليوم السيناريو عينه وبالمقارنة مع العراق تحاول “أم الإرْهَاب والشيطان الأَكْبَر أمريكا تكراره في اليمن عبر إرسال جنودها إلَـى الجنوب للاحتلال بعد أن فشلت عناصرها من القاعدة وداعش، وأتت بحجة دعم ما يسمى التحالف العربي ومحاربة عناصر القاعدة التي أجحمت لطيلة سنوات مضت عن محاربتها وظلت طائراتها بلا طيار تجوب أَرجاء الوطن شماله وجنوبه.
فكانت الحججُ والمبرراتُ والتهم التي اصطنعتها وأطلقتها الولاياتُ المتحدةُ على العراق كثيرة، وهكذا تعملُ مع كُلِّ دولة تريد احتلالها وأَكْبَر ذريعة لهم هي الأحداث المصطنعة في 11 من سبتمبر 2001م والتي تمثّلت في استهداف الأبراج العالمية في نيويورك وقام جورج بوش الابن وقال “نحن سنحارب الإرْهَاب ومن لم يكن معنا فهو ضدنا”.
فقبل اجتياح العراق في العام 2003 ادعت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وبريطانيا وإسبانيا أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، وذلك يهدد أمنها وأمن حلفائها من قوات التحالف، وعدد من التهم التي وُجّهت للعراق من ضمنها الدعم المالي للمقاتلين الفلسطينيين وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل الحكومة العراقية، رغم أن الأمم المتحدة ومفتشي الأسلحة الدوليين لم يجدوا دليلاً على وجود أسلحة دمار شامل، وادعت أن سببَ ذلك ضعف المعلومات الاستخباراتية حول هذا الموضوع، إلا أن بعضَ المسؤولين الأمريكيين أفصحوا بالقول إن احتياطي النفط في العراق كان سبباً في قرار الغزو، تماماً كما يتعاملون اليوم بالشأن اليمني.
لذلك سَرعانَ ما بدأت أعمال العنف بين قوات التحالف والجماعات المختلفة في العراق، وبدأ التمرد في العراق والحرب غير المتكافئة والصراع بين السُّنة والشيعة والجماعات العراقية في العراق، مما أدّى ذلك الاضطراب إلَـى مقتل أَكْثَر من 85000 من السكان المدنيين في عام 2007، وقدر عدد اللاجئين 4.7 مليون.
فيما أشارت التقارير إلَـى أن عددَ الاشخاص الذين قُتلوا خلال الحرب بـ 1.3 مليون شخص، وفي شهر أغسطس 2008 احتل العراق المركز الخامس في مؤشر الدول غير المستقرة.
وبعد اجتياح مدينة بغداد وسقوطها المدوي أطلَّ الرئيسُ الأمريكيُّ السابقُ جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير ليتوجها برسالة إلَـى الشعب العراقي ويرددا فيها ما دأب الاستعماريون القدامى والجدد على قوله كلما دخلوا بلداً جديداً وأخضعوا شعبه بالقوة الغاشمة وهو الادعاء أن “جيوش التحالف” لم تدخل العراق غازيةً بل “محررة” وبشّرا الشعب العراقي بـ”الديمقراطية” وبـ”إعادة البناء”، وبهذه الألفاظ البراقة انخدع أهل العراق وتقاعسوا بهذه الألفاظ البراقة التي دفعوا ثمنها غالياً وقاموا بإلقاء الورود على المحتلين الغزاة.
سقوط بغداد والصدمة
بعد كُلّ التساهل والتخاذلِ والقعود أَمَـام قوات الغزو والاحتلال كانت الصدمة المروعة للعراقيين عندما نقلت الفضائيات مشاهد النهب والسرقة تحت أعين الغزاة والتي لم تقتصر على المحلات العمومية والخاصة بل طالت كذلك رموز الهوية الوطنية مثل المكتبات والمتاحف والتي فضحت أكاذيب الاحتلال منذ وطأت أقدامه أرض العراق في 20 مارس 2003، إضافة إلى نشرهم لعدد من الصور وهم يتداولون في كيفية التعذيب والاغتصاب والقتل في سجن أبو غريب والذي يعد مأساة الكثير من المعتقلين والسجناء العراقيين في السجون والمعتقلات الأمريكية والمعتقلات السرية العراقية.
وبدأ الاغتصابُ الأمريكي لنساء العراق في أعقاب الحرب مباشرة، لدرجة أنه بعد أقل من 40 يَوماً من سقوط بغداد وإعلان نهاية الحرب في 2/5/2003م، اتهمت لجنة حقوق الإنسان في العراق قوات الاحتلال الأمريكي والبريطانية والقوات الدنمركية أيضاً باغتصاب العشرات بل الآلاف من نساء وأطفال العراق، وقتل مئات العراقيين بعد اعتقالهم.
ولعل قصة (نادية) التي افتُضت غشاوة بكارتها وعُذريتها تعد إحدى ضحايا قوات المرتزقة الأمريكان والإسرائيليين وتناوبوا على اغتصابها بشكل يومي تقريباً وكانوا يخترعون في كُلّ مرة طرقاً جديدة أَكْثَر وحشية من التي سبقتها في سجن أبو غريب تلك القصة التي تناولتها وسائل الإعلام بشكل عام واحدة من مئات بل آلاف القصص المأساوية في العراق التي يندى لها جبين الإنسانية، وبعد أن روت قصتَها لوسائل الاعلام كانت آخر عباراتها بألم وحسرة ومرارة: (مَن سيشفي غليلي؟ ومن سيعيد عُذريتي؟ وما ذنبي في كُلّ ما حصل؟ وما ذنب أهلي وعشيرتي؟ وفي أحشائي طفل لا أدري ابن من هو).
وما فعله المحتلون الأمريكان من انتهاك للحرمات وهتك للأعراض والشنق وتقطيع البدن والتعليق والتعذيب بكل أشكاله التي تخطر على البال والتي لا تخطر على البال إلا في قاموس القتلة الصهاينة بحق الأسرى الفلسطينيين النجباء، فضلاً عن ارتكاب المحتلين الأمريكان جرائمَ كثيرةً بحق البلاد والعباد وهي معروفة للقاصي والداني.. لكن جرائم الاغتصاب والقتل بحق الأسرى العراقيين ستظل شواهد على عفن الحضارة الغربية.
لقد ارتكب المحتلون كُلّ الموبقات والمحرمات بحُجَّة التحضر، ثم ادعائهم بأنهم يريدون تصديرَ هذه الحضارة إلَـى العالم وخاصة العرب والمسلمين، قال تعالى عنهم: (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا).. ومثلما فعل أعداء الإسلام بالعراق فعلوا في فلسطين والشيشان والبوسنة والهرسك وكشمير وفي غيرها من بلدان العالم الإسلامي والأقطار العربية.. فطبيعة الكفر واحدة في كُلّ زمان ومكان.. قال تعالى: (وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ).. وقال تعالى: (لتجدن أشدَّ الناس عداوةً للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا).
وقد نشر صحفي أمريكي صوراً لكيفية تعذيب المعتقلين في سجن أبو غريب وَفضح الممارسات السادية لبعض جنود الاحتلال والتي تدل علي أحقر ما يمكن أن تصل إليه النفس البشرية، ولعل أحقر شيء فيما حدث هو عملية التصوير نفسها والتي تدل أن من قاموا بهذا العمل استمتعوا به لدرجة الاحتفاظ بصور تذكارية وكأنهم في رحلة سياحية.. والغريب أن الجنديةَ التي تظهر في معظم هذه الصور تبدو في مقتبل العمر وتبدو مستمتعةً وَكأنها في حديقة الحيوان.
كما تعرض التقريرُ لوسائل التعذيب المستخدمة في السجن والتي من بينها إجبار السجناء على لبس الأقنعة وأغطية الرأس لمدة أربعة أيام متتالية، إضافة إلَـى وجود سجناء عُراة في زنزانة عارية من كُلّ شيء في ظلام دامس وأجبر آخرون على ارتداء ثياب نسائية وعدد من وسائل التعذيب التي تعرض لها المعتقلون العراقيون علي يد الزبانية الأمريكان داخل سجن أبو غريب.
وما كان لتحالف العدوان الأمريكي السعودي الصهيوني أن يقومَ ويتطاول على الشعب اليمني إلا بعد كُلّ تلك الأحداث المتسلسلة ابتداءً بثورة الشباب التي اغتالتها أيادي من يتسعكون اليوم في فنادق الرياض ثم ما كان يخططون لتنفيذ الخطة المشؤومة والتي سميت بإنشاء الأقاليم ثم ما أسميت بهيكلة الجيش اليمني والتي تمّت عبر فرق أمريكية فرنسية أردنية وأشرف عليها مباشرةً السفير الأمريكي الأسبق في صنعاء “فايرستاين”، حيث تفصح معلومات استخباراتية أن الفار هادي سلّم للسفير الأمريكي حينها أَكْثَر من 4500 صاروخ سام مضاد للطائرات، وحسب المصادر فقد كانت فرق الهيكلة تحاول جمع جميع الأسلحة الثقيلة للجيش اليمني إلَـى هناجرَ واسعة في صنعاء؛ بهدف صيانتها ويسهل ضربها لكنه سَرْعان ما فشلت مساعيها وخابت آمالها.
فصل جديد في اليمن
واليوم في المحافظات الجنوبية بدأ فصل جديد من المؤامرة تمثل في ازدياد كثافة عمليات إنزال أعداد من جنود قوات المارينز الأمريكية داخل مواقع متعددة، لعل أبرزها في قاعدة العند ومدينة المكلا لغرض الاحتلال والنهب والسلب وهتك الأعراض وإدخال الضغائن والأحقادِ بين أَبْنَاء الوطن الواحد، الأمر الذي يعتبرونه طبيعياً إلا أن كُلّ هذه المعركة للعدوان والاحتلال هي سلسلة حلقات للوصول إلَـى تحقيق الهدف.
فيما إعلام العدوان يستخدمون سياسة الخداع والتضليل حول مزاعمهم، مما دفع بعض الإخوة في المحافظات الجنوبية لتصديق رواياتهم والتي يدعون انهم سيحتضنون القضية الجنوبية فيما هم اليوم قد قتلوها، وأحداثُ ومسلسل الاغتيالات والتفجيرات الإجْرَامية التي تضرب الآن المحافظات الجنوبية وتقتل أفرادها وتغتال قادتها خير دليل بل وستكشف مزيداً من الأسرار في قادم الأيام، وبالتالي أن صمتت ألسنتهم وصامت بنادقهم فالطبع سيحصل تدهور فظيع في المعيشة والصحة وَالسكن وفي كافة الخدمات التي تجبركم على الابتعاد من أرضكم ووطنكم واللجوء إلَـى العيش في وطن يبنونه لكم في العراء بالخيام كما عملت الأمم المتحدة مع أَبْنَاء سورية.
وإن لم يستنهضوا اخوتنا في المحافظات الجنوبية ويدركوا الأهداف المشينة التي تتربص بهم فلن ينفعهم الصراخ بعد فوات الأوان، وليعلموا أن غزو دولة أخرى واحتلالها مهما كان المبرر هو أهم وأخطر انتهاك لحقوق الإنسان التي تتشدق به القوانين الدولية والعالمية في هذا العالم.
ويَوماً بعد يوم.. تتكشف النوايا الشريرة اللعينة للقوات الأمريكية وتحالف العدوان السعودي الأمريكي التي يحاول اخفاءها وراء أقنعة مزيّفة لطمس حقده الأسود الدفين الذي اعترى كيانه المسخ وتملك نوباته الهستيرية والسادية فكان دموياً وعنيفاً إلَـى أبعد الحدود، فظائع جديدة في مسلسل الانتهاكات الجديدة.
فوراء قضبان الاعتقال صرخات تُكبت وأرواح تُزهق رافقها تعذيبٌ فاق التصورات بعد إهانات وإذلال مقصود ومتعمد فكان ذلك ظلماً كبيراً ووقاحةً قذرة لقلوب قاسية لا تعرف الرحمة والشفقة وأبت إلا أن تضرب كُلّ شيء عرض الحائط في سبيل تحقيق مبتغاها ومقاصدها الدنيوية الخبيثة على حسابِ باقي شعوب الأرض الآمنة، ذلك الحقد الأسود الذي طغى واستشرى في أنفس آثمة ضمها الشيطان لجنده.